جاء الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من الضباط المقاتلين بالأكاديمية العسكرية الذى يتزامن مع ذكرى مرور 51 عاماً على أعظم انتصارات العسكرية المصرية وفى توقيت بالغ الدقة يشير إلى تنامى القوة والقدرة والإدراك المصرى الذى يتسق مع حجم التحديات والتهديدات والمتغيرات الحادة والعنيفة فى المنطقة والعالم وباعثاً برسائل حاسمة حول استعداد وجاهزية فى أعلى درجاتها تواكب بل وتتفوق على ما يواجه أمن مصر القومى من تحديات كما أن الاحتفال ومكوناته، ومكانه وزمانه، يجسدان ما وصلت إليه الدولة المصرية من تطوير وتحديث وهى تدخل عصر الجمهورية الجديدة بثبات وثقة مرتكزة على حجم هائل من الإنجازات والنجاحات، وعمل غير مسبوق فى البناء والتنمية عن طريق التقدم طبقاً لرؤية وإرادة صلبة قادها قائد عظيم واستثنائى على مدار 10 سنوات.
نستطيع أن نتوقف كثيراً أمام الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من الأكاديمية العسكرية المصرية، هذا الصرح العظيم، الذى يرتكز على تاريخ وأمجاد وانتصارات عظيمة خاصة أن الاحتفال شهد الافتتاح الرسمى والانتقال بالأكاديمية العسكرية إلى العاصمة الإدارية، وفى صرح عملاق هو مقر القيادة الاستراتيجية لقواتنا المسلحة الباسلة ليدشن عهداً وعصراً جديداً يتسق مع الطموح والشموخ المصرى وما وصلت إليه الدولة المصرية من قوة وقدرة.
الاحتفال الذى جرى فى العاصمة الإدارية وفى مقر القيادة الاستراتيجية، وفى توقيت بالغ الدقة والتعقيد، سواء فيما يجرى بالمنطقة، من صراعات وحروب وحرائق واشتعال يتمدد تدريجياً وسط مخاوف أن يتسع نطاق الصراع الذى حذرت منه مصر كثيراً ويرقى إلى الحرب الشاملة أو الإقليمية.
وأن الوطن مستهدف بالأطماع، والمخططات.. عكفت على مدار 10 سنوات فى الاستثمار فى بناء أعلى درجات القوة والقدرة الشاملة إيماناً بأن القوة هى السبيل الوحيد لحماية السلام، ومن يملك جيشاً وطنياً قوياً يملك أمناً واستقراراً، لذلك تطمئن مصر، وشعبها، حتى مع القلق المشروع، لكن مع الخوف الممنوع، لأننا نقف على أرض صلبة متسلحين بالقوة والقدرة، وأيضاً قوة الحكمة، وحكمة القوة.. نستند إلى رسائل ردع، وإلمام كامل بكل تفاصيل ما لدى أعدائنا، من قدرات وأيضاً قدرتنا على تحييدها، وتدميرها.. لا ترهبنا غطرسة القوة، ولعل ما جرى فى الاحتفال حمل رسائل مهمة فى هذا الإطار، فالجيش المصرى العظيم بعد 51 عاماً على نصر أكتوبر، بات صمام الأمان، جيش وطنى عصرى يتمتع بأعلى درجات الكفاءة والاستعداد القتالى والجاهزية والاحترافية، بما لديه من إيمان عميق بالوطن.. وفرد مقاتل هو خير أجناد الأرض، والذى صنع الفارق والنصر فى ملحمة العبور فى أكتوبر 1973.. فإذا كان الجيش المصرى العظيم الذى لم يكن الأكثر امتلاكاً للأسلحة الحديثة ولم يكن المتفوق فى الإمكانيات ورغم ذلك انتصر، لأن لديه مقاتلا فريدا.. امتلك الروح والإيمان والشجاعة، والتضحية والعطاء.. فما بالنا الآن والجيش المصرى العظيم هو أقوى جيوش المنطقة، والأقوى عربياً وأفريقياً وأحد أقوى جيوش العالم، ولديه أقوى وأحدث معلومات التسليح فى كافة التخصصات والأفرع الرئيسية.
الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من الأكاديمية العسكرية يعد نقلة تاريخية فى مسيرة الجيش المصرى العظيم وفى العاصمة الإدارية الجديدة.. أيقونة ملحمة البناء والتنمية بالجمهورية الجديدة حمل الكثير من الرسائل المهمة لعل أبرزها أن روح أكتوبر مازالت تسكن فى أعماق وجوهر أبطال القوات المسلحة جيلاً بعد جيل، يسلمون الراية لبعضهم البعض، ويؤدون ويضحون بنفس الحماس والروح والحرص على الأمانة حتى لو كان الثمن هو الروح.
