إسرائيل.. هى «مصنع الأكاذيب» الكبرى فى الشرق الأوسط.. من بداياتها الأولي.. أقيمت دولة إسرائيل بالأكاذيب.. وعلى الأكاذيب.. أكاذيب السياسة والحرب.. وادعاءات النصر. فى كل حرب. بكل ما فى معانى الحروب من خداع وتضليل.. وأكاذيب سياسية وعسكرية.
إسرائيل.. دولة زائفة.. أقيمت بالقوة المسلحة.. بأكاذيب صهيونية مفضوحة.. وأكاذيب دينية لا أساس لها و«مصنع الأكاذيب» فى إسرائيل لا يتوقف عن الإنتاج.
لكن الأكاذيب لن تخفى الحقائق القائمة على الأرض.. وأهم هذه الحقائق أن المشروع الصهيونى فى فلسطين.. يعانى أعراض الهزيمة الواضحة، إسرائيل فى الواقع تعيش فى حالة إفلاس سياسى دائم.. بل هى فى حالة ضياع كامل.. وموت إكلنيكي.. سياسياً وحتى عسكرياً.. وبعد هجوم حماس فى 7 أكتوبر الماضى اتضح أمام العالم كله أن إسرائيل لا يمكنها مغاردة «غرفة العناية المركزة الأمريكية».. العسكرية والمالية والتكنولوجية.. نهائياً!!
ويتساءلون حالياً فى تل أبيب.. بصراخ واضح.. ويقولون ماذا بعد «رقصة تانجو الحروب الطويلة».. التى يقوم بها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو؟!
هل هى رقصة الموت السياسى لنتنياهو؟!.. وما الذى يجعل إسرائيل فى حالة حرب إلى الأبد.. بلا نهاية فى الشرق الأوسط؟!
يعترف الإسرائيليون بصراحة تامة.. بأنه لا توجد أسباب تجعل إسرائيل فى حالة حرب دائمة.. لا تتوقف.. سوى أنها فى حالة حرب ضد «أشباح الزوال» وانعدام الوجود والبقاء.. إسرائيل ترى فى الحرب الوسيلة الوحيدة للتعافى من أعراض الفشل.. الذى يهدد المشروع الاستيطانى الصهيونى فى فلسطين.. ويتصور العالم أن الشعب الفلسطينى وحده هو الذى يكره إسرائيل ويرفض بقائهم فوق أرضه، لكن الواقع أن أرض فلسطين ذاتها.. تكره أن تحمل صهاينة المشروع الإسرائيلى فوق ترابها، ولذلك نجد إسرائيل فى حالة عداء مع أرض فلسطين.. المكان والواقع الجعرافى الضيق.. والأرض تنحاز لأصحابها.. ضد الغزاة الصهاينة مهما فعلوا.
ويعترفون فى إسرائيل.. بأنه حتى لو استسلم الشعب الفلسطينى بالكامل.. فإن ذلك لن ينهى حالة الحرب الأبدية التى تعيش فيها إسرائيل!!
إسرائيل.. قامت على الحرب وبالحرب.. وهى فى حالة استعداد دائم للحرب.. مع كل جيرانها.. من أجل التوسع والغزو.. والاستيطان واكتساب المزيد من أراضى الغير بالقوة المسلحة.
ومن يتصور أن صهاينة العالم.. يحاولون حالياً إقامة دولة يهودية انفصالية فى نيجيريا.. فى قلب أفريقيا.
النجمة الكاذبة
كل شيء فى إسرائيل قائم على الأكاذيب.. وبالأكاذيب وهى من طبيعة الهوية اليهودية.. والصهيونية، فقد تم اختراع ما يسمى بالشعب اليهودى من العدم.. وتم «اختراع أرض إسرائيل» فى فلسطين.. بالأكاذيب والتضليل والغزو المسلح.
وحتى شعار دولة إسرائيل كاذب.. والعلم أو الراية الوطنية التى ترفعها إسرائيل فى كل مكان أمام العالم كاذبة و«نجمة داود» الشهيرة.. لم يعرفها الملك داود فى حياته أو بعد موته.. ولم يرفعها اليهود نهائياً فى أى زمن أو أى مكان ولم يعرفها اليهود نهائياً.. وطبعاً ليس لها وجود فى التوراة أو التلمود.. لكنها من اختراع الصهاينة بقيادة تيودور هيرتزل.. وقد قامت الصهيونية العالمية باقتباسها من معابد الهندوس فى الهند!! وهذا ما يقوله الإسرائيلى ثلوموساند فى كتابه «اختراع أرض إسرائيل».
