انتهجت إسرائيل منذ نشأتها وحتى الآن سياسة اللف والدوران والتلاعب بمصالح الشعوب..
والغريب أن حكامها المتعاقبين لم يحاولوا التعلم بأن الدنيا تتغير وإن ما كان يمكن رفضه فى الأربعينيات أو الخمسينيات أو حتى التسعينيات يتعذر قبوله الآن.
ولعل اتصال الأمس بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والملك عبدالله ملك الأردن خير ما يؤكد تلك المعانى الصريحة والواضحة والثابتة.
فى نفس الوقت فإن السؤال الذى يثور:
هل ما فعلته إسرائيل أمس تجاه حزب الله اللبنانى يمكن أن يجبر «الأخ» حسن نصر الله على وضع تكتيكات مختلفة إذ ليس من المنطق فى شيء أن يرى رءوس أتباعه تتطاير فى الهواء بينما هو عاجز تماما عن إنقاذها حتى لو بنسبة 10 ٪ أو أكثر أو أقل..؟!
وللعلم لا ينبغى الاقتصار على التكتيكات والخطط بل يجب أن يوضع فى الاعتبار النظر إلى وقوع هزيمة شنعاء ربما تكون قد جاءت لتشمل العمليات العسكرية ولقد سبق سفاح القرن بنيامين نتنياهو القيام من جانبه ببث الرعب والخوف والفزع فى قلوب أعدائه بل المحسوبين على قوائم صداقته ليقلب الأمور رأسا على عقب وبذلك تصير إسرائيل هى المتفوقة أكثر وأكثر وهى «البعبع» الذى يعمل له القريب والبعيد ألف حساب وحساب.. خصوصا فى ظل استغلال التكنولوجيا المتقدمة جدا فى حرب لم تشتد حرارة ألسنة نيرانها بعد.
الأهم.. والأهم.. أن أى كلام عن ضربات انتقامية ردا على هذا العدوان السافر المسمى انفجار «البيجر» لم يعد ينطلى على أحد بعد ما رددت إيران بيانات عقب اغتيال إسماعيل هنية رئيس حركة حماس الفلسطينية فوق أراضيها والآن تطول المدة يوما بعد يوم ومازالت إيران تهدد وما زال أهم حليف لها هو حزب الله يفكر ويفكر حتى وقع هو نفسه فى آتون النيران.
>>>
على الجانب المقابل ربما يجيء من يجيء ليقول إن التأخير كان بسبب ظروف خاصة أو أسباب معلنة أو غير معلنة وبذلك تكون إيران قد حققت لإسرائيل أغلى أمانيها بلا ضجة ودون زعيق وبلا أى ضحايا.. فهل تستقيم الأمور بذلك الغموض المشتعل إلى نهاية المدى ؟
غنى عن البيان أن الحرب – أى حرب – هى التى تعيد رسم خرائط المستقبل وهى التى تلبى رغبات الطرف المنهزم قبل الطرف المنتصر..
إذ ما فائدة العنتريات وبيانات التهديد والوعيد بينما تنهمر الدماء أنهاراً ليلاً ونهاراً؟!
أنا شخصيا أرى أن حزب الله بقياداته وكوادره وأعضائه لم يكن يتوقع أبدا أن يصاب أربعة آلاف شخص منهم إصابات قد دخل أصحابها فى عداد الأموات إلى جانب من قد ماتوا فعلا وبالتالى يستحيل الاستمرار على نفس النهج وإلا فإنهم لا يعادون سوى أنفسهم ويصبح من المتعذر بالنسبة لهم الاستمرار على نفس الحال.
>>>
ثم.. ثم.. عندما تأتى إيران التى عانت الأمرين على مدى عقدين من الزمان وأكثر لتعلن عن دعوتها لعقد مفاوضات سلام مع الأمريكان منعا للحرج يمكن من خلالها التوصل إلى شبه حلول وسط تستهدف الخروج من دائرة هذه المجازر التى تجرى بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى ومن ثم التفرغ لعمليات التنمية والإصلاح وكل المستلزمات الأساسية التى يمكن أن تحقق هذه المعجزات أو التى كانت معجزات.
>>>
فى النهاية تبقى كلمة:
النظريات السياسية العالمية لا تعرف التطرف ولا يخشى رجالها مما يمكن أن يعرضهم للقيل والقال فكم من دول أو مجتمعات أو حكومات قد توصلت بالعقل والمنطق إلى «صيغ» تقوم على الاستفادة من التجارب القاسية والقاسية جدا ولولا ذلك ما كانت بنات حواء وأبناء آدم مازالوا يعيشون بيننا حتى الآن.
>>>
و..و..شكراً