أولاً: الاحتفال جسَّد التطور الكبير الذى شهدته مصر وقواتها المسلحة وهناك دلالات وشواهد من مضمون ومحتوى وزمان ومكان الاحتفال، كما قلت إنه جرى فى الأكاديمية العسكرية، التى تمثل انتقال فى المضمون والمحتوى والفكر وليس مجرد الانتقال الجسدى والحركي، وأنه قفزة غير مسبوقة إلى المستقبل، تعبر عما وصلت إليه قواتنا المسلحة الباسلة من عصرية هذا من ناحية، وهو نفسه ما ينطبق على الانتقال إلى مقر القيادة الاستراتيجى بالعاصمة الإدارية وكلاهما تجسيد حقيقى لقدرة الدولة المصرية وتقدمها، وإلى أين وصلت وكيف تتسق وتتواكب مع العصر سواء فى البناء والتنمية والتقدم، وأيضاً قوى الردع، والفكر الاستراتيجي، لذلك يطمئن المواطن المصرى أن وطنه فى أياد أمينة لحماية الحاضر والمستقبل.
ثانياً: الاحتفال جاء بحضور قائد عظيم واستثنائى هو من صنع هذا الواقع الذى نفخر به جميعاً وفق رؤية وإرادة وإصرار وإدراك حقيقى لحاجة مصر الحتمية إلى التحصن بالقوة والقدرة والردع، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأيضاً فى حضور قائد عربى كبير هو سمو الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات المتحدة الشقيقة، ويعكس هذا الحضور مدى قوة العلاقة بين الأشقاء ونموذج للعلاقات العربية التى باتت ركيزة أساسية فى مصير ومستقبل الأمة، وتأكيد على أن الجيش المصرى ونصر أكتوبر العظيم هو فخر ومجد عربي، ونموذج للتضامن والتكاتف العربي، وسط حفاوة مصرية رسمية وشعبية بالشيخ محمد بن زايد.
ثالثاً: جاء الأداء فى غاية الإبهار والاطمئنان على كفاءة وجاهزية وانضباط قواتنا المسلحة، وتنامى قدراتها، ونجاح الأكاديمية فى إعداد جيل جديد من الضباط المقاتلين الذين يواصلون المسيرة والحفاظ على الأمانة وأنهم امتداد لجيل أكتوبر العظيم، وأيضاً أظهر الحفل مدى التطوير والتحديث الكبير فى قواتنا المسلحة، فكراً وتسليحاً فى ظل ما ظهر من معدات وآليات وأسلحة متطورة تواكب العصر فى مختلف التخصصات وأدائها الاحترافى الرشيق، وأيضاً انعكاس لسياسة تنويع مصادر السلاح وقدرة المقاتل المصرى على التعامل باحترافية مع مختلف المدارس العسكرية.
رابعاً: قوة الجيش المصرى العظيم ليست فقط فى أنه يمتلك أفضل مقاتل فى العالم أو أكثر الأسلحة ومنظومات التسليح تقدماً ولكنه أيضاً فى قدرة فائقة فى إعداد وتدريب وتأهيل ضباطه ومقاتليه وكذلك إلمامه الكامل بما لدى الآخرين أو الأعداء التقليديين من منظومات تسليح براً وجواً – وأعنى ذلك تماماً – وإلمام بنقاط ضعفها والثغرات الموجودة بها وكيفية تحييدها مهما بلغت من تطور وتقدم.. فالضابط والمقاتل يحفظ ويعلم ويتدرب منذ التحاقه بالجيش المصرى هذه المعلومات من نقاط قوة وضعف الأعداء وكيفية التعامل معها باحترافية.. لذلك فالجيش المصرى العظيم لا ترهبه أبداً ما يروجه أعداء مصر من أساطير واهية عن تسليح لأن لديه قدرة على امتلاكها وتطويرها.
خامساً: الوفاء هو أحد أهم مبادئ العسكرية المصرية.. لذلك رأينا أن أسماء رموز العسكرية المصرية على الدفعات الجديدة من الكليات العسكرية بالأكاديمية العسكرية، وفيلم تسجيلى يتناول سيرهم الذاتية والوطنية والعسكرية.
سادساً: أيضاً تضمن الاحتفال الوفاء لصاحب قرار العبور الرئيس محمد أنور السادات بطل، وما قدمه لهذا الوطن، وجاءت كلمات الرئيس السيسى فى حق الرئيس السادات مثمناً ما قدمه لوطنه، ومؤكداً أن ما حققه لن يذهب هدراً وأن مصر لم ولن تفرط فى شبر واحد من أرضها.
تحيا مصر