لقد ساهم تعدد النظريات التى تناولت المنهج فى تبنى صيغ جامعية أحدثت تحولات نوعية فى مجالات الحياة المختلفة؛ حيث ساعدت هذه الصيغ فى تلبية الطلب على التعليم، وأضافت للمعرفة رصيدًا هائلًا، وحققت إنجازات بحثية تغلبت على صور التحديات التى واجهت المجتمعات، والشعوب، وعضدت مسارات التنمية فى كل مجالاتها المختلفة؛ إذ أثرت بصورة إيجابية على الاقتصاد، وما تمخض عنه من إنتاجية متنوعة، حتى وصلنا إلى حد الرفاهية، والترف التى باتت الإنسانية تنعم بمفرداتها.
وقد تبنت الدولة المصرية العديد من الصيغ الجامعية؛ حيث إن هناك الجامعات الحكومية، أو ما نسميها بالكلاسيكية، والجامعات الأهلية من ذوات الجيل الرابع، والجامعات الخاصة التى تبنت المناهج الحديثة، والجامعات التكنولوجية التى أضحت مناهجها تستهدف إكساب منتسبيها الخبرات التعليمية الأكاديمية، والتطبيقية فى العديد من التخصصات التى يترقبها سوق العمل، والجامعات الأجنبية التى تبنت مناهج الدول التابعة لها وفق فلسفة سوق العمل العالمي.
وأرى أن هذا التعدد، والتباين فى الغايات من قبل المؤسسات الجامعية سالفة الذكر يقوم على فلسفة الفروق الفردية، ويقضى على الفجوات التى كنا نعانى منها متمثلة فى ندرة التخصصات، والمجالات، كما أن جميعها تحدث نوعًا من التوازن فى صور المعرفة، وألوانها، والخبرات، جديدها، وعمقها، والتى تقوم على نظريات علمية رصينة تسهم قطعًا فى إحداث البوتقة العلمية التى نستمد منها ما يفى باحتياجاتنا، وما يلبى طموحنا، وما يجعلنا نستشرف المستقبل، ونؤمن مساره لأجيال تلو الأخري.
وعندما نتأمل ما تقوم به مؤسسات التعليم الجامعى بصيغها المختلفة من جهود متوالية نحو تحديث مناهجها، وتعزيز مقومات العملية التعليمية، وآليات البحث العلمى بها، نستشعر الحرص، والدأب تجاه امتلاك منتسبيها مهارات القرن الحادى والعشرين، وقاعدة تلك المهارات التى تتمثل فى التفكير بأنماطه المختلفة؛ ومن ثم نتفق على أن من يمتلك مهارة التفكير الناقد يتمكن من القيام بالتحليل، والاستنتاج، والاستنباط، والخروج بالشواهد، وتقديم البراهين، والحجج، كذلك يستطيع أن يصدر أحكامًا سديدة، ويتخذ قرارات صائبة، ولا يقع فريسة للشائعات المغرضة التى تعد من أسباب تشويه الفكر.
لذا ندرك جميعًا أن نشاط بوابة البحث العلمى فى شتى الجامعات يجنى ثمرات كثيرة منها بناء مجتمع يتغلب على ما يواجهه من مشكلات، ومؤسسات إنتاجية تقدم منتجًا يتسم بجودة عالية، ومؤسسات خدمية تستطيع أن تؤدى أدوارها بكفاءة، واقتدار، ناهيك عن رؤى المستقبل التى تتمثل فى العمل المتواصل تجاه تعزيز مراحل التنمية فى صورتها الآنية، والمستقبلية، وهذا يحثنا دومًا على أن نقدم المزيد من الدعم اللوجستى المخصص لميادينه المختلفة.
دعونا نتطلع لشراكة مستدامة بين الجامعات بصيغها المختلفة، ومؤسسات العمل، والإنتاج؛ فالأمر يعود بالنفع الوفير لكليهما.