ومع توغل السوشيال ميديا وانتشارها بشكل غير مسبوق لم يعد هناك شئ آمن ولم يعد هناك حدث لايمكن إفساده حتى الجنازات وسرادقات العزاء وخاصة للمشاهير الذين تتحول جنازاتهم إلى نوع من أنواع التهريج وغير المقبول ليفقد الموت هيبته ويتحول الأمر إلى شئ من الهزل المختلط بتفاهة الباحثين عن الترند حتى فى حالات الوفاة التى تكسوها رهبة الموت لتتحول على أيديهم إلى مهزلة مصورة !!
فى البدايات كان المصورون من المواقع والصحف الرسمية فقط لتوثيق جنازة شخصية مشهورة سواء كانت فنية أو سياسية أو غير ذلك دون تجاوز.. ومع توحش السوشيال ميديا وظهور الترند والصفحات التى يملكها أفراد لا يمتون للإعلام بصفة ولا تربطهم بالصحافة أى روابط بدأ الأمر يتحول إلى أزمة يعانى منها المشاهير فى جنازاتهم أو فى سرادقات العزاء التى ترى فيها المصورين وهم يلهثون خلف شخصية مشهورة فى طريقها للعزاء أو لتصوير فنانة وهى تبكى أو فنان وهو يصافح أهل الميت وآخر يجرى ليهرب من مطاردة المصورين له .. وبالطبع تتحول حالات كثيرة إلى مشادات تتطور إلى ما هو أسوأ ليمارس المصورون هوايتهم فى تسجيل صور وفيديوهات للمشاهير على اختلافهم وهم يفقدون أعصابهم أو حتى فى مواقف لا يصح أن يظهروا عليها فى مشاهد تذاع على العلن أو يتم بثها على الهواء مباشرة .. الغريب أن هؤلاء المصورين الذيت لاينتمون لجهات إعلامية فى أغلبهم لم يعودوا يعرفون للموت حرمة ولا مراعاة لمشاعر أهل المتوفى .. بل يتطاولون فى سباق محموم لتصوير أهل الميت .. بل والتسابق للحصول منهم على تصريحات ساذجة و»خايبة» تدور كلها حول «حاسس بإيه بعد وفاة فلان» و«إيه شعورك دلوقت فى جنازة فلانة» ليخرج لنا فى النهاية مشهد هزلى ساخر بعيد كل البعد عن حرمة الموت ورهبة الموقف .. بل وصل الأمر إلى تصوير ما يحدث حول القبر وداخله من حالات بكاء وانهيار وحزن أو خلافه ..
الكارثة الأكبر الآن أن بعض الصحف والمواقع المشهورة عندما وجدت نفسها فى مواجهة الترند أصبحت على قدم المساواة مع هذه الجهات التى لا تنتمى للإعلام بشكل من الأشكال وأصبحت ترسل مندوبيها من شباب المصورين والصحفيين لتغطية الجنازات وسرادقات العزاء فى سباق محموم مع صفحات مجهولة ومع مدعى المهنة التى امتلأت للأسف بالمدعين الذين أساءوا للصحافة والإعلام بشكل لم يعد مقبولا ولا مبررا أبدا.
نقابة الممثلين طالبت من قبل بمنع التصوير فى الجنازات .. ونقابة الصحفيين طالبت بوقف تغطية الجنازات لحين وضع ضوابط تحمى حرمة الحياة الشخصية للمواطنين، وتحفظ كرامة الصحفيين وهيبتهم .. ولكن للأشف الشديد حتى الآن مازالت مواقع بير السلم والصفحات المجهولة وأصحاب التيك توك والباحثون عن الترند يمارسون هواياتهم فى إفساد الجنازات واختراق الخصوصية لتتحول أى جنازة إلى مشهد هزلى مرفوض بأى شكل من الأشكال .









