لا تنظر إلى ثورة «30 يونيو» أنها خلصت مصر من أخطر تنظيم إرهابى فى العالم، له ارتباطه وتبعيته لقوى الشر ومخططات، واستئصال هذا السرطان من جسد الأمة المصرية، فحسب ولكن عظمة ثورة 30 يونيو، أنها كانت ومازالت ثورة على تراكمات الماضى من أزمات ومشاكل وفقر الرؤى والإرادة والإصلاح، والضعف أمــام رياح وعواصف مخططــــات الخـــارج، ثــورة «30 يونيو» عظمتها فى قدرتها على تحديد أهداف وطنية واضحة، والعمل على تنفيذ هذه الأهداف مهما بلغت التحديات والعقبات، والظروف الصعبة، فحجم ما تحقق على مدار 12 عامًا يكشف صلابة دولة 30 يونيو فقد صنعت من المستحيل واقعًا، وحولت الأحلام التى كان مجرد الاقتراب منها فى الماضى، يمثل هاجسًا مرعبًا لصناع القرار، وباتت آمال وتطلعات المصريين على مدار عقود مضت تلامس الواقع، وحقيقة يراها المصريون ويعيشونها، والسؤال المهم ماذا عن الأهداف التى وضعتها وحددتها ثورة «30 يونيو» بعد تخليص الوطن من فيروس الإخوان اللعين والذى هدد، وحدته، وأمنه واستقراره ووجوده.
أهداف ثورة «30 يونيو» بدأت بخطاب المشير عبدالفتاح السيسى عندما استجاب لنداء الشعب المصرى بالترشح لانتخابات الرئاسة فى 2014 ليتولى قيادة ومسئولية هذا الوطن، ويواجه طوفانًا من التحديات القاسية التى قد يعجز البعض كما حدث فى العقود الماضية أن يجد لها حلولاً فى ظل محدودية الموارد والقدرات التى لم تجد سبيلاً إلى تعظيمها، وكذلك تداعيات الفوضى الكارثية منذ يناير 2011 وحتى رحيل نظام الإخوان العميل والفاشل فى يونيو 2013 وقد بلغت تكلفة الفوضى أكثر من 400 مليار دولار وهى فاتورة باهظة حولت الدولة إلى شبه دولة «المشير السيسى فى خطابه قبل الترشح، استعرض دون مواربة أو تجميل أو تهوين وتهويل حجم التحديات التى تواجه الدولة المصرية، لم يجمل ولم يبع الوهم للمصريين، فالرجل استدعاه الشعب لتحمل المسئولية فى إنقاذ هذا الوطن ووضعه على الطريق الصحيح، لكنه لم يغلق باب الأمل ولكنه حدد شروطًا ليكون فى نهاية النفق ضوء كبير، طالب شعبه بالعمل والصبر والمثابرة والتحمل، فلن يستطيع تغيير هذا الواقع بمفرده ولكن مع المصريين وبإراتهم.. دولة 30 يونيو وضعت مجموعة من الأهداف على المدى القريب، والمتوسط والبعيد وكان لابد من مواجهة تداعيات الواقع المرير، بإعادة ترتيب أوضاع الدولة المصرية، واستعادة هيبتها، والقضاء على أى ملامح للفوضى، وترسخ الأمن والأمان والاستقرار الشامل، وبدا العزم واضحًا على تحقيق هدفين إستراتيجيين، هما:ـ
أولاً: بناء الدولة القوية القادرة على حماية أمنها القومى بمفهومه الشامل لا تهزها عواصف الفوضى أو الاستهداف بالمخططات والمؤامرات والأطماع ولا تخضع للابتزاز أو الضغوط تستطيع بكفاءة واقتدار وثقة الدفاع عن نفسها وحماية امتدادات أمنها القومى، ودحر أى تهديدات بعيدة أو قريبة، تحت شعار مبدأ مهم للغاية وهو أن ما حدث فى السابق غير قابل للتكرار، وخضع هذا الأمر لرؤية شاملة وضعها وقادها الرئيس عبدالفتاح السيسى وهو كما قلت أحد أهم انجازات ومنح ثورة «30 يونيو» لأن جميع ما تحقق بفضل اختيار وإجماع المصريين على هذا القائد العظيم ولذلك نتناول هذا المحور فى مجموعة من النقاط المهمة.
