سن البعض السكاكين للحكومة وأنكروا أى نجاحات لها وساقوا الأسباب والمبررات من وجهة نظرهم، اعتمادًا على معيار واحد، وهو معاناة المواطن، وأن النجاح يعتمد فقط على الانعكاس على المواطنين، سواء لأسباب ارتفاع الأسعار وعدم رفع الأجور والمرتبات والمعاشات، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن، لكن فى ذات الوقت هؤلاء تجاهلوا عوامل واعتبارات أخرى كثيرة، وهنا لا أدافع بل ربما ألمس معاناة المواطن بشكل واضح، لكن جل ما أريده هو تناول الصورة بشكل شامل بانصاف وموضوعية، دون تهوين أو تهويل ودون ظلم أو إجحاف للحكومة، لها ما لها، وعليها ما عليها فالذين يتهمون الحكومة بالفشل استنادًا على معيار ومقياس واحد، هو أن المواطن لم يشعر بأى تحسن، ويعيش معاناة قاسية فى ظل ارتفاع الأسعار والتضخم، وعدم رفع المرتبات والأجور والمعاشات وبالتالى انخفاض القدرة الشرائية ووجود معاناة قاسية، و لكن هناك اعتبارات وأسبابًا يتجاهلها المتحاملون على الحكومة، وهى أن مصر ربما بدأت رحلة شاقة من الإصلاح الاقتصادى والضرورى والحتمي، من أجل الوصول إلى العلاج الناجع وهنا استشهد بحديث الدكتور محمد معيط وزير المالية السابق، المدير التنفيذى بصندوق النقد الدولى وممثل المجموعة العربية حاليًا، «إنه لا توجد حلول قصيرة الأجل على طول» ونحن فى مرحلة العلاج وأننا فى نهايته والعلاج يحقق نتائج جيدة خاصة فى ظل المؤشرات الإيجابية للاقتصاد الكلي، وارتفاع معدل النمو الاقتصادى إلى 5.3 ٪ والاحتياطى النقدى الأجنبى إلى أكثر من 50 مليار دولار وهناك مؤشرات ايجابية بارتفاعه خلال الفترة القادمة وارتفاع معدلات الصادرات، والاستثمارات بأرقام غير مسبوق وأيضا وجود فرص اقتصادية واستثمارية واعدة، تشير إلى مزيد من الاستثمارات فى قطاعات كثيرة فى ضوء ما تقدمه مصر خلال السنوات الأخيرة من مشروعات عملاقة فى البنية التحتية على مستوى جميع ربوع البلاد، وفى جميع القطاعات وإنجازات فى مجال الطاقة والموانيء، وعودة الاستقرار فى المنطقة سيؤدى إلى عودة المعدلات الطبيعية لإيرادات قناة السويس التى فقدت ما يقرب من 9 مليارات دولار خلال عامى العدوان الإسرائيلى على غزة ووجود توترات فى البحر الأحمر.
الدكتور معيط بشر المواطنين بأنهم سيبدأون فى الشعور بالتحسن فى مستوى المعيشة والإحساس بالتحسن فى دخولهم ومرتباتهم فى مارس القادم مشيرًا إلى أن هذه الفترة تمثل الإطار الزمنى المتوقع لنهاية الإصلاح الاقتصادي، فى ظنى أن حديث الدكتور معيط هو الخطاب الذى يجب أن يعيد للناس بث روح التفاؤل ولابد أن تكثر الحكومة من الحديث للمواطنين ولا نكتفى بعناوين مقتضبة ولكن تروِّج الاخبار السارة والبشائر المستندة إلى حقائق وواقع وهو أمر مطلوب فى هذه الفترة المتحاملون على الحكومة، وهنا أنا لست فى موقع الدفاع عنها ولكن ما أرصده على أرض الواقع وربما لا يقيمه الذين يسنون السكاكين للحكومة، وهنا فنحن من أسباب المعاناة وهى ليست قاصرة فحسب على تداعيات الإصلاح الاقتصادى ولكن صدمات وأزمات مفاجئة، لم تكن فى الحسبان مثل جائحة كورونا التى هزت الاقتصاد العالمى وبطبيعة الحال أثرت والقت بظلالها على الدول والشعوب، ثم الحرب الروسية ــ الأوكرانية، وتأثيراتها الصعبة على سلاسل الإمداد والتوريد، وغيرها من التداعيات ثم الاضطرابات الجيوسياسية فى المنطقة ممثلة فى العدوان الصهيونى على قطاع غزة واتساع نطاقة وجبهاته وامتداداته ليصل إلى البحر الأحمر، وباب المندب، ولبنان، واليمن وإيران، وحجم الضغوط الهائلة على الدولة المصرية والتزاماتها تجاه الأشقاء الفلسطينيين، ناهيك عن استقبال مصر لما يقرب لـ10 ملايين لاجيء تعتبرهم ضيوفًا بسبب ما تشهده بلادهم من اضطرابات وحروب أهلية، وإرهاب وفوضى كل ذلك له فواتير وتكلفة على الخدمات والسلع وارتفاع أسعارها لكن فى النهاية مصر هى الشقيقة الكبرى، واستقبال الأشقاء واجب لا يمكن التخلى عنه.
دعونا نتفق أن كل ما تشهده المنطقة من صراعات وحروب وتوترات، وحرائق ومخططات تستهدف مصر وأمنها القومى وحدودها وأراضيها، من كافة الاتجاهات الإستراتيجية، وهذا ليس حديثى أو كلامى ولكنه الواقع، ورؤى المحللين، والإستراتيجيين، وما كشفته الحقائق على لسان المسئولين فى دول الأزمات، فى ظل استهداف مباشر للدولة المصرية سواء فيما يدور من مؤامرة على السودان والهدف مصر، وما تشهده ليبيا والهدف مصر، وإرباك أمنها القومي، ومحاولات النفاذ إلى الداخل منها.. والسؤال المهم الذى اطرحه على المتحاملين على الحكومة أو الدولة وأؤكد اننى لست فى موقع الدفاع الحكومة، لكننى سأطرح هذه التساؤلات، ماذا عن تكلفة حماية وتأمين الحدود.
ماذا عن تكلفة وفواتير رفع معدلات الجاهزية واليقظة وما هى ميزانيات بناء القوة والقدرة والردع اللازم لحماية الدولة المصرية وأمنها القومي، ووقايتها من المخططات والمؤامرات وحمايته والتواجد فى امتدادات الأمن القومى المصري، وأيضا، تأمين وحماية المقدرات الوجودية، والسؤال من يبلغ ثمن وتكلفة تحقيق الأمن والأمان والاستقرار للوطن والمواطن، وماذا عن شعور الشعب، إذا تم اختراق الدولة المصرية، وحدودها، وانتهاك سيادتها أو فرض المخططات عليها، أليست تكلفة بناء القوة والقدرة أمر حتمى ووجودي، ولماذا لا يضع هؤلاء المتحاملون فى اعتبارهم
ما يواجه الدولة المصرية من تحديات من وجهة نظرهم ولماذا لا يتحدثون عن نجاح الدولة فى دحر هذه التهديدات وأحكام القبضة على الحدود، الملتهبة فى كل اتجاه، وإجهاض المخططات والمؤامرات، ومنها على سبيل المثال مخطط التهجير.









