النزلة، إحدى قرى محافظة الفيوم وأكثرها سحراً وجمالاً حيث جمعت بين الخضرة والماء وتبعد عن مدينة الفيوم حوالى 10كم، وتنخفض عن سطح البحر 15 مترًا والوصول إليها يكون عبر منحدرات ومرتفعات تكسوها الخضرة والورود من كل جانب، وتشبه فى جمالها جبال لبنان، ويتبعها قرى: «الربع، وكلية البنات، والسيد زعير، وأدهم أفندى، والحامولى، وكامل متولى، وخليج الجمل، والحنابشة، وأحمد عبدالعزيز».. ظلت «قرية النزلة» لسنوات طويلة قبلة للسينما المصرية حيث شهدت تصوير أفلام: «دعاء الكروان»، الذى تم عرضه عام 1959، و«البوسطجى»، و«النداهة»، ومسلسل الكابتن جودة.
عدد سكان القرية 70 ألف نسمة وتتبع الوحدة المحلية لمركز ومدينة يوسف الصديق بعد انفصالها عن مركز أبشواى، وتشتهر القرية بأنها من أهم قلاع صناعة الفخار وأقدمها عالمياً وتعتبر مزارا للسائحين من دول: ألمانيا، وإسبانيا، وسويسرا وهولندا، وتشتهر بصناعة الألعاب النارية والبمب وصواريخ مناسبات الأفراح وأعياد الميلاد.
يقول مصطفى السمالوسى إن صناعة الفخار قديمة من زمن بعيد ومنتجاتها فى الأزيار، والقلل القناوى والتنور والزلع والأباجورات والبكل وأوانى الطهى، التى يتم تصديرها إلى دول هولندا وإسبانيا وإيطاليا، مشيرا إلى أن المشكلة الحقيقية التى تواجههم هى ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، ورغم ذلك لم تتوقف فرق العمل ومازالت الصناعة رائجة فقد ورث المهنة من والده منذ 40 عاما حيث تعتمد على الطمى الناتج عن تجريف الأراضى، وقش الأرز، ونشارة الخشب.
أوضح سالم فتيح رئيس الوحدة المحلية لمركز يوسف الصديق، أن المبادرة الرئاسية حياة كريمة، كانت وش السعد على القرية حيث أضافت إليها الكثير من الخدمات، ومنها سوق نموذجى، وموقف لسيارات الأجرة، ومحلات للإيجار لإتاحة فرص عمل للشباب، كما نفذت عملية الحوائط الساندة بأعمدة خرسانية بارتفاعات كبيرة، إضافة إلى الدبش الحجرى لحماية منازل الأهالى التى تقع فى حضن الوادى بالأسفل لحمايتها من انهيارات الوادى المرتفعة التى تبلغ حوالى 17 مترا بارتفاع 15 مترا على مساحة 300 متر عرضى.
أكد «فتيح» الانتهاء من أعمال رصف طريق جبل سعد/ الشواشنة، بطول 3.7كم، مما أسهم فى توفير وقت الوصول إلى قرية النزلة وربطها بمركز الشواشنة وأبشواى للمساهمة فى التنمية السياحية، فضلا عن أعمال تركيب الانترلوك، وتطوير وتجميل الميادين، علاوة على زراعة سفح الوادى وعمل بوابة على مدخل منطقة الفواخير لإتاحة الرؤية للمنظر الجمالى لمصرف الوادى، وتوصيل مياه الشرب، وعمل أسقف من الخشب للمخازن للحفاظ على إنتاج الفخار من التأثر بالعوامل الجوية، وتطوير منطقة الحرق.
أوضح المهندس محمود مجاهد، رئيس جمعية تنمية المشروعات بالنزلة، أن القرية تقع ضمن مشروع القرى المنتجة وتسعى المحافظة لتطوير صناعة الفخار بها لفتح آفاق جديدة للتصدير مشيرا إلى أنه تقرر تقديم منح وقروض مقدمة من بعض الدول الأجنبية لجمعيات التنمية بالقرية لتطوير صناعة الفخار وتحويل الأفران من أفران بدائية ملوثة للبيئة إلى أفران حديثة تعمل بالغاز الطبيعى، والارتقاء بالصناعة بما يتناسب مع التطور التى تشهده تلك الصناعات كما تقرر رفع كفاءة المرافق والخدمات استعدادا الموسم السياحة الشتوية التى تشهد اقبالا منقطع النظير من السائحين المحليين والعالميين.
