حسنا ما أكدت عليه حماس من تمسكها بما نصت عليه مبادرة بايدن التى قدمها فى يوليو الماضى لوقف العدوان من أجل الانخراط فى صفقة تبادل للأسري، دون قبول أى تعديل من جانب النتنياهو الذى يريد نسف المفاوضات من الأساس ولا يريد وقف الحرب، حماس لم ترفض صفقة التبادل وفى نفس الوقت لم تتنازل عن حق الشعب الفلسطينى فى وقف العدوان الوحشى وخروج الاحتلال وعودة النازحين وإجراء صفقة تبادل عادلة للأسري.
قادة الكيان الإسرائيلى الذين يستميتون من أجل البقاء فى محورى صلاح الدين «فيلادلفيا» ووادى غزة «نتساريم» للاستمرار فى المفاوضات، يتوهمون أنه يمكنهم البقاء فيها بالقوة العسكرية متناسين أن جيش الاحتلال الإسرائيلى انسحب فى العام 2005، من كلا المحورين تحت ضربات المقاومة، وفى هذا السبيل لم تتوقف المقاومة أو تلين عن شن ضرباتها اليومية الموجعة لقوات الاحتلال فى كل قطاع غزة منذ بدء العدوان ولاتزال الصواريخ والهاونات تنطلق ولايزال القناصة يصطادون الجنود الإسرائيليين لأنهم يعلمون أن نتنياهو مهما فعل من أجل البقاء فسوف يلوذ بالفرار من جانب واحد يوماً ما بعد أن يغرق جيشه فى وحل غزة وأنفاها ويتمنى جنوده الخروج من غزة لأنهم وصلوا إلى نقطة الاستنزاف التى كانوا عليها منذ عشرين عاماً.
المقاومة بعد أحد عشر شهراً لاتزال صامدة وتدير المعركة باقتدار لأنهم استعدوا جيداً ولديهم شبكة أنفاق هجومية لم يستطع جيش الاحتلال ومعاونوه من أجهزة الاستخبارات الغربية من حل خوارزمياتها، وهناك من يتحدث من قادة وجنرالات جيش الاحتلال أنها معقدة ومترابطة لدرجة أنه من الممكن أن تدخل فى نفق تحت مدينة رفح جنوب غزة وتنتقل إلى آخر وصولاً لمدينة بيت حانون شمال القطاع.
فضلاً عن أن عمليات المقاومة التى يتم الإعلان عنها بالصوت والصورة بتقنيات عالية جداً تعطى استنتاجاً واحداً وهو أن الحرب التى يشنها الجيش الإسرائيلى لا تقتل سوى المدنيين فقط وأن كتائب القسام ومعها باقى فصائل المقاومة لاتزال تعمل بالكفاءة نفسها بعد مرور أكثر من أحد عشر شهراً.
تمسك نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة برؤيته المبنية على القتل والردع الطويل والإرهاب لن يقبله أحد، وتعلم واشنطن أن هذا التمادى من الجانب الإسرائيلى يعتبر تجاوزاً لكل القواعد والقوانين الدولية فى الوقت الذى لم يحقق أى تقدم حقيقى فى حربه ضد الشعب الفلسطينى داخل القطاع، وعلى الرغم من تدمير غزة والحديث عن تقويض قدرات الحركة، إلا أن المقاومة مازالت تسيطر على مساحات واسعة وتهاجم القوات الإسرائيلية المتوغلة فى القطاع من الشمال وحتى الجنوب ولاتزال تتمتع بدعم هائل من السكان الذين يمثلون حاضنتها الشعبية فضلاً عن عشرات الصواريخ التى تنطلق يومياً من جنوب لبنان والتى أرهقت اقتصاده تماماً وهجرت مئات الآلاف من سكان مدن شمال فلسطين المحتلة.