الاحترام المتبادل أصبح شبه سياسة تؤكد معانى التغيير
التضامن العربى فى الأزمات يعكس رسائل عديدة
لماذا تتوالى عمليات إعادة الآثار المنهوبة؟
دائما الواقع القائم هو الحكم على الأشياء وحتى قبل الحكم النهائى فإن هذا الواقع كفيل بتقديم المؤشرات التى تؤكد وصوله إلى الأهداف الحقيقية.
وغنى عن البيان أن النتائج عندما تكون إيجابية فالمجتمع يشعر عندئذ بالراحة والطمأنينة والأمان طبعا عكس النتائج السلبية..
وأنا شخصيا توقفت خلال الأيام الماضية أمام مشهدين حضاريين فى جمهوريتنا الجديدة.
المشهد الأول ظاهرة التسليم والتسلم بين القيادات الجديدة ونظيراتها السابقة.
والمشهد الثانى تلك العبارات الحسنة التى يتسم بها الحوار الواقع بين هؤلاء وأولئك.
>>>
مثلا.. عندما صدر التشكيل الوزارى الجديد لم يحاول الوزير السابق أن يتحاشى لقاء سلفه الذى كان يشغل نفس الموقع على مدى سنوات طويلة بل كان حريصا على التواجد فى مكتبه فى نفس التوقيت الذى تعوَّد الحضور فيه دون أن تبدو عليه علامات الاكتئاب أو التعجب أو شيء من هذا القبيل.
واستقبل موظفى الوزارة الصغار والكبار على حد سواء الذين حرصوا على أن يحدثوه فى أمور شتى وعندما حان موعد وصول الوزير الجديد أصر السابق على أن يتحرك من المكتب الرسمى حتى باب الوزارة.. وبدت بالفعل صور الاستقبال لا تشوبها علامات زيف أو نفاق أو اعتراض.. أو.. أو..!
ثم.. ثم.. أمضى الجميع ما يقرب من ثلاث ساعات يتبادلون الرؤى ويبدون المشاعر الصادقة التى تساعد السفينة فى وضعها الجديد على الإبحار فى أمان وصفاء..
وجاء المشهد الثانى مشهد الوداع حيث عاد الجميع يخرجون من المكتب إلى الباب الرئيسى ووقفوا حول السابق والحالى بالحب والمودة وظلت تلك المشاعر إلى أن تحرك الركب وحدد كل شخص دوره ومهمته فى المرحلة القادمة.
أيضا.. توقفت عند نفس المشاهد يوم أن جاء المفتى الجديد إلى مقر عمله فى نفس الوقت الذى غادر فيه المفتى السابق نفس المقر وأذكر أننى وقتئذ أشرت إلى ذلك وأشدت بما جرى أبلغ إشادة.
>>>
المهم أننى أقصد من هذا كله أن أقول إن تلك هى بالفعل إحدى قواعد بناء الإنسان الجديد وهو البناء الذى يقوم من بين ما يقوم على صون الكرامة وعلى احترام الآخرين وعلى طرد نوازع الغيرة أو الحقد أو الكراهية من النفوس.. كل النفوس.
وهنا قد يسأل من يسأل:
ومن يضمن أن هذا التوجه المتميز والمحترم يمكن أن يستمر على طول الخط بينما نعرف جميعا أنه فى أحيان كثيرة يضع الناس فيما بينهم ما يسمى «قصر النفس» يعنى كل تلك الشواهد معرضة للإلغاء أو التوقف أو.. أو..؟!
وأنا أقول لهؤلاء إن المجتمعات لا تحكمها مؤثرات وقتية أو معرضة للتغيير بين كل فترة وأخرى فما بالنا إذا كانت هى الأساس فى مجتمعات راقية وقادرة منذ بدء الخليقة على إدراك الأمور التى لا يختلف عليها اثنان.
