لا خلاف على أن الشعب المصرى يحمل فى جيناته الحضارية ملامح فريدة، صاغت عبر التاريخ شخصية صلبة واعية، قادرة على الصمود ومواجهة التحديات فالمصرى معروف بقوته وأدبه وأخلاقه، وعزيمته التى لا تلين، وإصراره الدائم على النجاح، فضلاً عن تحضره ورقيه فى التعامل، وهى سمات أصيلة شكّلت صورة مشرّفة لمصر بين الأمم، ورغم هذا الرصيد القيمى الكبير، فإن الواقع الحالى يفرض علينا وقفة جادة لإعادة النظر فى بعض السلوكيات المجتمعية الخاطئة التى تسللت إلى البعض، وباتت للأسف أسلوب حياة، ما يستوجب منا التصحيح والتقويم، حتى يكتمل رونق الشخصية المصرية ويزداد بريقها، ويظل اسم مصر مرفوعاً بين الشعوب.
ويأتى هذا التوقيت تحديداً ليؤكد الحاجة إلى تدخل عاجل من الجميع، بدءا من الأسرة، ومكان العمل، والمدرسة، والجامعة، ودور العبادة من مساجد وكنائس، لأننا بتنا على مشارف خطر حقيقى يتمثل فى تراجع منظومة القيم والأخلاق التى نشأنا عليها، ولا ننكر تحرك جهات عديدة إعلامية ودينية ومجتمعية لتشارك فى رفع وعى المواطنين بمخاطر بعض أنماط التفكير والسلوكيات غير السوية، بدءا من التطرف الفكري، والانحلال الأخلاقي، وما يتفرع عنه من الحسد والغل والغيرة السلبية، والرشوة، والغش، واستباحة قلة الأدب، وصولاً إلى ما يعرف بالكره التلقائي، إضافة إلى ذلك إدمان وسائل التواصل الاجتماعى والتكنولوجيا الحديثة، التى تفتقر فى كثير من الأحيان إلى ضوابط وقواعد واضحة، فضلاً عن تناول قضايا مجتمعية خطيرة مثل التنمر والتفكك الأسري.
وفى هذا الاتجاه، برزت العديد من المبادرات والحملات والندوات والبرامج واللقاءات التليفزيونية الهادفة إلى تصحيح السلوكيات المجتمعية، وفى مقدمتها حملة «صحح مفاهيمك» التى أطلقتها وزارة الأوقاف بالتعاون مع عدة جهات، والتى تستهدف رصد ومعالجة 43 سلوكاً سلبياً، وكذلك ندوة «خطاب الكراهية» التى دعت إلى تصحيح السلوك الفردى أولاً، وقادها مفتى الجمهورية بمشاركة ممثل عن البابا تواضروس، وغيرها من الجهود، ومن خلال توظيف وسائل الإعلام والتوعية الدينية والاجتماعية، يمكن إحداث تغيير حقيقى فى الأنماط السلوكية الخاطئة، عبر برامج تعزيز السلوك الإيجابي، وتهيئة بيئات محفزة، وتطبيق أساليب علمية تحقق التوافق النفسى والاجتماعى.









