الجزء الاخير من كتاب إسرائيل على حافة الهاوية للمؤرخ الإسرائيلى اليهودى إيلان بابيه يؤكد على أن إنهيار إسرائيل ليس موقفا سياسياً يمكن قبوله او رفضه بل عملية موضوعية بدأت بالفعل وينبغى مناقشة إحتمال حدوثها باعتبارها الموضوع الرئيسى فى الحوار حول مستقبل إسرائيل وفلسطين بدلاً من التركيز على مستقبل الفلسطينيين فمصير الفلسطينيين فى السنوات المقبلة هو شاغلنا الرئيسى ولكن على المدى البعيد مصير اليهود فى فلسطين التاريخية هو المسالة التى يجب حلها.
بنية الدولة والمشروع الايديولوجى اخذ فى الانهيار وأحد مظاهر تحديات الانهيار الداخلى للمجتمع اليهودى الإسرائيلى ما يتعلق بفرض دولة اوروبية إسرائيل على العالم العربى على حساب الشعب الفلسطينى الاصلى بجانب تحدى تعريف الدين بانه قومية اى تعريف اليهودية بانها قومية وليست دينا واذا كانت دولة يهودية فهى ثيوقراطية مسيانية فهى ماخلص من الكتاب المقدس او الادبيات التى نشرت بعد الكتاب المقدس ما نسميه (الهلاكا) فى اليهودية وهى اشبه بالشريعة اى انها نوع من القانون وهذا ما يحدد الموقف ليس فقط تجاه الفلسطينيين بل تجاه الدول العربيه المجاوره وهذا ما يمزق المجتمع اليهودى من الداخل فهذه نسخه مسيحية ويعتقدون أن لديهم فرصة تاريخيه لإعاده بناء مملكة ربما لم تكن موجوده ابداً لانها كلها خرافه مملكة سليمان وداوود ولكنهم يريدون اعادة انشائها ويمتد هذا الى ما وراء فلسطين وهذا مع العديد من العوامل سيؤدى الى الانهيار ويزيد من عزلة إسرائيل فى العالم وبالتالى تفقد حلفائها التقليديين.
والمجتمع المدنى ينظر لإسرائيل كدوله منبوذه وهذا سيؤثر على الحكومات والنخب السياسية والاقتصادية ليس لاسباب اخلاقية ولكن لانها لن تكون مكاناً جيداً للاستثمار الأموال إضافة إلى الهجرة والانقسام الداخلى الذى ظهر بعد عام ونصف العام من أكتوبر 2023بجانب ان ابقاء الاشخاص الذين تحتاجهم الدولة للحفاظ على كينونتها فى حالة حرب اقتصادية وفى عزلة وفى دولة منبوذة فى ظل عدم دعم اليهود فى العالم سيكون الامر بالغ الصعوبة فى المستقبل بجانب الهجرة العكسية والانقسام الداخلى ونفوذ المتطرفين على القرار السياسى كلها سبل تؤدى للانهيار.
محاولة الغرب بقيادة بريطانيا التى استمرت قرنا من الزمان لفرض دولة يهودية على دولة عربية قد انتهت ونجحت هذه المحاولة بما يكفى لانشاء مجتمع عنصرى يضم ملايين المستوطنين كثير منهم من الجيلين الثانى والثالث لكن مصيرهم لا يزال يعتمد كما كان عند وصولهم على قدرتهم على فرض ارائهم بالقوة على ملايين الفلسطينيين الاصليين الذين لم يتحولوا عن حقهم فى تقرير المصير والحرية فى وطنهم املهم الوحيد فى المستقبل هو اظهار استعدادهم للعيش كمواطنين متساويين فى فلسطين محررة ومنزوعة الاستعمار واعتقد ان الكثيرين منهم سيفعلون ذلك.
لم يعد يصلح ازاء تاثير الحدث التاريخى بعد اكتوبر 2023من ابادة جماعية تم بثها يومياً للعالم مباشرة لجرائم حرب من قبل مرتكبيها انفسهم والتى لا تزال الحكومات الغربية تتجاهلها ولا تزال إسرائيل تتمتع بحصانة من اى عقوبات بدرجة فريدة يجب ان نقف لحظة للمحاسبة ويتطلب ذلك الاعتراف بفشل المواقف البالية تجاه إسرائيل والصهيونية والمقاومة الفلسطينية وفرص السلام فى العالم العربى عموماً.
ما نحتاجة يتطلب قرارات استراتيجية جديدة من جميع الفصائل الفلسطينية اينما كانت بما فى ذلك المواطنون الفلسطينيون فى إسرائيل وكذلك من المجتمع اليهودى فى إسرائيل والعالم الى اعادة حساباتها وحتى الجهات الفاعلة مثل المجمع الصناعى العسكرى والمؤسسات المالية متعددة الجنسية التى تتمكن من الاستمرار كما لو أن شيئا لم يتغير من خلال عدد القضايا التى طرحت وتم تجاهلها يمكن للمرء معرفة ما يجب اتخاذ قرار بشأنه دون أن يملى على احد ما يجب ان يقرره لكن الرسالة واضحة لا احد يملك ترف التردد.









