استلهام أحداث الماضى يساعد إلى حد كبير فى فهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل، بل قد نرى أن تجارب الماضى هى بالفعل وقوداً للمستقبل، وهى رؤية تتسم بالحيوية والحركة، تعتمد على فهم عميق وتحليل رصين لتفاصيل الوقائع والأحداث التى مضت وانقضت، لذلك نؤمن تماماً أنه إذا أردنا أن نعرف المستقبل، فلا بد أن ننظر أولاً إلى الماضي، ففيه العبرة والعظة والجواب عن كثير من التساؤلات وحسم لكثير من الأوهام، وهو إيمان لم يمنع أحد الساسة المؤرخين مثل تشرشل من أن يتنبأ بما ستفعله بريطانيا فى المستقبل مما فعلته فى الماضى ومزج الحكمة الكلية للتاريخ مع ما يجود به العقل والفؤاد من قدرة على التبصر، لذلك يمكن القول إن مصر بقيادتها السياسية الحكيمة أكدت خلال العام المنقضى وهو عام 2025 وبخلاصة ما حدث فيه، يجعل باستطاعتنا التنبؤ بما سيجرى خلال الأعوام القادمة، وهى ميزة تميزت بها القيادة السياسية أنقذت بها مصر من أزمات متعددة ومتعاقبة خلال السنوات الماضية ،بل إن هذه الميزة قد تكون أحد أهم علامات تصدر مصر للمشهد الاقتصادى خلال المرحلة القادم، ما نؤكد عليه أن الاقتصاد المصرى يسير على مسار نمو مستقر ونظرة مستقبلية إيجابية، وهو ما أكدته المؤسسات والوكالات الإنمائية الدولية، مع طفرة فى السياحة والصناعة والزراعة والصادرات وتحويلات المصريين بالخارج، صاحب ذلك سياسة نقدية متشددة.هذه الإنجازات هى نتيجة لجهد 10 سنوات مضت، وهى تعكس بوضوح حجم التحول الإيجابى فى وقت قياسي، مقارنة بتجارب دول كبرى استغرقت نحو 20 عاماً للوصول إلى نتائج مشابهة، والنتيجة هى خفض معدلات البطالة من نحو 13.5 ٪ فى عام 2013 إلى ما يقارب 6.2 ٪ حالياً، وهو ما يعكس الأثر الحقيقى لجهود مضنية استندت على بنية أساسية قوية كانت حجر الزاوية فى جذب الاستثمارات، وإتاحة فرص ومشروعات قومية عملاقة ويمكننى ربط ما سبق بما أكده جان تايلور فى كتابه عقول المستقبل، أنه من المؤكد أن المستقبل يخبئ للإنسان إنجازات أخاذة، ولكن أهمها سيتعلق بتلك الميزة الخاصة التى يمتلكها، ألا وهى تدوين خبراته حتى يستفيد منها الآخرون. وبناء على تجارب الماضي، تستهدف مصر خلال المستقبل القريب.
أولاً: بالنسبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة ،سعت مصر خلال الأعوام السابقة نحو تعزيز موقعها كمركز إقليمى جاذب للاستثمارات الأجنبية المباشرة، استناداً على إنشاء المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة الرئيس السيسى، وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالى 2025/2026 الهادفة لتحقيق قفزة نوعية فى التدفقات الاستثمارية الأجنبية، ومع ما يشهده القطاع الخاص من قفزة كبيرة فى عدد الشركات الجديدة ورءوس الأموال خلال السنوات الماضية، ارتفع عدد الشركات الجديدة من 22 ألف شركة فى 2019 إلى 40 ألف شركة فى 2025، وتم استهداف جذب استثمارات أجنبية مباشرة 16مليار دولار خلال العام القادم، وهو ما يعكس ثقة متزايدة فى الاقتصاد المصري، وقدرته على مواصلة النمو وتحقيق معدلات تنمية مستدامة، فى ظل ما تمتلكه الدولة من مقومات وإصلاحات هيكلية جادة، مع موقعها الإستراتيجى ووفرة القوى العاملة الماهرة،ومع استمرار الدولة فى تعزيز ما سبق فإنها ستصبح مركزاً إقليمياً جاذباً لرءوس الأموال الأجنبية مع الزخم الذى اكتسبته تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر بدعم من صفقة رأس الحكمة التى ضخت نحو 35 مليار دولار فى الاقتصاد المصرى العام الماضى وكذلك التركيز على نظام الرخصة الذهبية كأداة رئيسية لتحفيز الاستثمار، إذ تتيح هذه الرخصة الموحدة تأسيس المشروع وتشغيله وتخصيص الأراضى والحصول على التراخيص عبر جهة واحدة فقط وإصدار القانون رقم 160 لسنة 2023 الذى عدل قانون الاستثمار، لتقديم المزيد من الحوافز الضريبية، مع إلغاء بعض الإعفاءات الضريبية لتعزيز العدالة التنافسية بين القطاعين العام والخاص.كما تتجه الحكومة إلى استثمار المنطقة الاقتصادية لقناة السويس كمركز لوجستى إقليمي، بالإضافة إلى المناطق الصناعية المؤهلة «الكويز» والمناطق الحرة، بهدف جذب استثمارات نوعية وهنا يجب ان نؤكد بأن استمرار الجهود الحكومية فى جذب الإستثمارات وتحسين بيئة الأعمال سيضع مصر ضمن أفضل 30 اقتصاداً عالمياً بحلول 2030، ثانياً زيادة حصيلة الصادرات المصرية إلى 70 مليار دولار، وهو ما سوف نتناوله فى المقال القادم إن شاء الله.