وتدعى إسرائيل دائماً أنها قادرة على تحقيق النصر فى أى حرب وضد أى عدو فى الشرق الأوسط.. كما يقول بنيامين نتنياهو .. وقبل هجوم حماس فى 7 أكتوبر 2023.. ادعت إسرائيل طويلاً أمام العالم.. أنها قوة عسكرية وتكنولوجية كبري.. وأنها تفوقت على دول كبرى مثل روسيا وفرنسا فى صادرات السلاح.. وكان يحلو لنتنياهو أن يزهو ويفتخر بأن حجم الاحتياطى النقدى لدى دولة إسرائيل يزيد على 200 مليار دولار.
ومع ذلك فإن ديون إسرائيل الخارجية تزيد على 500 مليار دولار.. لكن إسرائيل تقترض من البنوك الأمريكية بلا حدود.. بضمانات الحكومة الأمريكية.. أى على حساب أمريكا.. بلا أية نية للسداد.
النصر الكاذب
وفى عام 2005 فوجئ العالم كله بصحيفة التايمز البريطانية تكشف أكاذيب إسرائيل.. حول انتصارها على العرب فى حرب يونيو 1967.. وأكدت التايمز أن الطائرات الأمريكية.. انطلقت من حاملة الطائرات الأمريكية فى شرق البحر المتوسط.. ومن القوعد الأمريكية فى ليبيا والشرق الأوسط.. فى ساعة مبكرة من صباح يوم 5 يونيو 1967.. وقامت بتدمير الطائرات والمطارات المصرية.. خلال غارتين جويتين.. متتاليتين.. وبعد ذلك ظهر الطيران الإسرائيلى فى سماء المعركة.. وهذا يعنى أن أمريكا دائماً تقاتل من أجل إسرائيل.. ومع إسرائيل فى كل حروبها.
وذات يوم.. سوف يتم الكشف عن الوثائق الأمريكية عن حرب يونيو 1967.. والحقيقة أن أمريكا لم تشارك فقط بالضربة الجوية الأولى الحاسمة فى الحرب.. لكنها شاركت أيضاً فى خطة الخداع الاستراتيجى التى سبقت ومهدت للحرب.. والقصة معروفة.. ومشهورة جداً.
الغطاء الأمريكي
كل ذلك يؤكد أن إسرائيل فى حالة «موت سياسى وعسكري» إكلينيكياً.. وأن إسرائيل لا يمكنها الخروج من «غرفة العناية المركزة» الأمريكية.. بما فيها من «أنابيب الإنعاش» العسكرى والمالى والتكنولوجي.. حتى فى الحرب ضد أضعف أعدائها.. حماس فى غزة.. استعانت إسرائيل بالأساطيل والطائرات الأمريكية والبريطانية.
ويقولون فى إسرائيل.. إن نتنياهو لا يمكنه الاستغناء للحظة واحدة.. عن الغطاء الدبلوماسى الأمريكي.. الذى يساعد إسرائيل على الإفلات من غضب العالم.. ومن العقوبات الدولية فى الأمم المتحدة.. بعد جرائم الحرب والإبادة التى قامت بها ضد الشعب الفلسطينى فى غزة.. وحتى فى الضفة الغربية.. وطبعاً لا يمكن لإسرائيل الاستغناء عن حشود الأساطيل الأمريكية فى البحرين.. المتوسط والأحمر.. والخليج العربي.
عام الأزمات الأمريكية
لكن أمريكا.. حالياً تستعد لانتخابات الرئاسة الأمريكية فى الخامس من نوفمبر 2024.. وسط ظروف داخلية أمريكية بالغة الصعوبة.. الاقتصاد الأمريكى يتراجع.. ومستوى معيشة المواطن الأمريكى يتراجع.. مجتمع الرفاهية الأمريكى لم يعد له وجود.
المرشح الجمهورى الأمريكى دونالد ترامب يرفع شعار «أمريكا أولاً».. بما يؤكد أن أمريكا فى اتجاه للانعزال عن العالم.. فى سياساتها الخارجية كما تقول مجلة فورين أفيرز الأمريكية.. والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس ترفع شعارات أصعب الأزمات التى تمزق المجتمع الأمريكى إلى حد احتمالات ومخاطر الحرب الأهلية.. بدءاً من العنصرية والتمييز العنصرى ضد السود والملونين والمهاجرين.. حتى قضايا الإجهاض وتراجع مستوى المعيشة.. وسقوط دولة الرفاهية الأمريكية.
