منظومة الضرائب الجديدة
تعد المنظومة الضريبية الجديدة التى تتبناها مصر خطوة حيوية نحو تحسين مناخ الاستثمار وتعزيز الثقة بين الدولة والمجتمع الضريبي، تأتى هذه التسهيلات كجزء من رؤية الحكومة لإعادة بناء نظام ضريبى أكثر شفافية وعدالة، مما يسهم فى تخفيف الأعباء على المستثمرين ودفع عجلة الاقتصاد نحو النمو المستدام.
لا شك أن بناء علاقة جديدة قائمة على الثقة المتبادلة بين الدولة والممولين يمثل تحديًا كبيرًا، لكنه ضرورى لتجاوز المشكلات التى واجهت المستثمرين فى الماضي، الصورة الذهنية السلبية التى تشكلت لدى البعض حول النظام الضريبى لا تزال عائقًا كبيرًا، ولكن ما نشهده اليوم هو محاولة جادة لتغيير هذه الصورة، والانتقال إلى مرحلة جديدة يكون فيها الشفافية والعدالة هما العنوان الأبرز يتعين على الحكومة التعامل بثقة مع رجال الأعمال والممولين، فبدون الثقة لا يمكن لأى نظام اقتصادى أن ينجح.
القرارات الضريبية الجديدة لم تأتِ من فراغ، بل جاءت بعد دراسة مستفيضة للتحديات التى يواجهها المستثمرون، تلك التحديات كانت تقف حجر عثرة أمام توسع الاستثمارات المحلية والأجنبية فى السوق المصرية لهذا، فإن الحكومة تعمل الآن على تهيئة بيئة عمل مشجعة ومرنة للمستثمرين، تهدف إلى تقليل العقبات وزيادة الفرص، هذه الرؤية الواضحة تشير إلى أن مصر تستعد لأن تكون وجهة استثمارية جاذبة، وأن الحكومة تأخذ الأمور بجدية لتصحيح المسار.
أحد الجوانب الأكثر إيجابية فى المنظومة الجديدة هو العمل على دمج القطاع غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمي. الحكومة ترسل رسالة طمأنة واضحة ، بانضمامك إلى المنظومة الرسمية، لن يتم النظر فى تعاملاتك السابقة وستكون الالتزامات المستقبلية واضحة وسهلة التنفيذ، هذه الخطوة تمثل فرصة ذهبية لأصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة لتوسيع نطاق أعمالهم والاستفادة من المزايا الحكومية، مثل التصدير والمشاركة فى المعارض الرسمية الداخلية والخارجية.
ما يثير الإعجاب فى هذه المرحلة من الإصلاح الضريبى هو التركيز على إشراك المجتمع الضريبى فى الحوار، بدلاً من فرض قرارات من أعلي، تم فتح الباب أمام الممولين لمناقشة التسهيلات المقترحة وتقديم ملاحظاتهم عليها، هذه العملية من شأنها أن تخلق حالة من التفاهم المتبادل بين الدولة والممولين، وتعزز من فرص نجاح هذه التسهيلات على أرض الواقع.
من بين التسهيلات البارزة التى تم الإعلان عنها هى إمكانية تقديم الإقرارات الضريبية المتأخرة دون عقوبات، بالإضافة إلى السماح بتقديم إقرارات معدلة فى حال وجود أخطاء أو نسيان، هذا التوجه يعكس مرونة جديدة فى التعامل مع الممولين، ويمثل رغبة صادقة فى تسهيل الإجراءات بدلاً من العقوبات الصارمة التى كانت تفرض فى الماضي.
لا تقتصر التسهيلات الضريبية على الإجراءات قصيرة الأجل، بل تأتى فى إطار رؤية شاملة تمتد حتى عام 2030 الهدف من هذه الرؤية هو ضمان استدامة النظام الضريبى وجعله أكثر فعالية وكفاءة فى دعم الاقتصاد الوطني، كما أن وضع خارطة طريق ضريبية طويلة الأمد سيمنح المستثمرين وضوحًا واستقرارًا فى تعاملاتهم المالية.
مما لاشك فيه أن ما نراه اليوم هو محاولة جادة من الدولة لإصلاح النظام الضريبى وجعله أكثر تناسبًا مع متطلبات العصر. التحدى الحقيقى الآن هو فى كيفية تطبيق هذه التسهيلات على أرض الواقع وضمان أن تكون متاحة وفعالة لجميع الممولين والمستثمرين. النظام الضريبى العادل والمستدام سيكون بلا شك عاملًا رئيسيًا فى تعزيز النمو الاقتصادى وتحقيق التنمية الشاملة.