
خلال أيام تنتهى آخر جولة من انتخابات مجلس النواب الجديد الذى تنطلق جلساته قبل منتصف يناير 2026 باعتباره نتاجاً لمسار انتخابى شهد تحديات حقيقية، واختباراً لقدرة الدولة على إدارة أطول انتخابات فى مصر، فى ظل تباينات فى الآراء، واعتراضات أُثيرت فى بعض مراحل العملية الانتخابية، وخصوصا خلال الجولة الأولى من المرحلة الأولى ، إلا أن ما ميّز هذا المسار، وجعل نتائجه محل تقدير واهتمام، هو التدخل الحاسم والمتزن من الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذى أعاد الأمور إلى مسارها الدستورى الصحيح، بـ«فيتو واضح» ..وقطع الطريق أمام أى محاولات للتشكيك أو الخروج عن إطار القانون، مؤكدًا أن الدولة المصرية لا تحيد عن إرادة مواطنيها، ولن تسمح بأى تجاوزات أو تهاون فى مواجتها كما لن تسمح بأن تُدار العملية الانتخابية إلا وفق قواعد الشفافية والنزاهة واحترام صوت الناخب من أجل أن يصل إلى البرلمان من يختاره الناخبون.
لقد جاء هذا التدخل ليبعث برسائل واضحة، فى مقدمتها أن الانتخابات ليست مجرد إجراءات شكلية، بل هى عقد بين المواطن والدولة، وأحد الأعمدة الأساسية لبناء الحياة السياسية، ومن هنا، كان تصويب المسار فى التوقيت المناسب بمثابة تأكيد عملى على أن الدولة حريصة على أن يكون البرلمان معبرًا عن الإرادة الشعبية، وهو ما انعكس بعد ذلك على حالة الهدوء النسبى التى صاحبت استكمال باقى مراحل العملية الانتخابية، وعلى زيادة ثقة قطاعا واسع من المواطنين فى أن أصواتهم ستحسم المنافسة، وأن اختياراتهم ستصل بالفعل إلى قبة البرلمان.
وبرز الدور المحورى للهيئة الوطنية للانتخابات، التى تعاملت مع الاستحقاق النيابى باعتباره مسئولية وطنية كبري، لا تقتصر على إدارة يوم الاقتراع فقط، بل تمتد إلى ضمان تكافؤ الفرص بين المرشحين، وتوفير كل سبل الدعم اللوجيستى والفنى والقانونى لإجراء انتخابات تتسم بالشفافية، فقد حرصت الهيئة على تذليل العقبات، والاستجابة السريعة لأى ملاحظات أو شكاوي، ومواجهتها وعرضها على الرأى العام، بكل شفافية فضلاً عن فتح المجال أمام المتابعة الإعلامية ومنظمات المجتمع المدني، بما عزز من مصداقية العملية الانتخابية وحيادية جهات الدولة التى وقفت على مسافة واحدة من الجميع.
وقدمت الشرطة صورة نموذجية فى الحياد والحسم فى مواجهة أى خروقات.
وصاحب العملية الانتخابية وعى شعبى متزايد بأهمية المشاركة السياسية، حيث أظهر الناخب المصرى فى الخارج والداخل، إصرارا على أداء دوره الدستورى واختيار من يمثله تحت قبة البرلمان. وجاءت نتائج الانتخابات لتعكس هذا الوعي، حيث تضم تشكيلة المجلس حتى الآن مزيجًا من الخبرات التشريعية والسياسية، ووجوهاً جديدة تحمل تطلعات الشارع، وتمثل تيارات وتوجهات سياسية متنوعة وتسعى إلى ترجمتها إلى سياسات وتشريعات واقعية. ونماذج معارضة معروفة بنقدها الشديد من أجل المصلحة العامة وهو ما يؤكد ان المجلس الجديد نتاج لإرادة شعبية صريحة، عبّرت عن نفسها فى صناديق الاقتراع.
