نظمت كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، تحت رعاية الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس الجامعة، المؤتمر الدولي بعنوان “الاستشراق والهوية: مقاربات في اللغة والأدب والتراث العربي”، بمشاركة نخبة من العلماء والباحثين والمتخصصين من داخل مصر وخارجها؛ وذلك لمناقشة قضايا الاستشراق في ضوء التحولات المعرفية المعاصرة، وتحليل أثره في تشكيل مفاهيم الهوية العربية، من خلال مقاربات علمية متعددة تتناول اللغة العربية وآدابها وتراثها الفكري والحضاري، مع إبراز الجهود الأكاديمية في إعادة قراءة التراث قراءة نقدية واعية تعزز من خصوصية الهوية الثقافية.
حضر فعاليات المؤتمر الدكتور محمود السعيد نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور أحمد بلبولة عميد كلية دار العلوم ورئيس المؤتمر، والدكتور علي جمعة الرئيس الشرفي للمؤتمر، والدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية، ووكلاء الكلية، ولفيف من أعضاء هيئة التدريس والعاملين والطلاب، والباحثين في الدراسات العليا بالكلية من المصريين والوافدين عبر تقنية “الفيديو كونفرانس”.
وأوضح الدكتور محمود السعيد أن عنوان المؤتمر يفتح آفاقاً واسعة للتأمل والنقاش العلمي الرصين حول واحدة من أكثر الظواهر الفكرية والمعرفية تأثيراً في علاقة الغرب بالعالم العربي والإسلامي، مؤكداً أن الاستشراق لم يكن مجرد دراسات لغوية أو أدبية، بل كان إطاراً معرفياً أسهم بدرجات متفاوتة في تشكيل الوعي الغربي بالشرق، بين جهود علمية منصفة وأخرى انحازت لسياقات سياسية وثقافية بعينها. وأشار إلى أن المؤتمر يكتسب أهمية خاصة في ظل ما يشهده العالم المعاصر من تداخل ثقافي متزايد، يفرض ضرورة إعادة بناء جسور الحوار العلمي على أسس من الفهم المتبادل والاحترام والوعي التاريخي.
من جانبه، أكد الدكتور أحمد بلبولة إيمان الدولة المصرية بأهمية دور التعليم والبحث العلمي في بناء الإنسان وصناعة المستقبل، وأن دعم الكفاءات العلمية وتهيئة المناخ للمبدعين أصبح سياسة مؤسسية واضحة، مشيراً إلى أن فكرة المؤتمر تعكس وعي القيادة الجامعية بأهمية قضايا الهوية والمعرفة، وضرورة أن تكون الجامعة في قلب النقاش العالمي حول صورة الشرق في الوعي الغربي.
وقال الدكتور علي جمعة، الرئيس الشرفي للمؤتمر، إن اللغة والفكر وجهان لعملة واحدة، وأن التفريط في اللغة هو تفريط في الوعي والهوية معاً، مؤكداً أن موقف علماء مصر من الاستشراق لم يكن يوماً موقف رفض مطلق ولا قبولاً غير مشروط، بل موقف علمي رصين يقوم على التمييز؛ فيأخذ من المستشرق الجاد الباحث عن الحقيقة ويضيف إليه، مع الحفاظ على الثوابت الحضارية، لافتاً إلى أن كلية دار العلوم ظلت حصناً منيعاً للحفاظ على اللغة العربية وبوصلة للفهم العميق للنصوص.
كما أكد الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، صلابة الهوية المصرية وقدرتها التاريخية على مقاومة التشويه والمحو، مشيراً إلى أن المجتمع المصري بتاريخه وتماسكه الاجتماعي ظل قادراً على تجاوز تحديات الدراسات الاستشراقية التي صورت المجتمعات الشرقية بعين استعمارية.
وأكد الدكتور صفوت علي صالح، وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا ومقرر المؤتمر، أن انعقاد المؤتمر يتسق بعمق مع رؤية الدولة المصرية الحديثة في عهد فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي تقوم على بناء جسور الحوار وترسيخ الفهم المتبادل مع الآخر، مع ترسيخ الوعي بالذات والهوية الوطنية.
واستعرض الدكتور عيد بلبع الفرق بين “القراءة الناقدة” و”القراءة الناقضة”، داعياً إلى استقبال الخطاب الاستشراقي بمنهجية “القراءة على القراءة” القائمة على المراجعة والتحليل لا الرفض الانفعالي. كما ثمن الدكتور أيمن ميدان الدعم اللامحدود الذي يقدمه الدكتور محمد سامي عبد الصادق لكلية دار العلوم، مؤكداً أن ما تشهده جامعة القاهرة اليوم من تطور يبعث على الإعجاب داخل مصر وخارجها.


















