بعد قرار محكمة العدل الدولية الجمعة الماضيةوهو الأول من نوعه الذى طالب إسرائيل بوضع حدّ لاحتلال الأراضى الفلسطينية المحتلة بعد 1967، داعيًا إلى إنهاء أى تدابير تسبب تغييرًا ديموغرافيًا.وطالب دول العالم بعدم مساعدة إسرائيل فى وضعها الحالى وهو احتلال الأرض الفلسطينية وإقامة المستوطنات فى الضفة الغربية وطرد الفلسطينيين من ممتلكاتهم واستنزاف موارد الأراضى المحتلة، وهو أمر يدعو الدول المؤمنة بالقانون الدولى أن تتوقف عن التعامل مع قوة الاحتلال بما يفيدها فى استمرار احتلالها لأرض غيرها وهو أمر لو طبق فسوف تتأثر أسرائيل اقتصاديا من جراء هذا القرار
خاصة أن قرار المحكمة أكد أن استمرار وجود إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية المحتلة غير قانوني، وأنها ملزمة بإنهاء وجودها فيها بأسرع وقت ممكن .ولأنه قرار كان متوقعًا فقد حاولت أمريكا وإسرائيل إثناء المحكمة وترهيبها حتى لا تصدر مثل هذا القرار فدعت أمريكا المحكمة قبل إصدارها القرار بإبداء رأى متوازن وفسرت التوازن الذى تطلبه بألا تطالب المحكمة أسرائيل بالانسحاب الفورى غير المشروط من الأراضى التى احتلتها عام 1967م.
أما إسرائيل فقد استبقت الأحداث لأنها تعلم حقيقة وضعها واعلنت أنها لا تعترف بشرعية جلسات المحكمة التى سبقت قرارها . بل إنها عرضت الاعتراف بإنشاء دولة فلسطينية على الكنيست الاسرائيلى فصوت بأغلبية رفض إقامة دولة فلسطينية.
أما بعد صدور قرار المحكمة التى رحبت به أغلب دول العالم فقد هاجمت أسرائيل كالعادة المحكمة وحاولت ارهابها مثلما فعلت مع الجنائية الدولية وقالت إسرائيل: إن القرار استند إلى «أكاذيب»، إذ قال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إن محكمة العدل الدولية اتخذت «قرارا كاذبا» وادعى نتنياهو ذو الأصول البولندية أنه من أبناء هذه الأرض هو وأجداده فقال «شعبنا ليس محتلا لأرضه ولا لإرث آبائه وأى قرار كاذب فى لاهاى لن يشوه هذه الحقيقة التاريخية» وهذه المنهجية فى الكذب قديمة وقد ثبت نجاحها لديهم من خلال تكرار الكذب الفج الذى لا أقدام له حتى يبدو بعض فترة خاصة فى الأوساط التى لاتعرف الحقيقة على أنه الصواب الذى لا شك فيه ثم يتم البناء عليه.
أما إرهاب المحكمة فكان على لسان وزير الأمن القومى الإسرائيلى إيتمار بن غفير الذى قال إن «القرار فى لاهاى يثبت مرة أخرى أن هذه منظمة سياسية «يقصد أنها ليست عادلة ولها أهداف سياسية»وأنها تعادى السامية.
والحقيقة أن رد الفعل الأمريكى الاسرائيلى لقرار المحكمة ليس جديدًا فلم تلتزم أمريكا يومًا ولا إسرائيل بالقانون الدولى إلا إذا كان يخدم توجهاتها أما إذا عارض هذه التوجهات فلا قيمة له وذلك على مدى تاريخ طويل منذ إنشاء الدولتين.
لكن الظروف الحالية اختلفت تماما والاعتراف بالدولة الفلسطينية يتزايد والوعى العالمى بما تقوم به إسرائيل من إبادة للفلسطينيين أصبح أكثر نضجاً وأكثر وضوحاً.
فهل يمكن تفعيل هذا القرار وإن كان استشاريا فتمتنع دول العالم عن التعامل الاقتصادى مع هذه الدولة التى تبيد شعباً كاملاً ليصبح الضغط الدولى لأول مرة حقيقة واقعة.