كشف «مجاهد» أن السبب الرئيسى لاهتمام الزوار والوفود السياحية بالمكان، ليس لجماله وروعة طبيعته وانما لانفراده بالطريقة البدائية فى صناعة الفخار والتى لا تزال تُمارس فى النزلة، وتعود جذورها إلى آلاف السنين، كما كانت يفعل المصرى القديمة وهى طريقة غير موجودة فى كثير من الأماكن الأخرى فى العالم، وأن معظم السائحين يبحث عن الأصالة وتجارب الانغماس فى الحياة المحلية التقليدية، وهناك اهتمام من دول أوروبية مختلفة مثل فرنسا وألمانيا وغيرها.
أضاف كمال عبدالسلام محمد، ان المنطقة يزورها باحثون وسائحون أمريكيون، وقد تم نشر كتب موثقة عن الفخار بالفيوم بواسطة كتاب مثل نيل هيوسون من الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
د.مروة محمد عيسى.. أيقونة التحدى
سوهاج ذ ياسمين حربى بلوم :
د.مروة محمد عيسى ابنة محافظة سوهاج .. بدأت أول معركة حقيقية فى حياتها، بعدما أُصيبت بشلل الأطفال، ولم تكن هذه الإصابة مجرد أزمة صحية عابرة، بل تحدٍ مبكر رسم ملامح رحلة طويلة من الصبر والإصرار، فزرعت داخلها الثقة بالنفس، والاعتماد على الذات، وحرية التعبير.
بحثت مروة عن أدواتها الخاصة للحياة، حيث تعلّمت اللغة الإنجليزية، وعشقت التطريز، ولم يكن بالنسبة لها مجرد هواية، بل وسيلة للإنتاج والشعور بالاستقلال، وفى المدرسة، لم تطلب معاملة خاصة، بل كانت تتنافس بهدوء، حتى أصبح التفوق عادة.. وهذا التفوق قادها إلى كلية الآداب بجامعة سوهاج، قسم اللغة الإنجليزية، حيث تخرجت بتفوق، ثم واصلت طريقها العلمى بالحصول على ماجستير فى إدارة الأعمال، لأنها كانت تؤمن أن المعرفة هى السلاح الأقوى فى مواجهة أى عائق.
لم تكتفِ بالشهادات الأكاديمية، بل فتحت لنفسها أبوابًا جديدة من التدريب والتعلّم، ودرست الحاسب الآلى والجرافيك، والتحقت بدورات احترافية فى الموضة والتطريز بالمعهد الفرنسى بالقاهرة، ورغم إصابتها بشلل الأطفال، استطاعت أن تستخدم ماكينة الخياطة بقدميها، فى مشهد يلخّص فلسفتها فى الحياة، كما خاضت تدريبات متقدمة فى اللغة الإنجليزية بجميع مستوياتها، وبرامج فى التنمية البشرية وريادة الأعمال، ومهارات الاتصال والتفاوض والإقناع، وبناء فرق العمل، وتخطيط المشروعات وتقييمها.