ويؤكد الخبير الاستراتيجى الأمريكى ريتشارد وولف أن ما نراه ونعانى منه فى الداخل الأمريكى يؤكد أن أعراض سقوط وانهيار الامبراطورية الأمريكية تتسارع فى القرن الحادى والعشرين.. ويتساءل: اننا لا ندرى حتى إلى أين يمكن أن يأخذنا سقوط الامبراطورية الأمريكية؟!
الصين وأمريكا
ويؤكد التاريخ أن الامبراطوريات.. تأتى وتذهب.. امبراطورية تأتى بعد أخري.. وتحل محلها.. كما فعلت الامبراطورية الأمريكية بعد سقوط امبراطورية بريطانيا العظمى فى القرن العشرين.
فى القرن الحالي.. يبدو أن الصين.. هى القوة العالمية الصاعدة لكن امبراطورية الصين الصاعدة.. تختلف عن الامبراطورية الأمريكية.. لأن الولايات المتحدة كانت تسعى دائماً للانفراد بالهيمنة والسيطرة المطلقة على النظام الدولي.. وحقاً قالوا عنه فى أوروبا إنه النظام العالمى الأمريكي.
الصين تؤكد دائماً أنها تسعى لإقامة نظام دولى متعدد القوى العالمية، لا يوجد موعد معلن.. يمكن تحديده للسقوط الأمريكى المنتظر.. كيف ومتى يمكن أن يحدث.. لكنه يحدث أمام عيون العالم يومياً.
أعراض الانهيار
ويقول ريتشارد وولف.. إن قادة ورؤساء الولايات المتحدة الأمريكية.. يحاولون دائماً.. مواجهة أعراض تراجع وانهيار الامبراطورية الأمريكية.. بالحرص الدائم على المبالغة فى التوسع والامتداد بالنفوذ والهيمنة الأمريكية فى كل مكان فوق كوكب الأرض.
ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التى يعانى منها الاقتصاد الأمريكي.. إلا أن الولايات المتحدة.. تقترض سنوياً 1.5 تريليون دولار.. لتمويل العجز فى الموازنة الفيدرالية الأمريكية.. ومن خلال أموال هذه القروض.. يتم تمويل ميزانية الدفاع الأمريكية الهائلة التى تبلغ هذا العام 875 مليار دولار تقريباً.. ويتم أيضاً تمويل المساعدات المالية والعسكرية التى تحصل عليها إسرائيل فى حروبها الأبدية فى الشرق الأوسط.. ويتم تمويل المساعدات العسكرية والمالية التى تحصل عليها أوكرانيا فى الحرب ضد روسيا.
إذن هى ليست فقط مبالغة فى التوسع والامتداد بالنفوذ.. لكنها أيضاً مبالغة فى الاقتراض الفادح بعد أن أصبح حجم الدين القومى الأمريكى أكثر من 35 تريليون دولار.
ويقول السؤال.. إلى متى يمكن لأمريكا أن تواصل الاقتراض من أجل تمويل حروبها العالمية مع أوكرانيا.. ضد روسيا.. ومع إسرائيل ضد كل جيرانها فى الشرق الأوسط؟!
يؤكد ريتشارد وولف.. أن كل ذلك يضاعف من تكاليف ونفقات بقاء الامبراطورية الأمريكية.. وفى النهاية قد تجد أمريكا نفسها عاجزة تماماً عن دفع نفقات وتكاليف الوجود العالمى للامبراطورية الأمريكية.. التى قد تسقط من الداخل.. قبل أن يتراجع نفوذها العالمى فى الخارج.. ومن مفارقات التاريخ كما يقول ريتشارد وولف إن إجراءات ضمان بقاء ووجود الامبراطورية فى بداياتها.. قد تؤدى للإسراع بتقويض الامبراطورية فى ساعات السقوط.
سؤال القرن
ويتساءل خبراء الاستراتيجية فى واشنطن سراً.. ويقولون حالياً إلى أين سوف يأخذنا سقوط الامبراطورية الأمريكية.. لا أحد يعرف!!
مع أن هذا هو سؤال القرن الحادى والعشرين فى واشنطن!! وإذا سقطت أمريكا.. أين سوف تكون إسرائيل؟! أمريكا تعانى من فشل استراتيجى واضح فى أوكرانيا.. وإسرائيل تعرضت لهزيمة استراتيجية واضحة فى حروبها بالشرق الأوسط.