أكدالخبراء أن أهمية مجلس النواب الجديد لا تنبع فقط من كونه سلطة تشريعية ورقابية وفقًا للدستور، بل من السياق العام الذى جاء فيه، ومن التحديات التى تواجه الدولة المصرية فى المرحلة الراهنة، فالمواطن الذى منح صوته، وانتظر نتائج تعكس اختياره، يضع على عاتق نوابه مسئولية مضاعفة، تتمثل فى رد الجميل من خلال تشريعات تمس حياته اليومية، ورقابة حقيقية على أداء الحكومة، وانحياز واضح لقضايا العدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة.
ومن هنا، فإن المجلس القادم مطالب بأن يكون مختلفًا فى أدائه، أكثر قربًا من الشارع، وأشد وعيًا بحجم التحديات، وأقدر على تقديم حلول عملية تستند إلى قراءة دقيقة للواقع.
كما أن التجربة الانتخابية الأخيرة، بما حملته من دروس، تفرض على النواب الجدد إدراك أن الطريقة التى وصلوا بها إلى البرلمان تقتضى الشفافية فى الأداء، والمصارحة فى المواقف، والالتزام بقضايا الوطن دون مزايدات، فالمجلس الذى يأتى بإرادة المواطنين، ويُستكمل تشكيله فى ظل حرص الدولة على نزاهة العملية الانتخابية، لا يملك رفاهية التراخى عن هموم الناس، بل مطالبا بأن يكون شريكاً فى صناعة القرار، ورقيباً على السياسات العامة.
وأضافوا أنه من هذا المنطلق، يكتسب مجلس النواب الجديد أهمية اضافية، بوصفه أحد مخرجات مرحلة دقيقة تسعى فيها الدولة إلى ترسيخ دعائم الجمهورية الجديدة، القائمة على المشاركة، وبناء المؤسسات، واحترام الدستور والقانون. فالمجلس منصة للحوار الوطني، وساحة لتقاطع المصالح والرؤي، وأداة لضمان التوازن بين السلطات، بما يحقق المصلحة العامة ويحافظ على استقرار الدولة.
وأوضحوا إن ما جرى خلال العملية الانتخابية، من تصحيح للمسار، ودعم مؤسسي، ومشاركة شعبية، ضمن أن النواب ممثلون لإرادة شعبية وأن المجلس سيشهد مناقشات تعكس تطلعات المواطنين وهكذا، يدخل مجلس النواب الجديد الحياة النيابية محملاً بتوقعات كبيرة، وآمال عريضة، تستند إلى حقيقة واضحة أنه مجلس جاء بإرادة المواطنين، شرعيته كاملة لأنه اختيار المصريين وفى ظل حرص واضح من الدولة على صون هذه الإرادة.
وحسما للجدل حول عضوية الفائزين فى الانتخابات فقد صرح المستشار أحمد بنداري، مدير الجهاز التنفيذى للهيئة الوطنية للانتخابات، بأن الجدل حول صفة العضوية البرلمانية محسوم تمامًا، إذ أن إعلان النتيجة من الهيئة الوطنية للانتخابات يثبت صفة العضو المنتخب، على أن يؤدى اليمين لاحقًا كإجراء دستورى وأوضح بنداري، أن المحكمة الإدارية العليا أصدرت أحكامًا نهائية لا يجوز الطعن عليها، مؤكدة أن الفائزين المعلن عنهم أصبحوا نوابًا بحكم القانون، ولا جدال فى ذلك، مشددًا على أن احترام أحكام القضاء واجب على الجميع.
هذا الامر يؤكده النائب عبدالمنعم إمام، رئيس حزب العدل، والدى قال أن توجيه رئيس الجمهورية بضمان تمثيل المواطنين فى انتخابات مجلس النواب «أعطى جدية للعملية الانتخابية»، خاصة بعدما كان لديه تحفظات كثيرة على المرحلة الأولي، مشدداً على أن نزاهة الصندوق هى الأمر الذى يعنيه وأن النزاهة تحدث خلال وبعد الاقتراع.