فى عام 2009، خرجت حكاية مروة من إطارها الشخصى إلى المجال العام، وقررت أن تحوّل تجربتها إلى رسالة، فبدأت دراسة القوانين والتشريعات الوطنية، والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، ومع الوقت، أصبحت صوتًا فاعلًا لهم فى محافظة سوهاج، لا يكتفى بالكلام، بل يعمل على أرض الواقع، وشاركت فى إدارة وتنفيذ مشروعات تنموية كبرى، من بينها «انطلاقة – التدريب من أجل التشغيل» و»مستقبلك فى مشروعك»، بهدف فتح أبواب التدريب والعمل أمام الشباب والفتيات، من ذوى الإعاقة
حصلت مروة على الصفة الاستشارية لدى المجلس الاقتصادى والاجتماعى للأمم المتحدة، ممثلة عن جمعية «تمكين»، وأصبحت تشارك فى إعداد تقارير دورية تُناقش فى مقر الأمم المتحدة بجنيف، وترصد واقع حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، وما تحقق وما لم يتحقق بعد. وعلى المستوى الوطنى، التحقت ببرنامج «المرأة تقود للتنفيذيات» بالأكاديمية الوطنية للتدريب لمدة عشرة أشهر، وكانت الوحيدة من ذوى الهمم ومن محافظة سوهاج، وبعد اجتيازها البرنامج، جرى ترشيحها للعمل بوزارة التضامن الاجتماعى، حيث تعمل حاليًا بالإدارة العامة للتطوير المؤسسى فى العاصمة الإدارية الجديدة، وشاركت فى تطوير العمل داخل عدد من الإدارات المركزية، إلى جانب حصولها على تدريب متخصص فى الرقابة الإدارية ومكافحة الفساد.
ورغم هذا الحضور المؤسسى، لم تبتعد مروة عن الناس، حيث شاركت فى برامج تأهيل المرأة وذوى الإعاقة للمشاركة السياسية، وأسهمت فى مراقبة الانتخابات والاستفتاءات، وحضرت مؤتمرات ومبادرات لدعم الديمقراطية وحقوق المرأة وعلى الأرض، قادت أكثر من عشرين مبادرة نوعية بمحافظة سوهاج، من نشر لغة الإشارة، ومحو أمية برايل، إلى التمكين الاقتصادى للنساء ذوات الإعاقة، ورفع الوعى بالحقوق القانونية، لأن الإيمان الحقيقى بالتغيير – فى نظرها – يبدأ من المعرفة.
ملوى ودير مواس ..تاريخ من العسل الاسود

باهى الروبى
يأتى شهر يناير من كل عام ليحمل الخير لصناعة تعد من أقدم الصناعات وهى صناعة العسل الأسود.. تلك الصناعة المكتوبة على جدران العصارات القديمة والتى مَرَّ على إنشائها أكثر من 200 عام ومنتشرة فى ملوى ودير مواس .. حيث تعد المنيا أشهر محافظات صناعة العسل الأسود من قصب السكر حيث تزرع مساحة 60 ألف فدان يذهب انتاجها إلى مصنع سكر أبو قرقاص وعصارات العسل الأسود وعصارات مشروب قصب السكر.. ويعد مركز ملوى قلعة صناعة العسل ومن أكبر مراكز تصنيع العسل الأسود الذى يتم تصديره، ويعتبر طبق العسل الملوانى وجبة رئيسية يتناولها السياح القادمون للمناطق الأثرية بالمنيا مع الفطير المشلتت بل هى وجبة الفقراء والاغنياء معا بصعيد مصر.
المهندس عماد حسن مدير عام التنمية بمحافظة المنيا أوضح أن المنيا بها أكثر من 200 عصارة من بين 400 عصارة على مستوى الجمهورية طبقا لإحصائيات وزارة الصناعة وتتركز أغلبها فى محافظتى المنيا وقنا وتنتج حوالى 70 ٪ من العسل الأسود فى مصر إلا أن معظم تلك العصارات تعمل بشكل بدائى وغير مرخصة وتحتاج للتطوير من أجل زيادة استثماراتها، بما يتناسب مع حجم الطلب الخارجى عليها بما يوفر العملة الصعبة للاقتصاد المصرى.
مضيفا: إن المصانع الكبرى وتجار المواد الغذائية المصدرين يأتون إلى ملوى كل عام للحصول على العسل المصنع لإعادة تعبئته وتغليفه وبيعه بعلامات تجارية معروفة وخاصة أن العسل المنياوى عسل مكتمل الفائدة، لأن أصحاب العصارات يستخدمون عصير القصب بالكامل فى التصنيع، حيث ينتج فدان القصب الواحد ما بين 70 و80 قنطار عسل، والقنطار حوالى 25 كيلو جراما ويحصل عليه التجار من العصارات بأسعار بسيطة، ويتم إعادة طرحه بعد التعبئة وتصديره لعدد من الدول.
