إذا استوقفك شخص لا تعرفه.. وسألك عن اسمك وعنوانك.. تصيبك الدهشة لأول وهلة.. ويتوقف لسانك عن النطق.. لحظة قبل أن تسأله.. من أنت ولماذا.. وكيف.. بينما تقدم بنفسك وبكل طواعية وبأدق المعلومات عنك لجاسوس خطير تحمله بين يديك.. وتضعه فى جيبك.. ويطلع على كل أسرار بيتك.. ولا تندهش إذا قلت لك إنه بقدر شغفك وتعلقك بهذا الجاسوس الصغير الخطير.. وبقدر الساعات الطويلة.. التى يأسرك فيها بين يديه.. وبقدر العالم الخاص الذى يعيشه كل فرد من الأسرة فى عزلة عن الآخرين.. بقدر كل ذلك.. ستكون الرغبة فى الخلاص منه والابتعاد عنه.. وسوف تفر منه.. فرارك من «الجذام».. فهذا الجهاز الخطير.. وهذا الذكاء الاصطناعى المذهل.. سوف يكون سبباً فى نهاية الكون.. وبقدر كل خطوة نحو تقدم الذكاء الاصطناعى المذهل.. ستكون السرعة نحو نهاية العالم.. وفناء البشرية.. فالذكاء الاصطناعى.. الذى يحيى الموتى بين يديك.. ويعرض لك مؤتمراً عن أحداث الساعة يتحدث فيه من طواهم الثرى.. وذاب رفاتهم وصار أديماً.. هو الذى يتحكم فى كل معلومات البشر.. وهو الذى يتحكم الآن فى كل المعلومات المتعلقة بالنووى والذرى وأخطر شبكات التسليح العالمى.. وأى خطأ يقع فيه الذكاء الاصطناعى قد تنطلق الصواريخ النووية إلى كل الأهداف.. فتكون النهاية لمئات الملايين من البشر.. والذى يطالع أسباب استقالة أبوالذكاء الاصطناعى.. «جيفرى هينتون» من منصبه ليبرئ نسه من العواقب الوخيمة على البشرية من اختراعاته.. وليحذر العالم من هذا التقدم المذهل وتعدد استخداماته ليس فى صالح البشرية وإنما فى الإضرار بين البشر.. وفناء المعمورة بأسرها.. وما حدث لمجموعة من خبراء الذكاء الاصطناعى فى توجيه إحدى الطائرات المسيرة نحو هدف معين.. وأراد الخبراء إلغاء الأمر أو توجيه المسيرة لمكان آخر.. فما كان من الطائرة المسيرة التى تم تغيير الأمر لها.. أن عادت إلى الموقع الذى أعطاها الأمر لتنسفه نسفاً!!
>>>
أعود إلى هذا الجاسوس الخطير الذى تحمله بين يديك ويطلع وينقل ويسجل كل صغيرة وكبيرة عنك وعن أسرتك وحياتك دون أن تدرى.. إنك تمده بمحض إرادتك بكل المعلوات الدقيقة عنك وعن حياتك.. طوال سنوات عديدة.. تمده خلالها بكل جديد فى حياتك.. بل كل لحظة تمر بها يسجلها بعناية.. حتى تعليقك على بوست معين.. تجده يخزن كل تعليقاتك على صفحتك أو لأصدقائك أو أسرتك أو أى جروب تشاركه.. يخصص صفحة خاصة أو «فايل» مستقل فيه كل صغيرة وكبيرة عنك وبدقة متناهية.. بلون شعرك.. ولون عينيك ووزنك وطولك.. ولون بشرتك.. والألوان التى تحبها.. وانتمائك الحزبى والكروى.. والأطعمة التى تحبها.. ولو ذهبت يوماً.. إلى مقر الشركات العالمية التى تدير هذه الأنظمة.. «فيسبوك.. أو يوتيوب.. جوجل.. تيك توك» سوف تندهش عن كل المعلومات والصور لك ولأسرتك وكل المناسبات والآراء حتى السيارة التى تملكها ولونها ورقمها.. تجدها أمامك من أين وكيف؟!..
والآن العديد من الدول.. أصبحت ليست فى حاجة لتسأل عنك وإنما ستطلب منك الموبايل وأنت تجلس عدة دقائق تحتسى «القهوة».. يكون لديهم كل صغيرة وكبيرة عنك.. وغداً.. سيصل الذكاء الاصطناعى إلى فوق كل تصور.. ويمكن إرسال رسالة مثيرة جداً وفيما تعشق وتحب.. وتلهث وراء فتحها.. فتكون الرسالة مثلاً اختراق فورى لكل معلوماتك وحساباتك.. أو انفجار فورى لبطارية المحمول فى وجهك.. فيسارع من يلهث وراء هذا الجهاز إلى الابتعاد عنه فوراً.. إذا علمت أنه حتى وهو مغلق.. يصور كل أسرارك ولقاءاتك داخل منزلك وغرفة نومك.. وأنه يحتفظ بكل فيديوهاتك.. التى لا تخطر لك على بال.. إنه أخطر جاسوس فى بيتك.. وفى الحروب.. ومن المعلومات المخزنة عنك يعرف عدوك.. كل انتماءاتك.. ويمكنه أن يوجه رصاصاته لك عن طريق بوستاتك وتعليقاتك عنه.. إنه أخطر من مجرد هاتف للتواصل مع الآخر.. وللحديث بقية.. «كيف تفنى البشرية»؟!









