«حب الوطن» ليس مجرد كلمة تتحدث بها فى وجه أعدائه بل هى صرخة وصحوة ضمير عندما يجد المواطن دولته تتمزق وتتقزم.. هذا هو السبب الأول لثورة 03 يونيو عندما تجمع الملايين فى الشوارع لانقاذ الدولة المصرية من «الجماعة الإرهابية».. لم يكن يومًا رومانسيًا بل كان يومًا وطنيًا لن يمحوه الزمن من ذاكرتى بينما كنت أتابع أيام «الإخوان» ما بين الخارج حيث كنت أعيش والداخل حيث الواقع المؤلم.. شاركته فيها فى أحداثها وفى صنعها أيضا.. كان الألم يعتصر المصريون فى الخارج كما الداخل عندما كنا نرى خطة «الجماعة الإرهابية» لتغيير هوية وطن.. وقررت الكتابة اليوم عن يوم 03 يونيو تحديدًا بذاكرة حية لأننا أقدم أمة ويصفنا البعض باضعف ذاكرة.. قررت أن تكون بداية تحركى من ميدان التحرير وأنا الشخص المرفوع عليه قضية من أعوان مرسى الذين واجهتهم فى الخارج وهم يخدعون أبناءنا فى الدولة التى كنت أعيش فيها وجمعوا بطاقات المصريين ليشاركوا فى الانتخابات وأن من يقدم بطاقته سيحصل على قطعة أرض أو مسكن.. واختاروا مكانًا خارج العاصمة التى نحن فيها لكنهم كانوا يريدون تمرير التصويت بـ«البريد» فى أول خداع انتخابى ساندهم دبلوماسى كشف عن وجهه.. وبالفعل نفذوا غزوة البريد فى السفارات لان معهم أرقام البطاقات لدرجة ان رسائل البريد كانت بالآلاف لمرشحهم «الاستبن» وكان الحضور الشخصى نسبتهم محدودة بجوار المرشحين الآخرين لكن فى البريد «اجماع» وتضليل.. لدرجة أنه أثناء المواجهة فى لجنة الفرز لمست أن ختم مكتب البريد من مكتب بجوار مبنى السفارة!! وأثناء عام الإخوان لمست كيف يزرعون الفتية بين تجمعات المصريين فى الخارج ومع من يتحدثون.. وتغلغلوا وسط تجمعات الجالية المصرية من صيادلة ومهندسين ورجال إعلام بالفتنة.. وخرجوا من الجحور يجاهرون ضد الدولة وسياقها العام.. هنا قررت المشاركة فى 03 يونيو عن قناعة وضمير وأنا العضو البارز فى أكبر جالية بالخارج لم يحركنى إلا وطنيتى وحبى لهذا الوطن الذى عشت بعيدًا عنه عقدين لكن لم ابعد عن أحداثه لحظة.. ومن أمام نقابة الصحفيين مع زملاء اعزاء وسط جموع حاشدة من البشر عند الظهر لم نأبه بدرجة الحرارة أو ماذا سيحدث لنا.. واجتمع الجميع على أن نتجه ليس إلى الميدان لكن إلى مبنى الاتحادية.. وضعت يدى فى يد الزميل الصديق مصطفى بكرى ومعه شقيقه محمود ــ رحمه الله ــ وكان معنا زميلنا علاء طه الذى تاه منا وسط الزحام.. وفى مسيرة وصلنا إلى ميدان رمسيس ومنها إلى غمرة وكنت أترقب حركة الشارع والسيدات فى الضاهر تقذف بالشيكولاتة على المتظاهرين وتلوح مع الازواج بعلم مصر الذى ظلل كل الشرفات ومررنا بالكاتدرائية فى العباسية وتعالت الهتافات التى كانت كلها تندد بالجماعة وما تقوم به.. وفى شارع الخليفة المأمون وجدت التظاهرة على الشارعين ولا مكان للمواصلات الخاصة أو العامة وأمام جامعة عين شمس انضم إلى التظاهرة الآلاف من الشباب والطلاب ومررنا بمسجد الزعيم جمال