لم يكن أحد يتوقع تلك النهاية الحزينة فى علاقة النجم الدولى المصرى محمد صلاح، هداف فريق ليفربول الإنجليزى لكرة القدم، مع الألمانى يورجن كلوب، المدير الفنى للفريق الأحمر.
وكانت العلاقة ودية للغاية بين الثنائى منذ انضمام صلاح إلى ملعب (آنفيلد) عام 2017 قادما من روما الإيطالي، لتستمر على ما هى عليه لعدة سنوات، رغم بعض الخلافات البسيطة بين الطرفين فى عدة لقاءات، قبل أن تتم كتابة كلمة النهاية فى الملعب الأولمبى بالعاصمة البريطانية لندن.
ودخل صلاح بشكل غريب فى مشادة كلامية مع كلوب فى الوقت الذى كان يستعد فيه قائد منتخب مصر للنزول للملعب من أجل خوض آخر 10 دقائق من عمر مباراة ليفربول ضد مضيفه ويستهام يونايتد، التى انتهت بالتعادل 2/2 فى الدورى الإنجليزى الممتاز، لتخطف تلك اللقطة الأضواء فى اللقاء الذى أنهى «فعليا» على آمال (الريدز) فى المنافسة على لقب البريميرليج هذا الموسم، بعدما بقى فى المركز الثالث بترتيب المسابقة.
وربما لم يكن إبقاء صلاح على مقاعد البدلاء فى عدد من لقاءات ليفربول الأخيرة هو السبب الوحيد فى حدوث تلك الواقعة، بل إن هناك بعض الأمور الأخرى التى من المرجح أن تكون سببا مؤثرا أيضا فى تفاقم الأزمة بين الطرفين.
صراع الهداف
كان صلاح يرى أن الفرصة مازالت مواتية أمامه للحصول على جائزة (الحذاء الذهبي) كأفضل هداف فى البريميرليج هذا الموسم، للمرة الرابعة فى مسيرته بالملاعب البريطانية، لاسيما فى ظل تراجع مستوى النرويجى إيرلينج هالاند، مهاجم مانشستر سيتى (المتصدر)، وعدم قدرته على هز الشباك فى المباريات الأخيرة مع الفريق السماوى بالمسابقة.
وبدلا من اللحاق بهالاند، الذى يبتعد عن (مو) بفارق ثلاثة أهداف فقط، أصبح ترتيب صلاح هو السادس بين هدافى الدورى الإنجليزى حاليا، عقب تألق كول بالمر وأولى واتكينز وأليكسندر إيزاك ودومينيك سولانكى فى الفترة الأخيرة.
ومن المؤكد أن مثل هذا الأمر كان له تأثيره على علاقة صلاح بكلوب، خاصة أن هذا الموسم من الممكن أن يكون الأخير لـ(الفرعون المصري) فى البريميرليج، ولا يوجد ما هو أكثر تفضيلًا لقلب محمد صلاح من جائزة الهداف، وربما أراد أن ينهى مسيرته فى إنجلترا بواحدة أخيرة.
تراجع النتائج
كان ليفربول يملك مصيره فى الدورى الإنجليزى قبل أيام قليلة، حيث كان فوزه فى لقاءاته الثمانية الأخيرة بالمسابقة كافيا لاستعادة اللقب الغائب عن خزائنه فى المواسم الثلاثة الأخيرة عقب تربعه على القمة، غير أن النتائج تراجعت بشكل حاد، بعدما اكتفى الفريق بتحقيق فوز وحيد فى مبارياته الخمس الأخيرة بالبطولة.
وبعدما انفرط عقد الفريق وأصبح التتويج باللقب مستحيلا فى ظل قوة المنافسين الآخرين (أرسنال ومانشستر سيتي)، وإهدار ليفربول الكثير من النقاط، ربما بحث كلوب عن شخص يحمله مسئولية ذلك الإخفاق، رغم أن الألمانى جزء لا يتجزأ منه بخياراته الخاطئة للتشكيل الأساسى لناديه فى عدد من اللقاءات.
فى الوقت ذاته، يرى صلاح أن قرار كلوب بإعلانه الرحيل عن ليفربول بنهاية الموسم الحالى بينما كان الفريق لا يزال ينافس على كل شيء كان سببا فى التفكك الذى حدث أخيرا، وتراجع النتائج بشكل كبير، وهو ما ساهم فى الخروج من بطولة كأس الاتحاد الإنجليزى ثم وداع الدورى الأوروبي، والتى أعقبها الابتعاد عن سباق المنافسة على لقب البريميرليج.
أزمة أمم أفريقيا
لم يكن هناك حديث فى ليفربول فى مطلع عام 2024 سوى عن إصابة محمد صلاح مع منتخبنا الوطنى فى كأس الأمم الأفريقية بكوت ديفوار فى يناير الماضى وغيابه واستدعاء ليفربول له من أجل العلاج.
الأزمة لم تكن لتحدث لو لم يتحدث يورجن كلوب ويعلن أمام الجميع عودة صلاح لإنجلترا قبل أى مسئول رسمى عن منتخب مصر، وهو ما جعل ليفربول يظهر بدور المتحكم الوحيد فى ذلك الأمر، أو كأن صلاح هو من يريد الرحيل عن صفوف المنتخب للعودة إلى ناديه مجددا.
تلك التصريحات التى خرج بها كلوب فى ذلك الوقت وضعت صلاح فى موقف حرج للغاية مع الجماهير المصرية، خاصة أن كارهى صلاح استغلوا هذا الأمر فى شن حملة عنيفة ضده وربما يكون قد خسر قطاعا كبيرا من الجماهير بسببها.
حتى لو كانت إصابته قد استمرت فترة بعدها، فبعد أن ظهرت براءته، ظل صلاح متهما بالتخاذل تجاه دوره القيادى مع المنتخب المصرى فى مرحلة مهمة بمشوار الفريق فى البطولة القارية التى سرعان ما ودعها من دور الـ16، بعد اجتيازه مرحلة المجموعات بصعوبة بالغة.
الاقتراب من الرحيل
كان صلاح يحلم بتحقيق لقب كبير مع ليفربول فى الموسم الحالي، الذى ربما يعتبر الأخير فى مشواره مع الفريق الأحمر، خاصة مع عدم تجديد عقده الحالى الذى ينتهى فى صيف 2025، ورغبة إدارة النادى فى بيعه هذا الصيف للاستفادة من المقابل المادي.
وتوج (الملك المصري)، كما تطلق عليه جماهير ليفربول، بالدورى الإنجليزى من قبل، ودورى أبطال أوروبا، وفاز بكل شيء مع الفريق تقريبا، لكن الجماهير دائما ما تتذكر النهايات، ولم يكن يريد النجم المصرى أن تتذكر الجماهير أن رحيله جاء بعد موسم محبط بذلك الشكل.