هزيمة استراتيجية
لم يعد يخفى الإسرائيليون الإحساس بالهزيمة الاستراتيجية سواء فى الحرب على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة أم فى الحرب المحدودة مع حزب الله فى لبنان.
ويقول الإسرائيلى ياكوف لابين إن إسرائيل لم تعد قادرة على تحديد أولويات الحرب على الجبهات الثلاث الرئيسية.. فى غزة ومع حزب الله فى لبنان.. وضد إيران.
إسرائيل تواجه حالياً أصعب مأزق استراتيجى واجهته على مدى 75 عاماً من وجودها القصير.
هل تواصل إعطاء الأولوية للحرب على الشعب الفلسطينى فى غزة.. أم تستمر فى الحرب المحدودة مع حزب الله فى لبنان أ م تستعد لمواجهة إيران.. ببرنامجها النووى وترسانة الصواريخ الباليسية؟!!
يعترف ياكوف لابين أن ميلشيات حزب الله اللبنانى تمثل أكبر قوة عسكرية تقليدية تهدد إسرائيل فى الشمال.. وقد نجح حزب الله لأول مرة فى تاريخ إسرائيل فى إجبار جيش الدفاع الإسرائيلى على الحرب داخل حدود إسرائيل المعلنة.. وليس خارجها.. كما كان طوال حياته يقول ديفيد بن جوريون.
ربع مليون صاروخ
ويمتلك حزب الله حالياً ترسانة هائلة من الصواريخ.. تزيد على ربع مليون صاروخ من كافة الأنواع.. منها أكثر من 150 ألف صاروخ دقيق التوجيه.. وكلها صواريخ قادرة على الوصول إلى أى مكان فى عمق إسرائيل من تل أبيب وحيفا.. حتى مفاعل ديمونة وإيلات. ولن يتمكن الدفاع الجوى والصاروخى الإسرائيلى من مواجهة هذا العدو الهائل من صواريخ حزب الله فى أى حرب شاملة.. حتى لو شاركت أساطيل أمريكا وبريطانيا وفرنسا والناتو فى الدفاع عن إسرائيل.
وهذا واحد من سيناريوهات الحرب التى تواجه إسرائيل بمنتهى القسوة.
ويقول ياكوف لابين من الصعب على إسرائيل أن تتجاهل الخطر العسكرى الرهيب لحزب الله اللبناني.. من أجل التركيز على تدمير برنامج إيران النووي.. وتدمير قدرات إيران الاقتصادية والصاروخية.
ويقول الجنرال رفائيل بن ليفي.. ضابط المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابق إنه لا يوجد بديل أمام إسرائيل سوى التركيز على الحرب والمواجهة مع حزب الله اللبناني.. وتأجيل المواجهة الرئيسية مع إيران.. حتى تحدث استفزازات أخري.
انتقام مفاجئ
لكن الجنرال حسين سلامى قائد الحرس الثورى الإيرانى هدد من جديد بتوجيه ضربة انتقامية دقيقة لإسرائيل.. وقال إن الانتقام العسكرى الإيرانى سوف يكون مفاجئاً فى الزمان والمكان.. وفى وسائل وأسلحة التنفيذ.. والمسألة لها حساباتها ومعادلاتها الإيرانية الخاصة جداً.
وأكد أنه يكفى أن كابوس الضربة الانتقامية الإيرانية الحتمية.. يهز إسرائيل ليلاً ونهاراً.. حتى قبل أن تحدث.. ويقول رفائيل بن ليفى إنه من الأفضل بالنسبة لإسرائيل أن تبدأ بالحرب الشاملة على حزب الله اللبناني.. بهدف تدمير ترسانة الصواريخ الرهيبة لديه.. وتفكيك ميليشيات حزب الله كتنظيم عسكري.. وحتى سياسي.. إن أمكن.
ولا توجد فرصة أفضل من ذلك حالياً للحرب ضد حزب الله.. وهى حرب حتمية لا بديل لها فى المستقبل المنظور. ومن الأفضل أن تبدأ إسرائيل بالضربة الوقائية المفاجئة ضد مواقع ومنصات إطلاق صواريخ حزب الله.
ومن الواضح أن إسرائيل تدرك جيداً أن الصراع العسكرى مع إيران وحزب الله.. طويل وممتد على مدى فترات طويلة قادمة.. لكن إسرائيل لا تملك استراتيجية بعيدة المدي.. لمواجهة مخاطر وتهديدات إيران.. أو حزب الله.