وأكد إمام أن المرحلة الثانية كانت «صارمة»، حيث تطابق الحصر الداخلى للأصوات مع الأعداد الرسمية المعلنة، وتمكن مندوبو المرشحين من الحضور ورؤية واستلام محاضر الفرز، وهو ما يعزز شعور الناخبين بأن أصواتهم محترمة.
أوضح إمام أن مسألة شراء الاصوات تحتاج إلى عدم السماح بتسهيلها، مشيداً بالمجهود الكبير لوزارة الداخلية وتحركها السريع لوقف المخالفات قرب المقار الانتخابية.
وضرورة زيادة نسبة المشاركة الجماهيرية، مؤكداً أن المشاركة العالية تضعف من تأثير الأصوات المباعة وتجعلها غير حاسمة، وأن الناس تصوت عندما تشعر بالجدية فى المنافسة وأن أصواتها ستحترم.
وأوضح أمام أن الانتخابات افرزت اختيارات شعبية وانه سعيد بعدد المستقلين الفائزين فى انتخابات مجلس النواب حتى يكون البرلمان به توازن، مؤكدا انه يعد جملة من الموضوعات والتشريعات التى سيعمل عليها مع بداية المجلس الجديد وأولها تعديلات قانون الإيجار القديم.
الدكتور عفت السادات، رئيس حزب السادات الديمقراطى ووكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، قال إن مسار الانتخابات عكس رؤية واضحة لتعزيز نزاهة العملية الانتخابية وترسيخ استقلال الهيئة باعتبارها إحدى أهم المؤسسات الدستورية المسئولة عن صون الإرادة الشعبية.
وقال السادات، إن المرحلة المقبلة تتطلب دعماً كاملاً للمؤسسات التشريعية بما يمكّنها من أداء دورها، لافتًا إلى أن البناء الديمقراطى لا يكتمل إلا بضمان بيئة انتخابية منضبطة تتيح للمواطن أن يمارس حقه فى الاختيار الحر.
وأكد السادات، أن الأحزاب السياسية مطالبة بتكثيف التواصل مع المواطنين، وطرح برامج واقعية، وتقديم نماذج قادرة على تحمل المسئولية تحت قبة البرلمان.
وأضاف أن الحزب يعمل وفق رؤية واضحة تقوم على دعم المشاركة السياسية الرشيدة، وتقديم كوادر قادرة على ممارسة الدور التشريعى والرقابى بكفاءة.
قال اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر وأستاذ العلوم السياسية، ان ما تم خلال الانتخابات البرلمانية الحالية يؤكد التزام الدولة المصرية بترسيخ مبادئ الديمقراطية وتعزيز استقلال المؤسسات المسئولة عن إدارة الاستحقاقات الانتخابية، ويؤكد أيضاً أن المجلس القادم يجسد إرادة حقيقية للمصريين.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن الدولة المصرية تعمل على تعزيز ثقافة المشاركة واحترام القانون، بما يشمل تكافؤ الفرص بين المرشحين، وضبط أدوات الدعاية، وتعزيز الشفافية داخل اللجان الانتخابية.
وشدد فرحات، على أن الهيئة الوطنية للانتخابات تشكل حجر الزاوية لأى عملية انتخابية ناجحة، لما تتمتع به من استقلالية كاملة، تمكنها من إدارة المشهد الانتخابى بعيدا عن أى تأثيرات سياسية، وتشمل صلاحياتها الإشراف الكامل على العملية، وفحص الطعون، والتحقيق فى المخالفات، وإعلان النتائج النهائية، ما يجعلها الضمانة الأساسية لنزاهة الاستحقاقات.
وأكد فرحات أن توجيهات الرئيس عكست حرص الدولة على بناء منظومة انتخابية قوية، تدعم إرادة الناخبين وتحميها من أى تدخل، داعيا اعضاء مجلس النواب الجديد إلى الاستعداد الجاد للمرحلة المقبلة، من خلال تقديم ومناقشة تشريعات تلبى مصالح وطلبات المواطنين وممارسة الدور الرقابى على أداء الجهاز التنفيذى للدولة .
