يقف الآلاف من حملة الماجستير والدكتوراه، بعد أن قضوا سنوات حياتهم فى الدراسة والبحث، وسعوا لتقديم أفضل ما لديهم لوطنهم، ليجدوا أنفسهم خارج أى خطة.
قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1974 لسنة 2021 الذى شكّل لجنة وزارية لدراسة كيفية الاستفادة منهم، لم يسفر عن نتيجة حتى الان، فقط التأجيل المتكرر والإخفاء المستمر لنتائج اللجنة.
بحسب بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ معدل البطالة فى الربع الثالث من 2025 نحو 6.4 ٪، أى حوالى 2.23 مليون عاطل، بينهم 83.1 ٪ من حملة مؤهلات متوسطة فأعلى، بما فى ذلك حملة الدراسات العليا.
ليست أرقامًا جامدة، بل وجوه شباب، واعد ومجتهد، أضاعوا سنوات حياتهم، طاقات علمية تم إهمالها، وأحلام معلقة بلا فرص حقيقية، استمرار تجاهلهم هدر ممنهج لعقول وطنية، ويدل على عجز غير مبرر، عن استثمار أهم موارد الدولة.
دول عدة حولت نفس المشكلة إلى مكسب وطني، منها فنلندا حيث دمجت حملة الدراسات العليا فى الاقتصاد المنتج من خلال سياسات تربط التعليم العالى بالبحث العلمى والابتكار، فصار الشباب جزءًا مباشرًا من التطوير الصناعى والتكنولوجي، وحوّلوا المعرفة إلى منتجات وخدمات ملموسة. وغيرها دول نجحت فى استثمار الكفاءات عبر برامج حكومية ومراكز بحثية، دمجت الخريجين فى مشاريع استراتيجية لتعزيز الابتكار والتنمية الاقتصادية، مع توفير مسارات واضحة لتحقيق أثر حقيقى على المجتمع والاقتصاد، رغم اننا علمنا العالم – الكتابة – منذ آلاف السنوات وكنا اقدم الحضارات.
كل يوم تأجيل يعنى هدرًا للطاقات الوطنية الأكثر تأهيلاً وبقاء الشباب الأكثر كفاءة بعيدًا عن خدمة وطنهم.
إنصاف حملة الماجستير والدكتوراه ليس رفاهية، بل واجب وطنى عاجل للحكومة.. دمجهم بشكل حقيقى يحوّل المعرفة إلى قوة فعل، والخبرة إلى خدمة عامة، والبحث العلمى إلى مشروع وطني. مصر مطالبة بتحويل هذا التحدى إلى فرصة للنمو والابتكار، كما فعلت دول كثيرة واستطاعت التقدم بعقول أبنائها.