عبدالناصر وقبله الكلية الفنية ومبنى وزارة الدفاع والهتاف يعلو ويرسل رسائل بان حكم الإخوان انتهى أما هذه الجموع الحاشدة التى جاءت على أرض الواقع فى أكبر استفتاء تشهده الدولة ومواطنون من كل انحاء الوطن هتافهم كزئير الأسود يرفض المشروع «الإخوانى الإرهابي».. مشروع «التكويش».. وأمام معسكرات الجيش فى منطقة القبة وقفنا عند أحدها وقدموا لنا زجاجات المياه فى وقت طال منا العطش كهذه الأيام.. وكان يومًا شديد الحرارة واستمرت المسيرة «مشيًا» لم نحس ومعى رفقاء الطريق نصف ونندد بتجربة الجماعة «السيئة».. وفاتنى القول إن محاولات بعض أعوانهم فشلت فى النيل منا والوصول إلينا لاننى بحكم مشاركتى فى مثل هذه المسيرات اعرف جوانب من خطتهم لشق الصف فى أى مظاهرة سلمية.. ولمست هذا جليًا ليلة اغتيال زميلنا الحسينى أبوضيف بالقرب من «القصر».. أعوانهم كانوا وسطنا لكن أمام هذه الجماهير تضاءلوا واخفوا أنفسهم.. لكن أعود إلى مسيرة 03 يونيو ولا أبالغ كانت الجماهير ملتحمة من ميدان التحرير حتى ميدان الاتحادية ولا موقع لقدم الكل يبحث عن الخلاص من الإخوان خاصة بعد خطاب محمد مرسى الذى كان مخيبًا للآمال ولم يخاطب المواطن بل خاطب الأهل والجماعة والعشيرة.. واختفت ميلشياتهم التى ظنوا أنها ستقوم بوأد ثورة «03 يونيو».. وأمام الاتحادية نسينا جميعًا أننا قطعنا هذا الطريق مشيًا وهتافًا.. وفى الاتحادية كان واضحًا أن ساعات الإخوان محدودة وأن هذا اليوم الذى يعكس الضمير الوطنى لأبناء مصر لابد أن يكون نتيجته نهاية الإخوان الذين فشلوا فى الرد على مسيرة «الثورة».
بينما نحن فى الطريق كان فى ذهنى أحداث عام كامل من إعلان دستورى وعبث بصورة مصر والسلك الدبلوماسى فى الخارج ومذبحة رفح الأولى وما تسرب عن كلام حول القضية الفلسطينية ورسالة مرسى إلى رئيس وزراء إسرائيل.. وتكريمهم لمعاونيهم من السفراء الذين عادوا بعد المعاش ليعملوا فى سفارات غير مقيمين فى الخارج ومشاركتى مع المصريين فى طرد وزرائهم ومعاونيهم من التجمعات المصرية.. ولم أنس وضع قتلة السادات فى حفل السادس من أكتوبر بالمقدمة ومعهم العقول المدبرة لعمليات الإرهاب وفى محاصرتهم لمدينة الإنتاج الإعلامى وتشويه رموز الوطن على مر العصور.. وبعد يوم 03 يونيو وأمام الاتحادية.. تسرب لنا أن هناك بيان يتم إعداده سيكون فيه الإجابة الشافية لكل المصريين.. وبالفعل تم فى 3 يوليو إعلان خريطة الطريق التى اعلنها وزير الدفاع ــ وقتها ــ عبدالفتاح السيسى والتى تم خلاله إعلان الخروج من الأزمة وتعيين المستشار عدلى منصور رئيسًا مؤقتًا لإدارة شئون الوطن.. وهنا علينا أن نعترف بأن القوات المسلحة والشرطة بمصر كانا لهما الدور المهم فى حماية الملايين الذى نهضوا بضمير وطنى لانقاذ الوطن.. ولم تكن قد خرجت فقط للمعاناة التى تعانى منها الدولة فى كل شيء بل لانقاذ وطن له تاريخ «اسمه مصر» وبعد 11 عامًا اتكلم كى لا ننسى 03 يونيو 3102 وانقاذ وطن.