«انتصار أكتوبر» سيظل تاريخا خالدا تتناقله الأجيال يجسد عبقرية الجندى المصرى والمواطن الذى وقف خلف جيشه يعضده ويسانده حتى حقق الانتصار الذى انتظرناه جميعا لإزالة آثار العدوان فى يونيو 1967 وتحقيق التحرير بالإرادة والعزيمة المصرية والكرامة.. كلما جاءت هذه الذكرى العزيزة على قلبى وقد عشت مرارة النكسة وحلاوة النصر الكبير وما بينهما من بطولات للعسكرية المصرية الباسلة التى نجحت فى صنع معجزة عسكرية مصرية تدرس حتى اليوم فى الأكاديميات العسكرية فى العالم.. كيف تغلب الجندى المصرى البطل على العدو الاسرائيلى وعبوره لأكبر مانع مائى «قناة السويس» فى الحروب الحديثة.. إن الساعة 14.05 وهى شرارة الحرب يوم السادس من أكتوبر كانت ايذانا إلهيا بالنصر القريب والذى تم فى العاشر من رمضان فى حرب شهدت تفوقا معلوماتيا اضافة إلى أذكى خداع عسكرى فى الحروب لم يسبقه أحد حتى الشفرة العسكرية «النوبية» كانت أيضاً لغزا مهماً فى هذه الحرب.
وإذا كان قادة اسرائيل مثل مائير ودايان يتفاخرون بنصر 5 يونيو – حرب الأيام الستة – فقد تفاخر المصريون والعرب بانتصار الساعات الست فمن الساعة 14.05 ظهرا «الثانية» حتى الثامنة مع آخر ضوء كان كل شيء تحقق وبات جيش مصر حديث العالم تسمرت عيون العالم بقاراته الخمس عند بسالة الجندى الذى صنع المعجزة.. صحيح سبقتها حرب الـ 1000 يوم «الاستنزاف».. لكن كل هذا مهد لإنهاء اسطورة «الجيش الذى لا يقهر» على جيش الدفاع الاسرائيلي.. ونجح أبناء مصر فى هذه الأيام قبل 51 عاما ليصنعوا يوما خالدا فى تاريخ العسكرية المصرية والعربية على جبهتنا فى السويس والجبهة السورية فى الجولان.. أبهروا العالم الذى وقف تحية إجلال واحترام للجندى المصرى الذى دافع عن أرضه بإرادة وعزيمة وكرامة واسترد أرضه وتحررت سيناء بقرار الحرب الذى أعلنه الرئيس محمد أنور السادات..
كلما جاء ذكر اكتوبر نشعر جميعا كمصريين بالعزة والكرامة ونتذكر قصص أبطالنا وشهداء هذه الحرب الذين خاضوا أشرس معارك الحروب الحديثة.. هذه الحرب التى مر 51 عاما على ذكراها أسرارها لم تخرج كلها بعد وما بها من أسرار وخدع عسكرية يبقى سجلا خالدا ودرسا عسكريا فريدا أدى إلى تغيير نظريات الحرب وإدارتها فى التاريخ المعاصر.. أول درس خالد من معركة أكتوبر – رمضان 1973 ان هذا الانتصار الكبير والعظيم أكد للعالم ان الدول لا يحميها ولا يحافظ على مقدراتها إلا الجيوش الوطنية وأبناء الوطن المخلصون الذين على أهبة الاستعداد للذود عن تراب وطنهم وهذا ما حدث.. جيشنا البطل صنع الانتصار تسانده جبهة داخلية تتسم بالمواطنة والانتماء لتراب هذه الأرض دحضت الشائعات وأدركت التحديات التى تواجه الدولة والمؤامرات الغربية التى تحاك ضد الوطن.. تيقنت الدولة بقيادتها الوطنية وأبنائها المخلصين ان مصر بجيشها القوى قادرة على حماية أمنها القومى ومقدراتها وهو الذى يقف فى وجه التحديات والمؤامرات.. ويحمل عقيدة راسخة مفادها انه لا تفريط فى حبة رمل واحدة من تراب وطننا الغالي.. وهكذا كان جيشنا البطل ورجاله البواسل أبناء المدرسة الوطنية المصرية.. وإيمانه الراسخ ان امتلاك جيش قوى قادر على صنع الاستقرار وابعاد المؤامرات وحماية المقدرات.. مصر إن شاء الله من دروس أكتوبر تظل محمية ومصانة بأيدى وسواعد أبنائها الأبطال طالما تمتلك مثل هؤلاء الأبطال صانعى المجد والتاريخ «خير أجناد الأرض».. فى الذكرى الـ 51 لا أجد أبلغ من كلمات التقدير والاعتزاز لأبناء قواتنا المسلحة بالتهنئة بانتصار يظل خالدا باسمهم ابطالنا وشهداء حروبنا السابقة وأبناء المقاومة الشعبية وشعبنا البطل المدرك للتحديات والمؤامرات.. وفى الذكرى 51 احتفلت مصر الخميس الماضى بتخريج أبطال جدد من الأكاديمية والكليات العسكرية بمقر الأكاديمية بالعاصمة الإدارية وهو الحفل الذى أكد فيه الرئيس عبدالفتاح السيسى بحضور الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات ان شهر أكتوبر يأتى كل عام ومعه نسائم الانتصار وان مصر حققت قبل 51 عاما انتصارا يظل خالدا فى ذاكرة الوطن.. فى هذا اليوم وهو أشبه بالبارحة تمر المنطقة بمنعطف خطير يتوجب علينا كمصريين أن نعيش بروح أكتوبر روح العزة والكرامة وادراك التحديات التى تحيط بنا.. والحقيقة ونحن نحتفل بذكرى الانتصار نؤكد ان ملحمة أكتوبر ستظل خالدة ودرسا فى العزة والكرامة لبسالة جنودنا وعظمة شعبنا وكل عام ومصر منتصرة ومحروسة بإذن الله.. مصر أكبر من التحديات بفضل أبنائها المخلصين.