بعد 51 عاماًً من حرب العزة والكرامة ما زالت التحديات والمؤامرات مستمرة بل وأكثر قوة وشراسة عما كانت عليه فى الماضي، وللأسف هناك أشياء كثيرة تغيرت على أرض المواجهة، فالداخل وبفعل فاعل إخوانى، أصبح يواجه سيل من عمليات صناعة الفتنة والتحريض والعدو نفسه لم يعد عدواً واحداً فى العلن، وإنما أصبح ألف عدو وعدو ويعمل بمنتهى الخسة والجبن فى الخفاء لتنفيذ مخططاته الدنيئة، وكذلك المحيط العربى الذى أصبح «حزام نار» يهدد الأمن القومى المصرى بعدما كان محيط حماية، ومعه تحولت خريطة الوطن العربى إلى أرض معارك نأمل ان تنتهى فى القريب العاجل.. إذا نحن أمام سؤال مهم يحتاج إلى إجابة وهوما الذى تغير على مدار 51 عاماًً؟ وما هى أوجه التشابه والاختلاف لتلك التحديات التى كانت وتلك التى أصبحت؟.
فى وسط أتون النار المشتعلة بالمنطقة فالاقتصاد المصرى ليس بمعزل عما يجرى بل من الطبيعى ان يتأثر بما يحدث حوله، وبالتالى يواجه فى الفترة الحالية تحديات قريبة الشبه بل وأصعب من التحديات التى واجهها قبل وأثناء حرب أكتوبر1973، إلا أن روح أكتوبر 73 وتلاحم الشعب والقيادة والجيش كانت دافعاً قوياً لعبور هذه التحديات والانتصار عليها، مما يطرح سؤالاً آخر وهو.. كيف نستعيد روح أكتوبر 73 للتغلب على تلك التحديات الاقتصادية الصعبة التى نواجهها فى أكتوبر 2024؟ فى ظل وجود جماعة إرهابية مازال أعضاؤها ومريدوها يطلقون الشائعات والأكاذيب ويمارسون التشكيك لضرب الروح المعنوية للمصريين فى مقتل ويبثون مناخ الإحباط لوأد الأمل فى النفوس، مستغلين عدم وجود أحزاب قوية فى الشارع السياسى تستطيع تجميع طاقات الناس حول الإنجازات العظيمة التى تتم على أرض الواقع ويشهد بها العالم أجمع، مما أوجد فروقا جوهرية فى الطاقة الإيجابية عن عام 73 حيث كان الشعب بجميع طوائفه يتمتع بهذه الطاقة التى كانت أهم أسباب عبورالتحديات.
الحقيقة ان استحضار روح 6 أكتوبر 73 مهم جداً لنا كمصريين فى كل المجالات وعلى رأسها المجال الاقتصادى من خلال استنفار المواطنين والترويج لرؤية 2030، يحتاج إلى العمل على رفع الإنتاجية والتى بدورها ترفع أجر العامل وتوفر له معيشة مناسبة مما يرفع من طاقته الإيجابية، مع استمرار الاهتمام بالتدريب والتأهيل والتوسع فى المشروعات الصغيرة التى تمتص البطالة خاصة بعد تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى «ان مواجهة ارتفاع الأسعار بزيادة الإنتاج» وهذا ممكن جداً عن طريق المشروعات الصغيرة خاصة المرتبطة بالأمن الغذائى مع سرعة التحرك فى الثروة الداجنة للقضاء على سيطرة كبار المربين، وأيضاً وضع خطة قصيرة الأجل لتطبيق التمكين الاقتصادى للفقراء ومساعدة الناس على مكافحة الفقر من خلال برامج توعية، وكذلك اختيار الوقت المناسب لتطبيق منظومة الدعم النقدى بضوابط صحيحة عادلة بدلاً من الدعم السلعى المنهوب، وأيضاً إعادة هيكلة برنامج تكافل وكرامة وايجاد الآليات للمتابعة والتقويم وعدم تركها لمديريات التعليم والصحة لانهم مشكوك فى أدائهم ويعطون نتائج غير صحيحة، وكذلك الأفراج عن قانون الزراعة التعاقدية التى تنظم السوق حتى يصبح تنافسياً لأنها توازن بين المصالح وتعطى الفلاح حقه مما يؤدى إلى انعاكاسات كبيرة على المجتمع بدلاً من ترك الفلاح يعمل بنظرية العنكبوت.
كلمة فاصلة:
ببساطة.. استعادة روح أكتوبر هو البداية لتغيير حقيقى يهدف إلى جعل «مصر الريادة والرفاهية» حقيقة على أرض الواقع، والاقتصاد المصرى اجتاز الجانب الأول من المواجهة بنجاح وأثبتت قوة ومتانة الركائز الأساسية التى يعتمد عليها بفضل ما تحقق من نتائج لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، ويتوجه الآن لمواجهة التحدى الأكبر المتمثل فى تحقيق توقعات النمو الإيجابى ومواصلة مرحلة بناء اقتصاد قوى ينتظره الجميع ضمن أفضل الاقتصادات على مستوى العالم.