تجمع مصر وأسبانيا عقود من علاقات التعاون المشترك المثمر والبناء على مر العصور وكذلك صداقة تتسم بتوافق الرؤى فيما يتعلق بالتنسيق بين دول جنوب المتوسط وشماله.
كما تتميز هذه العلاقة بالقوة والاستقرار، حيث يتعاون البلدان فى مختلف القضايا الإقليمية والدولية، خاصة تلك المتعلقة بمنطقة البحر الأبيض المتوسط، مثل مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
على الصعيد السياسى تعززت العلاقات بين مصر وإسبانيا من خلال زيارات رسمية متعددة ومتبادلة بين الجانبين المصرى والإسبانى وعلى كافة المستويات الحكومية.
كما شهدت العلاقات تطورًا كبيرًا خلال زيارة وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا جونزاليس لايا لمصر فى أكتوبر 2022، حيث تم التباحث حول القضايا الإقليمية مثل الأزمة السورية والليبية والقضية الفلسطينية حيث أكدت إسبانيا دعمها لمصر فى مختلف القضايا، بما فى ذلك التصدى للإرهاب فى ليبيا، والتعاون فى مجال الأمن البحرى فى منطقة البحر المتوسط.
يجتمع الموقفان المصرى والإسبانى على رفض الجرائم الاسرائيلية ضد غزة ورفض مخططات تهجير سكان غزة قسرًا والاصرار على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية. حيث أشارت تقارير صحفية إسبانية، مثل صحيفة «الموندو»، إلى أن مصر تقود حملة دبلوماسية مكثفة ضد خطة تهجير الفلسطينيين، التى يدعمها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب. كما تعمل القاهرة على خطة شاملة لإعادة إعمار غزة، بالتعاون مع الشركاء الدوليين، دون إجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم.
أما فيما يخص المجال الاقتصادى فقد شهدت العلاقات التجارية بين مصر وإسبانيا تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين 3.1 مليار دولار عام 2024. حسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء الذى أوضح فى تقريره، أن قيمة الصادرات المصرية إلى إسبانيا بلغت 1.5 مليار دولار عام 2024 مقابل 1.6 مليار دولار خلال عام 2023، بينما سجلت قيمة الواردات المصرية من أسبانيا 1.6 مليار دولار خلال عام 2024 مقابل 1.5 مليار دولار خلال عام 2023.
مضيفا ً أن أهم المجموعات السلعية التى صدرتها مصر إلى إسبانيا خلال 2024 تشمل حديد وصلب بقيمة 227 مليون دولار، وأسمدة بقيمة 195 مليون دولار، وملابس جاهزة بقيمة 173 مليون دولار، وخضروات وفواكه بقيمة 120 مليون دولار، ولدائن ومصنوعاتها بقيمة 115 مليون دولار.
وعن أهم المجموعات السلعية التى استوردتها مصر من إسبانيا خلال عام 2024 ، شملت نحاس ومصنوعاته بقيمة 239 مليون دولار، ووقود وزيوت معدنية ومنتجاتها بقيمة 188 مليون دولار، ومنتجات الصيدلة بقيمة 168 مليون دولار، ومراجل وآلات وأجهزة آلية بقيمة 133 مليون دولار، وسيارات وجرارات ودراجات بقيمة 81 مليون دولار..
ونوه التقرير ، بأن قيمة تحويلات المصريين العاملين فى أسبانيا بلغت 21.6 مليون دولار خلال العام المالى 2023-2024 مقابل 18.9 مليون دولار خلال العام المالى 2022-2023، بينما بلغت قيمة تحويلات الإسبانيين العاملين بمصر 4.9 مليون دولار خلال العام المالى 2023-2024 مقابل 3.8 مليون دولار خلال العام المالى 2022-2023.
وذكر، أن قيمة الاستثمارات الأسبانية فى مصر بلغت 123 مليون دولار خلال العام المالى 2023-2024 مقابل 161 مليون دولار خلال العام المالى 2022-2023، بينما بلغت قيمة الاستثمارات المصرية فى أسبانيا، 61.9 مليون دولار خلال العام المالى 2023-2024 مقابل 63 مليون دولار خلال العام المالى 2022-2023.
وتعد الطاقة المتجددة والنقل والسياحة من أبرز مجالات التعاون، حيث تلعب الشركات الإسبانية دورًا رئيسيًا فى تطوير البنية التحتية المصرية، بما فى ذلك مشاريع السكك الحديدية والمتروحيث تعمل مصر على توطين صناعة القطارات والمترو وبناء السفن وتمثل مشاركتها حوالى 50٪ من هذه المشروعات، خاصة فى مجالات تحديث نظم الإشارات والوحدات المتحركة,هذا وتسعى مصر لتكون مركزا إقليميا للطاقة، وهو ما يتماشى مع توجه إسبانيا نحو دعم مصادر الطاقة النظيفة.
وفى مجال العلاقات العسكرية اتسم التعاون بين مصر واسبانيا خلال العشر سنوات الماضية بالقوة والتوسع فى العديد من النواحى حيث نفذت القوات البحرية المصرية والأسبانية عام 2021 تدريبا بحريا عابرا فى نطاق الأسطول الجنوبى بالبحر الأحمر وذلك بإشتراك الفرقاطة المصرية (شرم الشيخ) مع الفرقاطة الأسبانية. (ESPS Reina Sofia)..
وفيما يخص العلاقات التعليمية والثقافية، التقى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، بالسفير الإسبانى بالقاهرة ألفارو إيرانزو جوتيريز، لبحث سبل تعزيز التعاون العلمى والدعوى بين إسبانيا والأزهر، من خلال توفير عدد من المنح الدراسية فى جامعة الأزهر ومعاهد الأزهر للتعليم ما قبل الجامعي، ليكونوا سفراء للإسلام والأزهر فى أوروبا ويساهموا فى نشر الوسطية والاعتدال هناك، كما أوضح أن الأزهر مستعد لاستضافة أئمة إسبانيا فى أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والدعاة.
اما بالنسبة لتعزيز اللغة الإسبانية، التى يتحدث بها 600 مليون شخص فى جميع أنحاء العالم. ففى مصر، توجد 22 جامعة ومؤسسة للتعليم العالى بها أقسام نشطة للغة الإسبانية داخل كليات الفنون أو اللغات والترجمة، كما يقدم المعهد الثقافى الإسبانى «ثيربانتس» دورات اللغة الإسبانية فى مراكزه بالقاهرة والإسكندرية ويستضيف أيضًا أنشطة تتعلق باللغات والثقافات الأوروبية والإيبيرو أمريكى ، مثل يوم اللغات الأوروبية فى القاهرة أو أسبوع الفيلم الإيبيرو – أمريكي.
وفيما يتعلق بالتعاون فى المجال الأثري، فهناك حاليًا 15 فريقًا علميًا إسبانيًا يتعاونون مع نظرائهم المحليين فى مواقع التنقيب فى جميع أنحاء مصر.