حمل الأزهر الشريف عبر قرونٍ طويلة مسئولية حفظ القرآن الكريم وتعليمه ونشر علومه، فخرجت من بين جدرانه أجيال من العلماء والحفاظ والقراء والدعاة، الذين نشروا نور الكتاب العزيز فى شتى بقاع العالم، ولا يزال الأزهر الشريف يواصل دوره الريادى فى تحفيظ القرآن الكريم ونشر العلوم الشرعية من خلال الرواق الأزهري، بعدما بلغ عدد فروع الرواق 1500 فرع على مستوى الجمهورية، ويصل عدد الدارسين به قرابة ربع مليون دارس ودارسة، ولم يقتصر دور تلك الاروقة على تحفيظ القرآن الكريم فقط، بل امتد ليشمل تدريس العلوم الشرعية والعربية من خلال مناهج أصيلة تعبر عن وسطية الإسلام وتحارب الأفكار المغلوطة والهدامة، وقد حرص الأزهر على تأسيس «رواق النشء»، كما اهتمت أروقة الأزهر بالمرأة باعتبارها حجر الزاوية فى بناء الأسرة والمجتمع، وتم إطلاق المنصة الدولية الرسمية لأروقة الأزهر الشريف، لربط المصريين بالخارج، ووصلت المنصة إلى 70 دولة حول العالم.
شهدت أروقة الأزهر مسابقة قرآنية فى الحفظ والإتقان بين ذوى الهمم على 3 مستويات، شملت حفظ القرآن الكريم لمن لا يتجاوز عمره 28 عاماً، وحفظ ثلثى القرآن الكريم لمن لا يتجاوز عمره 22 عاماً، وحفظ ثلث القرآن الكريم لمن لا يتجاوز عمره 18 عاماً، بإجمالى جوائز نصف مليون جنيه، ليصل مجموع جوائز المسابقتين العامة وذوى الهمم إلى نحو مليونى جنيه.
«الجمهورية» حاورت الفائزين وأسرهم .. محمد عبد الحق زيدان طفل لم يتجاوز الــ10سنوات من المنوفية تحدى الصعاب ولم يستسلم للظلام ودخل النور قلبه بحفظ القرآن كاملا برغم إعاقته البصرية وشارك فى مسابقة «ذوى الهمم» بحفظ 20 جزءا وهو من المتفوقين دراسيا وتعلم القرآن على يد محفظة وشارك من قبل فى مسابقات قرآنية.
ينتمى محمد لأسرة بسيطة والده يعمل عاملا بإحدى المستشفيات ووالدته ربة منزل له أخ توأم من ذوى الهمم إعاقة حركية ومع ذلك يقدما لهما الدعم وبمثابة السند والعون، محمد لديه أحلام كثيرة يتمنى أن تتحقق ويلتحق بالجامعة ويحلم أن يقابل شيخ الأزهر د. أحمد الطيب ويزور المسجد الحرام وسيدنا النبى صلى الله عليه وسلم».
ماجدة كرم 26 عاما ابنة محافظة البحيرة طريقها لم يكن مفروشا بالورود لكنه كان عامرا بإيمانها بالله ترى أن القرآن بركة حياتها وكان عوض الله لها فى دراستها وعملها،ماجدة أم أخواتها فقد تولت مسؤولية شقيقيها بعد وفاة والدتها،والدها يعمل بالزراعة ورغم اعاقتها البصرية وحاجاتها من يرعاها حققت أحلامها بحفظ القرآن كاملا وتدرسيه حيث تعمل حاليا محفظة فى كٌتاب قريتها فهى خريجة كلية الدراسات الإسلامية شعبة الشريعة، تقدمت للمسابقة عبر الإنترنت وخضعت للاختبارات مرة فى الإسكندرية وأخرى فى القاهرة خلال مرحلة التصفيات حتى أثبتت جدارتها وأنها تعتمد فى حفظها على تسجيلات كبار المشايخ ومساعدة شقيقها أحيانا.
عبد الرحمن أحمد الطنطاوى مولود بإعاقة بصرية عوضه الله بنور القرآن فى قلبه ووجهه البشوش منذ أيامه الأولى كان كتاب الله فى حياته فقبل أن يتعلم الكلام كانت والدته والتى تعمل «محفظة» تتلو عليه الآيات فيهدأ لصوتها ويطمئنبدأ حفظ القرآنفى الثالثة من عمره واليوم أصبح تلميذا بالصف الثانى الابتدائى الأزهرى بالدقهلية، حافظا 10 أجزاء من القرآن الكريم، حضر مع والدته، وجده وجدته، الذين وصفوا عبد الرحمن بأنه طفل استثنائى محب للجميع يدفعه إيمانه بالله إلى حفظ كتابه والالتزام بأحكامه، وأنه يريد أن يصبح شيخا أزهريا.
