الشعب المصرى رفض النموذج الفاشى للإخوان
30 يونيو 2013، بالنسبة لى ليست مجرد المشاركة فى مظاهرة شعب ضد جماعة فاشية، بل كان بالنسبة لي- وهى تجربة شخصية- أنه صرخة فى وجه حكم الجماعة الإرهابية للتخلص من حكم الإخوان الذى وضعت جماعته خطة تغيير الهوية المصرية، وأن الانضمام إليهم والانخراط معهم شرط أساسى لكى ترضى عنك الجماعة، ومن كان على شخص الضيف العائد من الخارج، والذى خاض معهم أسوأ تجربة مارسوها مع مواطن مثل الجالية المصرية بالخارج وله دور وطنى، وفى استفتاء الضمير قررت المشاركة فى ثورة إنقاذ مصر، وكنت على مدى عدة أيام أشارك فى الاحتجاجات الشعبية الكبيرة التى لم تقرأها جماعة الإخوان جيداً.. أن الشعب المصرى رافض لهذا النموذج الفاشى، وبالفعل اتفقت مع عدد من الزملاء أن نشارك وكانت محطة انطلاقى أن نتحرك من نقابة الصحفيين فى اتجاه الاتحادية.. وجانب آخر قال إلى التحرير، لكن الرأى الغالب وجد أن التحرك فى اتجاه الاتحادية هو الأفضل لرمزية رفض الجالس فى القصر.. وبالفعل تحركنا وكان معى زميلى علاء طه والتقيت الأستاذين مصطفى ومحمود بكرى وخطونا الخطوات الأولى من أمام النقابة إلى شارع رمسيس يدى فى يد النائب مصطفى من ناحية ومن الناحية الأخرى الراحل محمود بكرى، ومررنا فى الشارع حتى وصلنا إلى غمرة ومروراً بالكاتدرائية وعلى الكوبرى لم أجد أخى «علاء»، اختفى وسط التظاهرات وبقينا نحن الثلاثة حتى وصلنا العباسية وقبلها كنا أمام الكاتدرائية وعلى الشرفات المقابلة سمعنا زغاريد السيدات من الشرفات والشبابيك، وفى الخليفة المأمون مرورنا بجامعة عين شمس، تظاهرات 30 يونيو كانت ثورة الضمير الوطنى ضد فاش متعطش للسلطة هم الإخوان، وكان السير بطيئاً بسبب الجيوش «المدنية» من البشر الزاحفة من كل مصر قدمت إلى هذا الشارع الذى لم أشهده بهذا الشكل إلا يوم جنازة الرئيس الراحل عبدالناصر عند مسجده، حيث قبره الآن.. القاسم المشترك فى المسيرتين، أن صور ناصر ووزير الدفاع وقتها عبدالفتاح السيسى – وهتاف الجماهير الرافضة لحكم الإخوان يملأ حناجر الجميع.. واستمرت المسيرة والجو رغم حرارته لم نحس به لأن إنقاذ الوطن كان الشاغل الأكبر وإحساسنا الخالص، وروى ظمأ العطش بعد جامع عبدالناصر بعض قوارير المياه من أبناء جيشنا البطل «القوات المسلحة»، واستمرت المسيرة ينضم إليها القاطنون والقادمون إلى منطقة حدائق القبة والتحم الجميع معاً حتى وصلنا فى نهاية المطاف إلى قصر الاتحادية بهتاف واحد «ارحل يا مرسي» يرددها الملايين الذين تسمروا فى المنطقة وسط الشوارع المحيطة بالقصر من صلاح سالم والخليفة المأمون والمرغنى والقادمين من أمام الميرلاند ومنطقة الكوربة وميدان الجامع، كلها ترفع صور وزير الدفاع وقتها عبدالفتاح السيسى، رافعة عبارة «انزل يا سيسي».. هذا الكلام كان واضحاً أن الشارع يغلى من خطاب مرسى الأخير، ودار أمامى سجل عام مرسى فى الحكم من مذبحة رفح فى أغسطس 2012 واستشهاد 16 جندياً وإصابة 8 آخرين ومسلسل تقزيم الوطن وتفريغه من هويته، ولم أنس وأنا فى هذا اليوم احتفال السادس من أكتوبر 2012 وقيادات الجماعة المتهمين باغتيال الرئيس الراحل الســادات فــــى المقـــدمة مفـــرج عنهــم، وكــــأنهم يقــــدمون لـ 6 أكتوبر وجوهاً إرهابية اغتالت الرجل الذى قاد إلى الانتصار، وفى استاد ناصر الدولى وكان أمامى ونحن فى الطريق إلى الاتحادية ومازالت يدى فى يد النائب بكرى وذاكرتى تشاهد شريط ذكريات العام الأسود لحكــم الجمــــاعة وإعـــــلانه الدستـــــورى «الفــــــج» فــى 22 نوفمبر 2012 وقراراته المتخبطة بإقالة النائب العام عبدالمجيد محمود ومحاصرة المحكمة الدستورية وتظاهرات رجال الفكر والثقافة بوزارة الثقافة والأوبرا ومحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى فى مشهد يثير الاشمئزاز ومحاصرة ماسبيرو.. ومصر تدخل طريقاً مسدوداً وعهداً لفوضى وحمامات دماء، خاصة بعد الإفراج عن رموز الإرهاب الذين كانوا ينفذون أحكاماً باتة ونهائية.. شريط طويل مما أقدموا عليه خلال عامهم الأسود، خاصة صورتنا فى الخارج ونحن كنا نُصاب بأذى نفسى من الصورة التى يقدموها عن مصر عبر خلاياهم سيئة السمعة، المنتشرة فى الخارج.. كل هذا كان فى ذهنى عندما سمعت أنباء المهلة التى مهدت للثالث من يوليو يوم إعلان وزير الدفاع عبدالفتاح السيسى وقتها بيان 3 يوليو، الذى كان بمثابة بدء استعادة الوطن من يد جماعة فاشية ظنت انها استولت على الحكم وستظل قروناً.. وأعود وأكتب عن هذا اليوم الذى وصلت فيه منزلى فى مصر الجديدة وكلى شعور بأن الفجر الجديد ستشرق شمسه، وأن الجماعة الإرهابية التى جمعت حشودها بعد ذلك فى شارع الخليفة المأمون عند الحرس الجمهورى بصلاح سالم، وعند «مسجد رابعة» وأمام جامعة القاهرة، لابد لهم أن يرحلوا.. لأنهم ليسوا أهلاً لحكم وطن اسمه مصر.. وبعد 12 عاماً من هذا التاريخ الذى يوافق الاثنين القادم، لو عاد بى الزمن لأشارك فى ثورة الضمير لإنقاذ وطنى من الجماعات الفاشية.. وللحديث بقية.