إذن ونحن نضمن بأن الإنسان المصرى الجديد سوف يشق طريقه نحو آفاق الغد بثبات وروية وثقافة وغيرية اجتماعية فهذا الإنسان أولا وأخيرا أنا وأنت وهو وهى يعنى نحن بناة الحضارة والمجد فى آنٍ واحد.
>>>
والآن اسمحوا لى أن نعرَّج سويا إلى واحد من أهم جدران المسيرة الإنسانية وإن كان لا يهم فى الأساس إلا من ينشغلون به أو علاج ثغرات أو محاولة زيادة ما يشد عضده ويقوى بنانه وأعنى به التضامن العربي..
التضامن العربى يظل دائما وأبدا مثار شغلنا الشاغل سواء داخل منطقتنا العزيزة على قلوبنا أو خارجها.
أول أمس استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى محمد شيَّاع السودانى رئيس وزراء العراق ولا جدال أن اللقاء فى مثل هذا التوقيت ينطوى على دلالات عديدة.. أهمها أو على رأسها التأكيد على وحدة العراق وسلامة أراضيه ثم التحذير والتحذير من خطورة الأوضاع فى غزة.
نعم نعرف أن العراق مازال يعانى حتى الآن من تداعيات احتلال أجنبى يجثم فوق صدور أبنائه وهو احتلال لن يغادر الأرض بعد أن استولى عليها بسهولة.
كما نعرف أن المؤامرات التى تحاك بالعرب الآن كثيرة ومتعددة وأيضا ماكرة.
لذا فالأمور تحتاج من ينبه ويحذر دون وقوع مزيد من الأخطاء.
والرئيس السيسى ولا شك حريص أبلغ الحرص على التضامن العربى بشتى صوره وأشكاله فهو يعقد اللقاءات المستمرة بهدف تعزيز هذا الموقف وهى لقاءات إما داخل مصر أو خارجها.
المهم الهدف واحد ومادامت النوايا واضحة وضوح الشمس فإن الآمال سوف تتحقق بإذن الله.
أيضا الموقف فى غزة يزداد خطورة يوما بعد يوم ومهما كان الحال فإن التحذير من اتساع الصراع لابد أن يتأكد دائما وأبدا وهذا ما يفعله الرئيس السيسى حتى يأتى يوم يعرف فيه نتنياهو أن الله حق.
وبكل المقاييس سوف تظل الحلوق زاخرة بالألم والبؤس والبكاء فوق الأطلال ولا شك أن الأوضاع فى هذا المجتمع الدولى يستحيل أن تستقيم فى ظل وجود شعب جائع فقير مشرد لا يجد مكانا واحدا حتى داخل حطامات المبانى أو ما كانت مباني..
فهل هذا يليق أيها السادة فى أى مكان تكونون..؟!
>>>
ومن إيجابيات هذا العصر أن الانضباط هو الذى يحكم الناس فى المجتمع ولعلنا سعدنا جميعا عندما عرفنا أن شركات السياحة التى تلاعبت بمصالح الناس فى موسم الحج قد تم سحب تراخيصها وبالتالى أصبحت ممنوعة من مزاولة نشاطها.. هذا هو الكلام لقد كانوا يعتقدون أنهم سوف يضربون ضربتهم اللعينة ويمضون إلى حال سبيلهم لكن لا وألف لا.
>>>
أخيرا انتباه.. انتباه..
ألا يسأل كل واحد منا نفسه.. هذا التسابق على إعادة آثارنا المنهوبة فى الخارج لماذا زادت حركته هذه الأيام وتلك الآثار منهوبة منذ زمن طويل ونادرا نادرا ما يفكر السارقون فى إعادتها؟!
لكن ها هى مصر بقوتها وثقلها وعمق تأثيرها فى العالم الكل حريص على إرضائها وعلى التقرب منها وتلك هى النتائج تتوالى بإذن الله وفضله.
ولك الحمد والشكر يا الله..
>>>
و.. و.. شكراً