لم يعد الأمر فى حدود التخلص من «حماس» ولا تحرير الرهائن الإسرائيليين لدى المقاومة، وأصبح الأمر يسير نحو تحقيق أحلام وأوهام نتنياهو والمتشددين اليهود والصقور، الذين دأبوا على التحريض واختيار طريق الحرب والدمار، بدليل رفض جميع المبادرات الدبلوماسية وإجهاض كافة الجهود للتوصل إلى هدنة، وأشعلت إسرائيل حرب الفناء التى تستهدف الشعب الفلسطسني، ولم تكتف بما قامت به على مدى عام كامل فى غزة، وتقول هل من مزيد.
ومنذ البداية يسعى السفاح نتنياهو إلى العمل على توسيع دائرة القتال والعمليات العسكرية، ويهدد ويتوعد ويستفز الجميع، حتى بعدما نجحت مصر بامتياز بإجهاض مشروعه الإجرامى بتهجير سكان غزة وإجهاض القضية الفلسطينية ومحاولة تكرار النكبة، وبين الحين والآخر يعود إلى أوهامه التوسعية بنشر خرائط لإسرائيل لا تتضمن غزة ولا الضفة الغربية، فى إشارة إلى رفض حل الدولتين وعدم الاعتراف بالوجود الفلسطينى من الأصل.
وارتكب رئيس وزراء الكيان الصهيونى وجيشه المجرم كل الموبقات والجرائم فى غزة وشن حرب إبادة مازالت مستمرة ولم يكتف بالدماء التى أراقها وإزهاق آلاف الأرواح ومئات الآلاف من الجرحى والمصابين، بجانب منع الغذاء والدواء والقتل بحرب التجويع والقاء على الأخضر واليابس.
وامتدت أيدى الإجرام إلى الضفة الغربية، وطاشت إلى الخارج لتغتال هنية ونصر الله ورجال إيران فى سوريا ولبنان وغيرهما، وما كان ذلك إلا تحقيقا لمآربه الخبيثة ورغبته فى توسيع دائرة الحرب لتشمل كل المنطقة، بما يؤكد أن ما قيل منذ البداية أن نتنياهو لا يريد إنهاء الحرب لأنه مع نهايتها نهايته السياسية ودخوله السجن لما ارتكبه من جرائم فى حق الإسرائيليين أنفسهم.
وكان لا بد لإيران أن ترد بأى طريقة حتى لو كانت «شكلية»، ذرا للرماد فى العيون وتجميل وجهها أمام شعبها والعالم، ومن جانبى ما زالت غير مقتنع بأنها ترقى إلى وصف «الرد» لأنها لم يكن لها أى أثر إلا «الشو» الإعلامي، فلا هى سكتت ولا هى أوجعت الكيان الصهيوني، لكنها أعطته المبرر والحجة لإرتكاب المزيد من الجرائم غير المسبوقة، واجتياح لبنان وارتكاب المذابح بصورة مشابهة لما يحدث فى غزة وتهجير أهله، وأصبح النازحون بمئات الآلاف، ويكرر جيش الاحتلال جرائمه بنفس الطريقة ويجبر سكان الجنوب على الرحيل، ويرتكب المزيد من القتل والدمار، ولا يبدو هناك ضوء فى نهاية النفق، لوضع حد للمأساة التى تعكر صفو المنطقة وتنذر بعواقب وخيمة يسعى الصهاينة إلى تحقيقها وجر الشرق الأوسط إلى المزيد من القلاقل.
لكن الأكثر غرابة وعجبا – وهو ليس بجديد – موقف الغرب الذى سارع بإدانة إيران على محاولتها الرد، وتوعدها الجميع وأعلنوا مساندتهم للكيان الصهيوني، ولم يحدث عشر معشار هذه المواقف تجاه الشعب الفلسطينى الذى تتم إبادته منذ العام 1948، وجاءت أحداث السابع من أكتوبر لتمارس الدولة العبرية هوايتها فى الدمار والإبادة الشاملة، وكعادة الغرب ينصر إسرائيل ظالمة أو مظلومة، بالحق والباطل وهو مغمض العينين، وهذا ليس اعتباطا وإنما هدف لديه بالحفاظ على الكيان الغاصب ليكون شوكة دائمة فى ظهر العرب.
والأمريكيون الذين يتعاملون بألف وجه، ويدعون أنهم وسطاء فى التسوية، يمدون إسرائيل بالمال والعتاد والمعلومات ويشارك الخبراء العسكريون فى الاغتيالات والعمليات، ويسيرون على خطى نتنياهو بمحاولة اتساع رقعة الحرب، والتحرش بإيران وسوريا والعراق والتدخل الفعلى فى لبنان، وإرسال المزيد من البوارج والقطع الحربية إلى المنطقة، وما زلت مصرا على أن الحرب على غزة والمنطقة أمريكية قبل أن تكون إسرائيلية.
التصعيد وصل إلى مستويات لا سابق لها، بما ينذر باشتعال حريق إقليمي، ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن السفير الإسرائيلى السابق لدى الولايات المتحدة مايكل أورين، قوله إن «هذه الحرب صارت الآن شاملة، نحن فى حرب من أجل بقائنا الوطني»، ويحرض الرئيس السابق والمرشح الرئاسى ترامب على ارتكاب حماقة بضرب المفاعل النووى الإيراني.
خطر الحرب الواسعة، مازال قائما، والطبول تدق بقوة.