أعرب على مصطفى «سائق» سعادته دخول نجله المسابقة قائلا: لقد تفضل الله علينا أن وهب لنا صلاح وأخته جني، ومنحهم البركة وأعطانا الصحة حتى نستطيع خدمتهم ونقف جنبهم، وأنه سيواصل دعمهم علميا حتى آخر يوم فى عمره.
صلاح طفل فى الــ 9 من عمره من مركز مغاغة بمحافظة المنيا يدرس بالصف الثالث الابتدائى الأزهري، ويسبق سنه فقد أتم حفظ القرآن الكريم كاملا العام الماضي، وهو مثال على النبوغ والتفوق ورغم اعاقته البصرية جاء القاهرة للمشاركة فى مسابقة شيخ الأزهر بحفظ ثلثى القرآن، وكان قد شارك قبل فى مسابقات على مستوى محافظة المنيا وحصل فيها على المركز الأول وله شقيقة من ذوى الهمم إعاقة بصرية أتمت حفظ القرآن وتقوم والدتهما ربة منزل برعايتهما مع أخ ثالث وتحرص على مرافقتهما وتعمل على راحتهما وتذليل الصعاب.
الشقيقان إيمان ومحمد وائل غريب من ذوى الهمم إعاقة بصرية من ديرب نجم ضربا مثلا رائعا فى التفوق الدراسى وحفظ القرآن الكريم إيمان حصلت على المركز الثانى على مستوى محافظة الشرقية فى الثانوية العامة وكذلك المركز الثانى فى المسابقة العالمية للقرآن ومسابقة شيخ الأزهر هى وشقيقها والذى حصد أيضا المركز الأول على المحافظة فى الشهادة الابتدائية وكان وراءهما أُما عظيمة كرست حياتها لخدمتهما.
محمد بدأت رحلته مع الحفظ فى سن السادسة وختم القرآن كاملا فى عامين يدرس حاليا بالصف الثالث الإعدادى الأزهرى ويؤكد أن حفظ القرآن سهل ويسير على من يسره الله له ويشارك فى المسابقة بثلثى القرآن وشقيقته ايمان بحفظ القرآن كاملاً وهى تدرس فى الفرقة الثالثة بكلية الدراسات الإسلامية وتؤكد أن فضل ما وصلوا إليه يعود إلى والدتهما بما تتحمله من جهد ومثابرة وصبر مشيرة إلى أن حياتهما كلها مبنية على هذا الدعم اليومى وأن القرآن كان ولا يزال مصدر القوة الحقيقى لهم.
قالت والدة محمد وإيمان «أحرص على أداء صلاة الفجر مع أبنائى ثم نقرأ وردنا اليومى من القرآن وهو خمسة أجزاء وبعدها يستمعا إلى التلاوة ومذاكرة المتون على الهاتف موضحة أن القرآن ينير العقول ويفتح القلوب» .
عبد الله محمد القصيرى من مدينة ميت غمر تلميذ بالصف الخامس الابتدائى بالمعهد الأزهرى إعاقته بصرية حفظ 20 جزءاً من القرآن الكريم ويريد أن يواصل رحلته مع علوم القرآن تلقى دورة فى الكمبيوتر بطريقة برايل فهو طفل ذكى وموهوب جدا.
والدته ربة منزل ووالده محاسب ولديه أربعة أشقاء تقول والدته «أنا حريصة على تحفيظ جميع أبنائى القرآن الكريم لكن اهتمامى بعبد الله مضاعف وأؤمن أن رسالته فى الحياة هى القرآن حتى يصل إلى أعلى مراتب العلم ويكون شيخا للأزهر وتضيف والدته» أذهب به يوميا إلى المعهد وأعود به وأذاكر له فى المنزل وأساعده على الحفظ ورضا الله علينا به يساوى الدنيا كلها» .
قطعت مشوار ثلاث ساعات لكى أرى ابنتى سعيدة والد سلمى عصام والذى حضر معها مشاركتها فى المسابقة يقول ربنا أكرمنى بسلمى وشقيقها عمرو وهما من ذوى الهمم إعاقتها حركية يحفظان القرآن الكريم هما نوارة البيت وبركة حياتنا» .
فسلمى طالبة بالصف الأول الإعدادى حفظت القرآن وشاركت بحفظ 20 جزءا والدتها ربة منزل تلازمها وتساعدها فى جميع شؤونها ولديها شقيق حافظ للقرآن الكريم كاملا برقم الآية والجزء ورقم الصفحة تقول سلمى إن هذا الدعم الأسرى كان الدافع الأكبر لها للاستمرار والتفوق وتحلم بأن تصبح معيدة أو دكتورة فى الجامعة لأن العلم يعمل على تحقيق الذات مهما كانت التحديات.
