قامت الحكومة المصرية منذ عام 2016 بتنفيذ برنامج طموح للإصلاح الاقتصادى يهدف إلى تحقيق معدلات نمو متسارعة ومستدامة وتحقيق التنمية الشاملة لمصر حيث وضع هذا البرنامج حلولا جذرية لمشكلات اقتصادية هيكلية كان يعانى منها الاقتصاد المصرى لسنوات طويلة وتم وضع البرنامج فى إطار رؤية مصر 2030 وقد ساهم برنامج الاصلاح الاقتصادى فى تحقيق نتائج إيجابية تمثلت فى زيادة معدلات النمو الاقتصادى وزيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية وزيادة نسب التشغيل وتراجع معدلات البطالة والتضخم ولكن على أرض الواقع وبرغم كل هذه المجهودات المبذولة لتحقيق الأهداف الانمائية المرسومة والخاصة بخارطة التنمية المستدامة إلا ان الواقع يؤكد أننا لن نكون دولة متقدمة بمجرد تحقيق معدل مرتفع للنمو الاقتصادى وإنما يتحقق تقدم مصر بتحولها إلى دولة صناعية، فالتقدم منذ الثورة الصناعية وحتى عصر العولمة الاقتصادية لم يتحقق فى أى مكان بغير التصنيع وبالتالى فإننا نؤكد على ان تعظيم القيمة المضافة فى شتى قطاعات الاقتصاد مرهون بما يتيحه التصنيع من إنتاج محلى لكل مستلزماتها من المدخلات المصنعة والتكنولوجية ولن يتحقق تقدم مصر على طريق التصنيع بغير أن نثق فى قدرتنا على أن نصبح دولة صناعية وأن ندرك ان محاولاتنا للتصنيع على مدى القرنين الماضيين رغم ما تعرضنا له من إخفاقات تؤكد تلك المقدرة ومن هنا جاء انعقاد المؤتمر الثامن للمنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام تحت عنوان «محركات التنمية الصناعية المصرية فى عالم الذكاء الاصطناعي» وتحت شعار «بالذكاء الاصطناعي.. المستحيل لا شيء» وهذا الشعار هو تجسيد حقيقى وتتبع لجذور الذكاء الاصطناعى منذ بداية أربعينيات القرن الماضى حيث زاد بالفعل الإنفاق العالمى على الذكاء الاصطناعى حيث يتوقع خلال العامين القادمين أن يزداد الإنفاق العالمى إلى أكثر من تريليون دولار من خلال ضخ الشركات العالمية مليارات الدولارات كاستثمارات فى هذا المجال وبالنظر للاستثمارات فى قطاع الصناعة الذكى فقد بلغت قيمة المصانع الذكية فى العالم 295 مليار دولار أمريكــى فى عام 2021 ومن المتوقع أن تصل إلى 514 مليار دولار أمريكى بحلول عام 2027 مسجلا معدل نمو سنوى مركب يقدر بحوالى 9.74 ٪ لذلك فإننا نعول على الذكاء الاصطناعى فى منع المشاكل المستقبلية بما لديه من قدرة فى تحديد أسباب الأعطال الفنية وعلاجها وضمان عدم تكرارها الأمر الذى يؤدى بدوره إلى ارتفاع مستويات كفاءة الإنتاج إلى حدودها القصوي، بالتالى جاء انعقاد هذا المؤتمر المتخصص الذى شارك فيه جمع من الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة ذات الصلة وهو أمر يحسب للقيادة السياسية المصرية الحكيمة التى دائماً تساند دور منظمات المجتمع المدنى باعتبارها من أضلاع مثلث التنمية وقد جاءت توصيات المؤتمر الإستراتيجى فى ضرورة تطوير وترويج البنية اللازمة لتشريعات وإستراتيجيات الذكاء الاصطناعى التى تزيد من فوائده وتخفف من التهديدات المحتملة على المجتمعات والصناعات، كذلك التأكيد على أهمية إعادة هندسة النظام التعليمي، فالمستقبل لن يحمل أى نقص فى العمل، فهذه التطورات قد يكون لها جوانبها الإيجابية لا سيما فى خلق العديد من الفرص الجديدة وظهور نوعية جديدة من الوظائف ولن ينجح فى العمل مستقبلا سوى من يستثمرون فى التعليم وفى ضوء متطلبات الثورة الصناعية الرابعة مع عدم إغفال أهمية تعزيز التعاون والشراكة بين القطاعين العام والخاص فى المشاريع الوطنية المشتركة وأهمية نشر أدوات الذكاء الاصطناعى لمواجهة التحديات التى تطرحها تطبيقات الذكاء الاصطناعى خصوصا فيما يتعلق بالخصوصية والأمن السيبرانى وأمن الشركات وأخيرا ضرورة النظر إلى الذكاء الاصطناعى باعتباره من المقومات الوطنية التى تتسابق إلى استخدامه كثير من الدول المتقدمة وأن مصر يجب أن تكون بحكم تاريخها وموقعها من الدول السباقة إلى استخدام تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعى لتحقيق مستهدفات رؤية مصر 2030.. وللحديث بقية إن شاء الله.