ويدعى الإسرائيليون أنهم تمكنوا من تدمير ستة آلاف من منصات إطلاق الصواريخ لدى حزب الله.. خلال الغارات الجوية التى شاركت فيها أكثر من مائة طائرة مقاتلة إسرائيلية فى أغسطس الماضي.
هجوم حزب الله
ويقول الخبير العسكرى الإسرائيلى إيريل مانديل إن حزب الله اللبنانى خطط لتوجيه ضربة انتقامية كبرى لإسرائيل رداً على اغتيال فؤاد شكر فى بيروت.. واستهدفت الضربة تدمير مقر قيادة الوحدة 8200 للمخابرات العسكرية الإسرائيلية وتدمير مقر الموساد فى تل أبيب.. وتدمير قاعدة جوية قرب تل أبيب.
ورغم أن إسرائيل قامت بضربة وقائية استباقية ضد حزب الله بفضل المخابرات والأساطيل الأمريكية.. إلا أن إسرائيل فشلت فى تحقيق أى هدف استراتيجى خلال هذه الضربة.
مدن الأشباح
ويؤكد الواقع العسكرى فى الجبهة الشمالية لإسرائيل مع لبنان أن إسرائيل لا تملك من القوة العسكرية ما يكفى لهزيمة وتدمير حزب الله نهائياً!!
إسرائيل تواصل اشتباكاتها اليومية مع ميلشيات حزب الله.. لكن ذلك أدى إلى تحويل شمال إسرائيل إلى مدن أشباح خالية تماماً من السكان.. وسكان الشمال لم يعد لديهم أى أمل نهائياً فى العودة إلى بيوتهم ومدنهم.. لأن هذه هى أول حرب تجرى داخل إسرائيل.. وهذا أكبر فشل للمشروع الصهيونى فى فلسطين، إسرائيل لديها حالياً ربع مليون لاجئ هاجروا من بيوتهم ومستوطناتهم فى الجنوب والشمال.
ويقول الإسرائيلى إيفرايم إنبار: إسرائيل هى التى أعطت الفرصة لحزب الله لبناء قدراته العسكرية على مدى عشرات السنين.. حتى حدثت المفاجأة بعد هجوم حماس.. وأصبحت مستوطنات الشمال والجنوب خالية من السكان!!
فقد لجأت إسرائيل إلى ضبط النفس.. والاحتواء العسكرى والسياسى لحماس فى الجنوب وحزب الله فى الشمال.. وحدثت المفاجأة فى النهاية ولم تعد إسرائيل قادرة فعلاً على ردع أعدائها!!
بلا استراتيجية
وتفتقر إسرائيل حالياً لأى استراتيجية بعيدة المدى لمواجهة حزب الله.. بل لا توجد خطة لحماية مدن شمال إسرائيل على المدى الطويل.
وإسرائيل لا يمكنها ضرب لبنان وبيروت ومدن جنوب ووسط لبنان.. لأن حزب الله قادر على ضرب تل أبيب ومفاعل ديمونة وحتى إيلات.
ويقول إيريل مانديل.. إنه قد يكون من الأفضل إن تركز إسرائيل على الحرب الشاملة مع حزب الله.. وليس مع لبنان.. لكن هذا الاختيار يبدو سيئاً.. لأن إسرائيل والمجتمع الإسرائيلى لن يتحمل الهجمات الكبرى بالصواريخ والمسيرات التى قد يقوم بها حزب الله.. فى كل أنحاء إسرائيل.. ولا يجب أن ينسى أحد أن حركة حماس مازالت تحتفظ بوجودها فى قطاع غزة.. ومازالت قادرة على الاحتفاظ بالرهائن هناك.. وكل ذلك يؤكد أن حزب الله اللبنانى هو القوة المنتصرة حتى الآن فى المعارك الدائرة فى شمال إسرائيل.. كما تقول جيروزاليم بوست الإسرائيلية.
حرب استنزاف طويلة
وهنا يتضح أن إسرائيل لم يعد لديها بديل سوى مواصلة التورط فى حرب استنزاف لا نهاية لها مع حزب الله فى لبنان.
إسرائيل ليست لديها استراتيجية بعيدة المدى للمواجهة والحرب.. فى مناخ الهزيمة والفشل العسكرى الواضح، فى المقابل نجد أن لدى إيران وحزب الله استراتيجية ثابتة.. ولها خطوط واضحة.