من رحم الألم يولد الأمل ويتجسد فى قصة عبد الله محمد غطاس ابن محافظة الغربية نموذج اختار القرآن طريقاً للحياة رغم قسوة التحديات الصحية التحق بكتاب القرية منذ الصف الأول الابتدائى وأتم حفظ القرآن الكريم كاملاً بالتجويد قبل نهاية الصف السادس الابتدائى والتحق بمعهد القراءات بطنطا وهو يدرس بالصف الثانى الإعدادي.
ظروف صعبة تعيشها الأسرة حيث يعانى عبد الله من مرض العظم الزجاجى وخضع على مدار 12 عاما لعدة عمليات جراحية بعد تعرضه لكسور متكررة فى اليد والقدم وتم تركيب مسامير طبية لمساعدته على الحركة ورغم ذلك لا تتوقف والدته والتى حضرت به للمسابقة عن ترديد الحمد لله تقول «والده يعمل على باب الله وربنا دائما بيدبرها» وتضيف» القرآن نافع لابنى فى الدنيا والآخرة ولو قابلت رب كريم أبسط حاجة يفتح كُتاب ويعتمد على نفسه».
لعبد الله ثلاثة أشقاء أخ أكبر خريج كلية التربية الرياضية وشقيقتان إحداهما تدرس علم الاجتماع والأخرى بالصف الثالث الثانوي.
جاءت سندس محمد عوض التلميذة بالصف الخامس الابتدائى من محافظة البحيرة مع والدتها وشقيقها طه تشارك فى المسابقة بحفظ ثلث القرآن الشقيقان من ذوى الإعاقة البصرية ضربت والدتها مثلا فى الصبر على مصاعب الرحلة والتى وصفتها بالشاقة جدا لكنها تهون من أجل القرآن.
والد سندس يعمل ميكانيكى ووالدتها ربة منزل تفرغت لرعاية أولادها قالت الأم أن أكبر التحديات كانت حرمان الأطفال من اللعب مثل أقرانهم فى مقابل الالتزام اليومى بالحفظ والمراجعة حيث تدرس سندس فى الفرقة الثانية تجويد بمعهد القراءات وتحلم بأن تكبر لتصبح دكتورة فى علوم القرآن.
قال حسين رمضان دهشان أنه تخرج فى كلية الدعوة الإسلامية ومسجل حاليا بالدراسات العليا وقد اجتاز السنة الأولى بتقدير جيد جدا ويواصل دراسته فى السنة الثانية وشارك فى مستوى حفظ القرآن الكريم كاملا لذوى الهمم إعاقة بصرية مؤكداً أن رحلته مع كتاب الله بدأت منذ الصغر بدعم من جده وجدته رحمهما الله ثم أكمل والديه المسيرة حتى أتم حفظ القرآن كاملا جة ثم اتجه بعد ذلك إلى تعلم القراءات.
أوضح الشيخ حسين أن القرآن يرفع أهله وحفظته ويرفع صاحبه يوم القيامة ويعلى شأنه وعندما يعمل الإنسان بما فى كتاب الله ويطبقه يكرمه الله فى الدنيا والآخرة فى الدنيا ليس بالمال فقط بل بالعلم وبكل شيء وفى الآخرة يجعله مع حفظة القرآن فى الجنة.
حسين حصل على المركز الثانى فى الفرع السادس ضمن المسابقة العالمية للقرآن الكريم التى أقيمت العام وهو من أسرة طبيبة فوالده طبيب بشرى ووالدته طبيبة وشقيقته الكبرى إسراء خريجة كلية الصيدلة وحافظة لكتاب الله بينما يدرس شقيقه أحمد بكلية طب الأسنان والصغيرة سلمى تحفظ كتاب الله.
أما محمد أحمد أبو شوشة من محافظة المنوفية طالب بالصف الثالث الثانوى بالمعهد الأزهرى أتم حفظ القرآن الكريم كاملا بالتجويد تقول والدته والتى حضر بصحبتها لمسابقة شيخ الأزهر أنه الوحيد على ثلاثة بنات هدير مهندسة ونوران طبيبة بشرية وتسنيم طبيبة أسنان ثم محمد أصغر إخواته وهو ذو إعاقة بصرية.
أضافت والدة محمد أنها مُعلمة ووالده موجه بالمعاش وانهما سخرا وقتهما ومجهودهما حتى يصل إلى بر الأمان محمد يريد أن يكون مؤذنا وتتمنى والدته أن تراه أحسن إنسان فى الدنيا وتدعو أن يجعل أولاد الحلال فى طريقه دائما.