قبل أكثر من 10 سنوات وضعت محافظة المنيا خطة لتطوير صناعة العسل الأسود بإنشاء مصنع جديد متطور بقرية تونا الجبل بملوى، إلا أن المشروع تعثر تنفيذه واستكماله لعدة سنوات رغم إنفاق ملايين الجنيهات بالتنسيق والتعاون مع وزارة الصناعة والتجارة (مركز تحديث الصناعات الغذائية) بغرض استثمار انتاج العسل الاسود فى منطقة جنوب المنيا، وإلغاء العصارات البدائية وفتح مجالات لتصدير العسل الاسود خارج مصر .. وقامت المحافظة بإعداد دراسة نقل تبعية المصنع للمحافظة واتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية لتنفيذ ذلك، والعمل على إعادة تشغيل وتطوير ورفع كفاءة المصنع.. وفى سياق متصل تم استكمال الدراسة مع وفد التكتلات الاقتصادية ببرنامج التنمية المحلية بصعيد مصر الممول من الحكومة المصرية بمساهمة من البنك الدولى، وتم بالفعل بدء التشغيل التجريبى لمصنع العسل الأسود فى «تونا الجبل» عقب أعمال التطوير ورفع الكفاءة التى تم تنفيذها وفقا لمذكرة الاتفاق التى وقعتها المحافظة مع الهيئة.. حيث تم إنتاج أول وحدة تقشير للقصب فى مصر وإنتاج عسل أسود فائق الجودة يلبى احتياجات السوق المحلى والتصدير للخارج ويراعى أعلى مستويات الجودة فى كل مراحل انتاجه، وسيكون نموذجا لانتشار مثل هذه المصانع بالمنيا، فضلا عن منظومة حديثة فى صناعة العسل وإزالة الملوثات من المياه.
وفى جولة بمركز ملوى التقينا أصحاب العصارات والعاملين فيها حيث أوضح مصطفى عبدالرحمن أن عصارة القصب يعمل بها فى الموسم 100 فرد، وأن العمل بالعصارة يبدأ فى السادسة صباحًا بتكسير القصب من الأرض الزراعية، ثم نقله حيث يتولى سائقو اللودر رفعه أعلى العصارة، ليقوم عمال آخرون بوضع المحصول فى ماكينات العصر وتحويل القصب إلى عصير، بينما يتولى الطباخون مهمة الإشراف على غليان العسل فى عيون نحاسية عملاقة كل منها لها متخصص، ثم التنقية والتقليب، وبعدها يبدأ الفريق الأخير فى التعبئة فى صفائح مدون عليها تاريخ الإنتاج.
ثروت طلعت أقدم طباخ للعسل فى العصارة، يعمل 10ساعات يوميًا، يبدأ السابعة صباحًا وينتهى الخامسة مساءً، ويختص عمله بمراقبة دخول العسل من مواسير العصير إلى العيون النحاسية الــ6، فما بين كل واحدة والثانية يدخل العصير مرحلة حرارية مختلفة، لتكون المرحلتان الأخيرتان هما الأهم، بعد الوصول إلى درجة الغليان، ثم تحويله للعين الأخيرة لتصفيته وتعبئته فى خط مواسير العسل المصفى.
نادى فهيم مزارع وطباخ بإحدى العصارات يحكى أن صناعة العسل تمر بــ5 مراحل تجميع المحصول ونقله للعصارات، ثم تنظيفه من الشوائب، والقيام بعصره، والرابعة الطبخ، والخامسة التعبئة والتغليف.
من جانبها طالبت جمعية تنمية وتطوير العسل الاسود بالمنيا بتقنين أوضاع هذه الصناعة وتطويرها وإدخالها ضمن المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» والاستغناء عن الطرق البدائية فى الطهى مما يعزز من جودة المنتج ومطابقته لشروط التصدير وخاصة ان المادة الخام متوفرة بنسبة 100 ٪ قصب السكر.. حيث ينتج فدان القصب 100 قنطار عسل اسود تقريبا.