ويتعمد حزب الله أن يقوم بالتصعيد العسكرى مع إسرائيل فى حدود.. لا تؤدى إلى إشعال حزب شاملة. لكنه يضع إسرائيل فى حالة تأهب دائم للحرب.. بكل ما فى ذلك من تكاليف باهظة فى التعبئة واللوجستيات.
فى طهران أقامت إيران سياستها تجاه إسرائيل على أساس خطة الصبر الاستراتيجي.. من أجل ضمان تدمير إسرائيل وإسقاطها بالاستنزاف الدائم.. حتى يتم تدمير إسرائيل نهائياً بمرور الزمن.. بالتعاون مع حزب الله.. ذراع إيران الرئيسية فى الحرب ضد إسرائيل.. وهنا نكتشف أن إسرائيل أصبحت عاجزة فعلاً عن ردع أعدائها.. حتى فى ظل انتشار الأساطيل الأمريكية حولها.
العودة للغزو
هل يمكن لإسرائيل أن تقوم بإعادة غزو جنوب لبنان؟! من الواضح أن مثل هذه العملية تحتاج إلى قرار استراتيجى إسرائيلي.. من الصعب اتخاذه حالياً.. لأن التأييد الأمريكى لإسرائيل.. محاط بالشروط دائماً.
الانفراد بقرار غزو جنوب لبنان يعنى حرمان إسرائيل من الغطاء الدبلوماسى الأمريكى فى الأمم المتحدة وحرمان إسرائيل من الأسلحة الأمريكية.
ولا يمكن أن ينسحب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطانى بالدبلوماسية ولا يجب أن تسقط إسرائيل فى وحل الأخطاء.. لأن بقاء ووجود إسرائيل لا يمكن أن يتحقق فى ظل وجود 200 ألف من قذائف الصواريخ دقيقة التوجيه لدى حزب الله.. على الأقل كل مدن شمال إسرائيل ستبقى تحت التهديد والدمار اليومى لصواريخ حزب الله.
ويقول إيريل مانديل.. إن كل ذلك يؤكد أن إسرائيل لابد أن تعود إلى استراتيجية بن جوريون الأصلية التى تتكون من ثلاث نقاط ثابتة:
1- التخطيط للحروب القصيرة السريعة فقط.
2- ألا تتورط فى أى حرب داخل أراضيها.. كما يحدث حالياً فى الحرب مع حزب الله.
3- أن تحقق إسرائيل انتصارات واضحة تقوم على قدرتها على الردع بعيد المدي.
عبء استراتيجى ثقيل
هكذا.. سوف تبقى إسرائيل تعانى من حرب الاستنزاف الطويلة مع حزب الله.. وعلى جبهات متعددة مع إيران والحوثيين فى اليمن.
وهذا يقوض قدرة أمريكا على القيام بمبادرات دبلوماسية بين إسرائيل وأعدائها.
وتفرض الحقيقة المريرة نفسها فى تل أبيب.. وهى أن أمريكا لم تعد تعتبر أن إسرائيل قوة عسكرية يمكن أن تتحالف معها أمريكا!! إسرائيل أصبحت فى الواقع عبئاً استراتيجياً ثقيلاً جداً على أمريكا.. وهذا هو المعنى الحقيقى للهزيمة الاستراتيجية التى تعرضت لها إسرائيل فى حروبها الحالية التى لا تنتهى فى الشرق الأوسط.. وفى النهاية تكتشف أن إسرائيل.. هى أكبر «مصنع للأكاذيب» فى الشرق الأوسط.. الأكاذيب السياسية والعسكرية.
والأكاذيب.. لا يمكنها إخفاء الحقائق.. وهى أن إسرائيل تعيش حالياً فى حالة إفلاس سياسى كامل ودائم.. بل هى فى حالة ضياع.. ما يصفه الخبراء العالميون بأنه «الموت الإكلينيكي» لدولة إسرائيل وأكدت تجارب الحرب المريرة أن إسرائيل لا يمكنها مغادرة «غرفة العناية المركزة الأمريكية».. العسكرية والمالية والتكنولوجية.
وفى النهاية.. لن تبقى الامبراطورية الأمريكية إلى الأبد خصوصاً مع سؤال القرن الحادى والعشرين المؤلم جداً فى واشنطن الذى يقول: «إلى أين يأخذنا السقوط التاريخى للامبراطورية الأمريكية؟!».