أخبار مبشرة صدرت عن وزارة الزراعة تؤكد أن جهود الدولة فى القطاع الزراعى خلال الفترة الأخيرة بدأت تثمر من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتى من الخضراوات والفاكهة.. وتصدير الفائض منها مما يوفر دخلاً يوميًا من العملات الأجنبية، ما يسهم فى تعويض النقص الذى حدث فى مواردنا نتيجة النزاعات الإقليمية فى المنطقة وتأثيرها على حركة الملاحة وتأثر قناة السويس من هذا التطور غير الايجابي.
فقد أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى أن صادرات مصر من المنتجات الزراعية تجاوزت 5.6 مليون طن خلال الفترة من أول يناير الماضى وحتى 12 أغسطس الجارى وذلك وفقًا لتقرير تلقاه وزير الزراعة من الحجر الزراعى حول إجمالى صادرات مصر الزراعية يشير إلى أن أهم الصادرات الزراعية هى الموالح والبطاطس والبصل والعنب والفاصوليا والبطاطا والمانجو والطماطم والثوم والفراولة والجوافة والرمان وإجمالى الصادرات الزراعية من الموالح 2 مليون و77 ألفًا و386 طنًا بالإضافة إلى تصدير 957 ألفا و481 طنًا من البطاطس الطازجة لتحتل المركز الثانى فى الصادرات الزراعية بعد الموالح بينما تم تصدير 376 ألفًا و907 أطنان من البصل ليحتل المركز الثالث من الصادرات.
ومن الأمانة أن نذكر أن الفضل فى ذلك يرجع إلى القيادة السياسية التى أعادت إلى الاذهان مرة أخرى كون مصر دولة زراعية فى المقام الأول منذ العصر الفرعونى القديم وحضارته على وادى النيل ــ دون ترك ملف الصناعة الذى يأخذ أهمية خاصة الآن فى الحكومة الجديدة مع تولى المهندس كامل الوزير هذا الأمر وقد تحققت الطفرة الزراعية مع المشروعات الجديدة التى تبناها الرئيس شخصيًا مثل مشروع مستقبل مصر الذى يهدف إلى زيادة الرقعة الزراعية وإعادة احياء مشروع توشكى والدلتا الجديدة وتنمية شمال ووسط سيناء وشرق العوينات علاوة على مشروع حياة كريمة فى الريف المصرى وتبطين الترع والصوبات الزراعية بالإضافة إلى القرار المصرى لحماية مصر وشعبها من أى تصرفات خارجية تؤثر على حصة مصر من مياه النيل وذلك بالتوسع فى معالجة مياه الصرف وإنشاء محطات معالجة مياه البحر وكذلك الاهتمام بالبحوث العلمية الزراعية التى تحقق انتاجية أعلى للفدان فى العديد من المحاصيل.
> > >
ولكن فى الحقيقة هناك مسئولية اقتصادية واجتماعية تقع على الحكومة فى تحقيق المعادلة الصعبة بين مسألة الاكتفاء الذاتى والتصدير إلى الخارج واظن أنها تفهمت هذه الشكوى من المواطنين بالنسبة للارتفاع غير الطبيعى الذى حدث فى أسعار البصل فى ربيع هذا العام وقد تم تدارك المشكلة فى تقليل كميات التصدير ما ساهم فى خفض الأسعار.. ولكن ذلك ــ للاسف ــ لم يحدث فى محاصيل أخرى خاصة الخضر والفاكهة التى يتم تصديرها مثل العنب والخيار والفاصوليا والجوافة والتفاح المصرى والتين حيث تلاحظ ان سعر هذه الفاكهة لم يقل هذا الصيف عن 40 جنيهًا فى المتوسط.. وهذه فى الحقيقة أسعار تعد فلكية على مثل هذه الخضراوات أو الفاكهة مقارنة بالسنوات السابقة.
واتصور أن الحكومة التى حققت حوالى 6 مليارات دولار خلال الشهور الثمانية الماضية من قيمة هذه الصادرات إذا افترضنا أن سعر الكيلو المصدر يبلغ دولارًا واحدًا.. فإنه يقع على عاتقها تحقيق السعر العادل للمواطن البسيط الذى يتعامل بشكل يومى مع مثل هذه الخضر ــ على الأقل ــ وليس الفاكهة وذلك بالمواءمة بين اغراءات التصدير بالنسبة للمنتجين وطرح هذه المنتجات فى الأسواق المحلية حيث صارت كثير من «برادات» الخضر والفاكهة تخرج إلى موانيء التصدير مباشرة وتحرم الأسواق منها الذى يساعد على ارتفاع الأسعار وفقًا لنظرية العرض والطلب.
> > >
بالتأكيد.. ان جهود الدولة فى تحقيق الوفرة فى كافة المحاصيل الزراعية سوف تثمر على المدى البعيد فى خفض الأسعار.. ولكن إلى أن يحدث ذلك فإن ضبط الأسواق ومراعاة قدرات المواطنين فى الداخل مسألة حيوية خاصة إذا التزمنا بمبدأ تحقيق الاكتفاء الذاتى أولاً ثم يأتى بعد ذلك الفائض للتصدير.. ولكن لا بأس للمشاركة بين المواطن فى الحكومة فى الظروف الصعبة وباعتبار أن المصلحة واحدة أولاً وأخيرًا.