يتوقع فرحات أن نشه دورة برلمانية قوية فى أدائها وممارسة الدور الرقابى والتشريعى والسبب هو التنوع الموجود وزيادة عدد المستقلين وإدراك النواب ان النجاح مرهون باختيار الناخب.
وقال الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية، إن وجود مجلس نواب منتخب يمثل الشعب ضرورة دستورية وسياسية لا يمكن الاستغناء عنها، مشددًا على أن الدعوات لإلغاء الانتخابات أو تمديد البرلمان القائم مزايدات غير دستورية ولا تحقق المصلحة الوطنية. وأضاف أن الرئيس السيسى وجه رسالة واضحة بضرورة وجود برلمان مختلف يعبر عن المواطنين، وأن أى إجراءات تخص العملية الانتخابية يجب أن تتم وفق الدستور والقانون، بما يعزز صورة مصر كدولة مؤسسات أمام العالم
وقال الدكتور صلاح فوزي، الفقيه الدستورى إن كل قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية هى قرارات إدارية بامتياز، لأن المادة 210 من الدستور نصت على أنه يطعن على قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات فيما يخص الانتخابات البرلمانية والرئاسية والاستفتاءات الدستورية أمام المحكمة الإدارية العليا، كما يطعن على قراراتها فيما يتعلق بالانتخابات المحلية أمام محكمة القضاء الإداري.
ولا يوجد أى تهديد لشرعية مجلس النواب القادم، وسيتشكل مجلس النواب ويمارس دوره التشريعى والرقابي.
يؤكد الدكتور أحمد حلمى عبداللطيف الخبير فى النظم والتشريعات البرلمانية، أن المشهد شهد «تدخلاً حكيمًا» من رئيس الجمهورية، مضيفا أن العملية الانتخابية فى مصر تسير بشكل سلس وتعكس حرص الدولة على تسهيل التصويت وضمان نزاهة الانتخابات
وأوضح أن التعامل مع التجاوزات الانتخابية بشكل جاد، كما أشار إليها الرئيس السيسي، عكس التزام الدولة بتحقيق الشفافية فى الانتخابات، وهو ما يعزز من ثقة المواطن فى العملية السياسية ويسهم فى بناء دولة قوية ومؤسسات فاعلة.
وأكد أن الانتخابات تمثل خطوة نحو بناء «الجمهورية الجديدة»، والتى تعتمد على أسس سياسية وتنموية واجتماعية قوية، حيث إن اختيار المواطن لممثليه فى البرلمان سيؤثر بشكل مباشر فى تشريعات تتعلق بحياة المواطن فى مجالات مثل التعليم والصحة.
وأضاف أن المجلس الجديد سيكون ممثلاً لكل فئات المجتمع ويكرس مبدأ فصل السلطات بين التشريعية والتنفيذية والقضائية، مشددًا على أهمية تقييم النظام الانتخابى والتكيف مع الظروف المحلية لضمان تمثيل شامل وعادل.
وأكد أن أى خروقات أو شكاوى صاحبت العملية الانتخابية تعد طبيعية، ويتم التعامل معها بحزم من الهيئة الوطنية للانتخابات، بالإضافة إلى جهود أجهزة الأمن والمراقبين لضمان نزاهة العملية الانتخابية.
قال الدكتور مختار غباشي، الخبير السياسي، إن انتخابات مجلس النواب تشكل خطوة مهمة فى اختيار من يمثل الدولة، مشيرًا إلى أن انتخابات الفردى شهدت تنافسًا كبيرًا.
وأشار مختار غباشى إلى أن نسبة المشاركة النهائية سيتم تحديدها بعد إعلان النتائج، لافتًا إلى أنه كان هناك اهتمام كبير من الناخبين، ولا سيما مشاركة المرأة سواء كمرشحة أو كناخبة، مؤكدًا أن الدور النسائى كان بارزا وأسهم فى تعزيز المشهد الانتخابى مؤكدا أنه مع انطلاق اعمال المجلس الجديد يجب أن تغلق صفحة الانتخابات ونبدأ مرحلة جديدة من متابعة اداء النواب الجدد وتقييمهم .