> القضاء على كافة صنوف الفوضى، واستعادة هيبة الدولة ومؤسساتها، من خلال القضاء على الإرهاب الأسود بشكل حاسم وهو ما تحقق وترسيخ الأمن والاستقرار وأيضا القضاء على أى كيانات موازية للدولة ومؤسساتها، وأن يكون على سبيل المثال السلاح فى يد الدولة ومؤسساتها المنوطة لحماية الأمن القومى والدفاع عن الوطن وأيضا حماية الأمن والاستقرار الداخلى والجبهة الداخلية، وترسيخ مفهوم دولة القانون الذى يطبق على الجميع لا تمييز بل بحسم وحزم وأن للمواطن حقوقًا وواجبات يتساوى فيها الجميع دون أى تمييز، وترسيخ مبدأ العدالة والمساواة، وعدم التمييز على أى أساس وأن القانون والمواطنة هما الفصل.
بناء الدولة الوطنية ومؤسساتها، التى يتمتع فيها المصريون بكافة الحقوق، وأيضا الواجبات، الدولة الوطنية، التى لا ينافسها أو يوازيها أى كيان فى سلطاتها ومسئولياتها ولا تفريط فى هذا الأمر، فالدولة الوطنية هى المنوطة عن الدفاع عن الدولة وحدودها ومقدراتها وحدودها وشعبها وهى صاحبة القرار، وأيضا من تطبق القانون.
ثانيًا: بناء القوة والقدرة والردع، من هنا جاء القرار التاريخى للرئيس السيسى وهو تطوير وتحديث الجيش المصرى العظيم وتزويده بأحدث منظومات التسليح فى كافة التخصصات والأفرع الرئيسية من أجل تحقيق هدف ومهمة مقدسة وهى حماية هذا الوطن والدفاع عنه ضد أى تهديدات بالقدر الذى يكفى ويزيد، وقادر على الوصول إلى أى مناطق للتهديد ليس هذا فحسب بل تعظيم قدرات المؤسسات الأمنية والمعلوماتية لحماية الوطن، من مخططات داخلية وخارجية وهو جزء مهم لحماية الأمن القومى، وأن أى تهديدات من الداخل أو الخارج من هنا تستطيع أن ترصد قوة وقدرة الدولة المصرية فى مواجهة مخططات قوى الشر وأيضا كيف أصبحت مصر واحة الأمن والاستقرار رغم وجودها فى محيط شديد الإضراب والاشتعال وحدود ملتهبة من كافة الاتجاهات الإستراتيجية لقد وضع الرئيس السيسى حسابات دقيقة، وحماية صارمة من خلال استشراف للمستقبل ورصد للتحديات والتهديدات وبالتالى بناء القدرة اللازمة بشكل مبكر لمجابهة هذه المخاطر غير المسبوقة.
ثالثًا: لا شك أن دولة 30 يونيو بقيادة الرئيس السيسى خاضت معركتى البقاء والبناء فى توقيت واحد، وهو أمر يعكس إرادة القيادة الصلبة ورؤيتها الخلاقة وهو ما أحدث نقلة وطفرة غير مسبوقة غيرت وجه الحياة فى مصر، ولذلك فهناك فارق مثل السماء والأرض بين مصر قبل الرئيس السيسى، حيث كانت الفوضى، وغياب إرادة الإصلاح والبناء، وافتقاد الأفكار الخلاقة التى تقضى على محدودية الموارد والقدرات وتضع حلولاً للأزمات والمشاكل المتراكمة، دولة ما قبل السيسى اعتمدت على المسكنات ومحاليل التحذير دون وجود حلول حاسمة دولة خشيت الإصلاح وتبنت فكرة الاستقرار الهش وعدم إثارة الرأى العام وغابت عنها المصارحة والشفافية حتى وصلت المسكنات ووسائل التحذير إلى مرحلة عدم الصلاحية والتأثير وفقدان المفعـول وبات المريض يتـألم بشـدة حتى جاءت الفوضى لتجعــل المريــض على مشـارف الموت والضــياع لكـــن فى عهــد الرئيس السيسى ارتكــز على الإرادة والرؤى والأفكار الخلاقة خارج الصندوق والمواجهة الحاسمة دون مسكنات وإنهاء الأزمات والمشاكل من جذورها وتحويل القطاعات من المحنة إلى المنحة من الانهيار إلى الانطلاق وتستطيع أن ترى ذلك جيدًا فى هذا التوقيت فى الحلقات القادمة سؤال فلسفة الإصلاح وملحمة البناء والتنمية وانطلاق المشروع القومى لتحقيق التقدم بثبات وأيضا دولة الحياة الكريمة، والمستقبل الواعد، فمن الظلم أن ترى ثورة 30 يونيو كونها فقط خلصت مصر من تنظيم إرهابى عميل صنعته قوى الشر لتدمير الأوطان لكنها ثورة حققت أهدافها فى بناء وطنها، وإحياء أمة عظيمة بقيادة قائد عظيم واستثنائى وللحديث بقية.
