الشك هو الذى يقوم عليه التفكير العقلانى وهو الوسيلة للوصول إلى العلم واليقين والحقيقة ليحل كل ذلك محل الهرطقة المبنية على مبدأ الخرافة والأساطير والمفاهيم الغيبية التى تفسر الظواهر والأحداث والمعتقدات هكذا قال رينيه ديكارت الفيلسوف الفرنسى وعالم الفيزياء.
تذكرت ديكارت أثناء متابعتى ما ينشر ويذاع ويكتب عبر وسائل الإعلام والتواصل حول مرور عام على عملية طوفان الأقصى وتداعياتها على القضية الفلسطينية والإقليم وانقسمت الآراء بين فريقين، فريق يراها عملية مشكوكاً فيها وتم جر المقاومة الفلسطينية لها للقيام بحرب الإبادة والتطهير العرقى فى غزة والضفة الغربية وتدميرهما حتى لا تصبحا صالحتين للحياة مما يضطر أهلهما للرحيل والتهجير القسرى لدول الجوار ناحية الأردن وسيناء وهو ما تم رفضه رغم الضغوط على الدولتين.
أما توسع الحرب للبنان ومساندة ما يعرف بمحور المقاومة لغزة ولبنان وتدخل إيران فى الطريق فهذا تم لتوسيع الحرب لتتحول لحرب إقليمية فى البداية ثم إلى عالمية لأن هناك اتفاقيات أمنية واقتصادية بين دولة المنطقة والدول الكبرى الأخرى مما تضطرها لمساندة بعضها البعض لنجد الكبار وجها لوجه. والأخطر على المنطقة هو فك وإعادة تركيب دول منطقة الشرق الأوسط لتغيب دول عن الخريطة وتتقلص مساحة دول وتتوسع دولة الكيان وتسود وتقود دول الشرق الأوسط باعتبارها تملك القوة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجيا التى استخدمتها فى لبنان ما عرف بتفجيرات البيجر وقبلها فى تفجير طائرة رئيس إيران.
أما الفريق الثانى يرى أن عملية طوفان الأقصى أعادت الزخم للقضية الفلسطينية ووضعتها على رأس موضوعات الاهتمام العالمى وعاد الحديث عن حل الدولتين مع الاعتراف بحجم التضحيات والاثمان والدماء التى سددتها غزة وأهلها، إضافة ألى أنها ذلت وأهانت جيش الكيان الصهيونى وأجهزة مخابراته، هذا الفريق يرى أن هذه مكاسب للبناء عليها.
الكاتب أحمد عز الدين فى مقالاته عن طوفان الأقصى وذكر حوارا أجراه الكاتب الفرنسى «جون كلوريد موريس» مع جاك شيراك الرئيس الفرنسى الأسبق قال له اتصل بى جورج بوش الابن لإقناعى بالانضمام لتحالف الحرب على العراق ولم يتحدث عن امتلاكها لأسلحة الدمار الشامل لتبرير الحرب لأنها أكاذيب، إنما قال له بالحرف الواحد هذه «حرب مقدسة» لأن يأجوج ومأجوج مختبئان فى العراق فى منطقة بابل.. تصور شيراك ان بوش الابن يمزح ولكنه واصل تأكيده أن هذه الحرب ما هى إلا حملة إيمانية مباركة وواحب مقدس أكدت عليه نبوءات التوراة والانجيل ولم تستطع الحرب الأمريكية على العراق القبض على يأجوج ومأجوج أو قتلهما.
هذه هى العقلية الصهيونية القائمة على الأساطير التى ينطلق منها نتنياهو فى حرب الإبادة على قطاع غزة لأنها حرب بين «أبناء النور وأبناء الظلام» .
بعد كل هذا لابد من الشك الإيجابى أثناء تحليل الأحداث لنصل إلى الحقيقة مع الحفاظ على حركات المقاومة وعدم شيطنتها لأن هذا يصب فى خزانة الكيان الصهيونى المكدسة بما يصبه فيها الصديق والأخ قبل العدو لأن الحقوق تنتزع بالقوة فقط ونتذكر أنه بعد غزو العراق بحجة أسلحة الدمار الشامل التى ثبت كذبها واعتذر عن ذلك تونى بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق بعد نهب ثرواته وتفكيك نسيجه الاجتماعى وتفكيك جيشه الذى كان حارساً لبوابة أمننا القومى الشرقية.
وهنا لابد أن نسأل ماذا بعد تدمير غزة وقتل أهلها وضم جزء منها للمستوطنات وقضم أراضى الضفة الغربية وزرعها بالمستوطنات؟ وماذا بعد تدمير لبنان واحتلال الجنوب؟ علينا عدم انتظار الإجابة رغم وضوحها وهى شرق أوسط جديد أصحابه الجدد سادة والقدامى عبيد!!