بعد 330 يوماً «11شهرا» من الإبادة الممنهجة والمتأنية – إن صح هذا التعبير – بل الإبادة المدعومة والمحروسة من قوى البغى فى العالم لشعب لا ذنب له إلا أنه أبى الاستسلام والخضوع ودافع عن وطنه بكل ما أوتي– أقول بعد كل هذه المجازر التى ترتكب فى حق المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ فى غزة ما زالت القوى الكبرى التى صنعت اسرائيل لا تتحرك تجاه أبشع جريمة إبادة تتم على الهواء مباشرة وتصل تفاصيلها إلى كل أركان العالم لحظة بلحظة، مازالت هذه القوى صامتة مادامت المهمة تتم وفريقهم يحرز الأهداف.
فبعد 11 شهرا من بدء الجريمة لم يتخذ المجتمع الدولى إجراء مؤثرًا على اسرائيل يدفعها إلى التراجع أو التفكير فى تنفيذ قرارات مجلس الأمن.. مازالت حماية إسرائيل من قبل أمريكا وألمانيا وفرنسا وغيرهم قائمة ، وما زالت أسلحتهم التى تبيد الفلسطينيين العزل تتدفق على اسرائيل فى الوقت الذى يعلنون فيه سعيهم لوقف الحرب ويطالبون اسرائيل بضبط النفس ويتحدثون عن تقدم فى المفاوضات ويطالبون الضحية بتنازلات، وهو ما تنفيه المقاومة ويؤكد هذا النفى حرص نتانياهو على إفساد أى مفاوضات بمطالبات تعجيزية والتراجع عما وافق عليه قبلاً وإضافة مطالبات جديدة.
يجاهر الاسرائيليون برفضهم إقامة دولة فلسطينية جنبا إلى جنب اسرائيل ويعلنون أن ذلك خطر يهدد بقاءهم وعلى رأسهم نتانياهو الذى يؤكد سعيه إلى تهويد كل فلسطين لتكون دولة يهودية خالصة، بل يعلن قادتهم أن حدود اسرائيل كما حددتها التوراة من النيل إلى الفرات وأنهم ماضون فى تحقيق هذا الهدف لذا لا يتوقفون عن تهجير الفلسطينيين وطردهم من بيوتهم وارضهم كما يحدث فى الضفة بالقتل اليومى والقرارات المتعسفة وفى غزة تتم الإبادة التى يراها العالم لحظة بلحظة بعد أن فشلت خطة التهجير والطرد، فى المقابل لا تفعل الدول التى تدعى أنها تسعى لإيقاف الحرب وأنها تسعى لإقامة دولة فلسطينية بجوار اسرائيل إلا أن تشجب ما يحدث وتدعو للتهدئة وتعلن شعورها بالقلق،لكنها لا توقف تدفق أسلحتها التى تقتل الفلسطينيين إلى العدو الاسرائيلي.
رغم أن التجويع والتعطيش للمدنيين جريمة حرب فى ذاتها وتحدث أمام أعين العالم إلا أن المجتمع الدولى لم يتخذ أى إجراء لإنقاذ الشعب الفلسطينى من هذه الجريمة.
ورغم أن الأونروا منظمة إغاثة أممية مسئولة رسمية عن إغاثة الفلسطينيين إلا أنها تتعرض لقتل أفرادها وإعاقة حركة سياراتها التى تحمل الدواء والطعام المنكوبين وتعلن اسرائيل إنها منظمة إرهابية دون أن يتحرك المجتمع الدولى لحماية هذه المنظمة.
ومع ذلك فما زال الشعب الفلسطينى بكل أطيافه عسكريين ومدنيين بسطاء وعلماء ومفكرين صامدا فى مقاومته الباسلة التى لم يتزعزع ايمانها بحقها وايمانها بأن الأمم لا تحرر إلا بدماء ذكية وان الحرية غالية الثمن وان عدوها يستخدم أبشع الجرائم حتى ييأس أصحاب الحق من مقاومته فيستسلمون وهو ما يقابله الفلسطينيون بثبات وشجاعة ومقاومة لا حد لها مهما كانت كلفتها المادية والبشرية.