لا يزال الخطاب الديني يمثل أبرز روافد الخطاب الفكرى المسئول عن رسم ملامح عقلية الشخصية المسلمة، ولا يزال إلى تلك اللحظة هو الأداة الأكثر تأثيرًا وفاعلية في تغيير الاتجاهات، وتوجيه السلوك وبلورة القناعات مقارنة بتأثير الخطابات الأخرى كالخطاب الإعلامي وغيرها. وتلك المكانة التي يحتلها الخطاب الدينى تأتى كنتيجة طبيعية لما يشكله الذين من قيمة عظمى داخل المجتمع الإسلامي، وهو ما يفسر التشابك الدائم بين القضايا المجتمعية والقضايا الدينية، والحضور المستمر للبعد الديني في الشأن العام داخل مجتمعاتنا.
لماذا تجديد الخطاب الديني الآن؟
لعل أكثر الأسئلة التأسيسية المطروحة عند عرض قضية تجديد الخطاب الديني على الساحة الفكرية هو: لماذا تلقى تلك القضية هذا الرواج الآن؟ ولماذا توضع في صدارة الأوليات داخل المجتمع الإسلامي في تلك الآونة؟
والحقيقة أن مشروع تجديد الخطاب الديني لم يكن يومًا مشروعا حادثًا أو معاصرًا، بل كان دومًا عملية مستمرة، اقتضتها ديناميكية الفكر الإسلامي الذي يرفض السكون ويدعو دومًا للتجديد والحركة والاجتهاد، فهو عملية أصيلة متجذرة في عمق الفكر الإسلامي، أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجددلها دينها»، وعمل في سياقها مفكري الأمة وفقهائها على مر العصور.
إلا أن الكبوات المتتالية التي تعرضت لها الأمة الإسلامية في العصور الأخيرة، وتنامي التحديات المعاصرة التي تواجهها المجتمعات الإسلامية، أبرز قضية تجديد الخطاب الديني ربما بشكل أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، وصار ضرورة حضارية واستراتيجية لا غنى عنها اليوم، لا سيما مع معاناة الخطاب الديني في العقود الأخيرة نتيجة المحاولات المستمرة لاختطافه من قبل التيارات المتطرفة والظلامية وتطويعه للتعبير عنها وتحقيق أغراضها.
تجديد الخطاب الديني بين المفهوم الصحيح والتشويه المتعمد:
أول الخطوات الهامة في سبيل تجديد الخطاب الديني وترشيده هو بيان المراد منه بالأساس؛ لأن حالة الاشتباك الدائر حول فهوم تجديد الخطاب الديني والجنوح في تفسيراته إلى مسارات بعيدة عن الحقيقية سواء بتصويره أنه انقلاب على الثوابت الشرعية والمبادئ الأساسية للتشريع، أو بادعاء أنه محاولة لتغييره تماما لكون مبادئه لم تعد ملائمة لهذا العصر، فهذا الإرباك الذي ظهر على الساحة الثقافية والدينية يجب إيقافه وإجلاء حقيقة تجديد الخطاب الديني المراد، وأنه لا يعني سوى العودة المباشرة للمصادر الأصلية التي ينطلق منها الخطاب الديني؛ وهي: القرآن الكريم، والسنة الصحيحة، وما تعارف عليه أئمة المسلمين وعلماؤهم وأجمعوا عليه.
فتجديد الخطاب الديني هو تنقيته مما شابه سواء من مدخولات الفكر المتطرف وتشويهها لمفاهيم الشريعة المستقرة، أو من المدخولات التي لا تتفق مع ثقافتنا العربية والإسلامية وأصول شريعتنا، فهذا هو المراد بالتجديد.
إشكالية الخطاب الديني النمطي والمنطلق الرئيسي لدعوة التجديد:
إن الخطاب الديني لم يعد مجرد وسيلة لتفسير النصوص الدينية، بل أصبحأداة لصياغة علاقة الإنسان بالدين والمجتمع، وهنا تبرز أهم إشكاليات الخطاب الديني في الآونة الأخيرة، وهو الوقوع في فخ اللامعنى والنمطية، فالخطاب الديني يجب أن يحقق مقصوده باستخدام اللغة المناسبة للموضوعات والقضايا المعاصرة، ويجب أن يتخلص من الجمود وعدم الواقعية والنمطية، ولا بد هنا من الإشارة والتأكيد على أن تلك الإشكالية من إشكاليات ممارسة الخطاب واستخدامه لمفرداته وبنائه، ولا علاقة لها بمصدر الخطاب من الشريعة، فالخطاب الديني الإسلامي في الأصل عوّل بشكل كبير على اللغة وإمكانيتها في الوصف الدقيق والاستيعاب الكامل للمعاني، وهو بذلك تجاوز الإشكالية الفلسفية التي ترمي إلى عدم قدرة الخطاب الديني عن التعبير عن القضايا الدينية والروحية لكونها لا سبيل إلى وصفها والتعبير عنها بدقة. فكان الخطاب الإسلامي بوجه خاص خارج عن تلك الفرضية، وبقي تطوير الخطاب ذاته على يد المتصدرين له ليكون على قدر عمق الشريعة نفسها وشموليتها.
إن تلك النقطة تحديدًا يجب أن تكون الركيزة التي ينطلق منها مشروع تجديد الخطاب الديني، وعدم الوقوع في فخ اللامعنى والتنميط الدارج، فيجب أن يكون خطابًا واعيًا بالتغيرات الحادة التي يشهدها العالم من حولنا، ومدركا لحجم التحديات الكبرى التي نواجهها على كافة الأصعدة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية، والربط الدائم بين الخطاب وبين المقاصد الشرعية.
لقد امتلك الفكر الإسلامي مادة تشريعية غاية في الثراء والتنوع وكوّن نظرية متكاملة حول العلاقة بين الإنسان وما يحركه من نوازع شخصية، وعلاقته بكل ما حوله، واشتملت تلك النظرية على منهج متكامل ومحددات واضحة تحكم تلك العلاقات، وهو ما يجب الإفادة منه، ونسج خطاب ديني انطلاقا من تلك المحددات والمقاصد، معتمدا على أدوات جديدة ومنهجيات مبتكرة تعتمد على الفهم العميق للتغيرات الثقافية والاجتماعية والتكنولوجية، بعيدا عن الإغراق في التنميط والرجوع إلى الماضي والهروب من القضايا التي تمثل حاجة ماسة لمجتمعتنا في الوقت الراهن.
الرئيس السيسي وتجديد الخطاب الديني (رؤية قيادية):
لقد ظل التعرض لقضايا الدين من قبل القيادات السياسية نقطة شائكة، فضَّل الكثيرون الابتعاد عنها؛ نظرًا للبعد التاريخي والثقافي الذي شكَّل ملامح المجتمع العالمي الآن، وجعل من التعرض للقضايا الدينية أمرا محفوفا بالمخاطر؛ ولذلك كان طرح قضية تجديد الخطاب الديني يحتاج إلى شجاعة وجرأة، وتقديما للمصالح الوطنية والقومية بقطع النظر عن أي أمر آخر، وهو ما قام به بالفعل الرئيس عبد الفتاح السيسي، فمنذ توليه الحكم،أصبح من أبرز الداعين إلى تجديد الخطاب الديني، وأتى ذلك من إدراكهالعميق لحجم التحديات الفكرية التي تواجه المجتمع المصري، والعالمالإسلامي بشكل أوسع، مما دفعه لأن يجعل من هذه القضية أولوية وطنية، وظهر ذلك من خلال دعواته المتكررة لهذه القضية التي تخطت كونها مجردنداءات نظرية، بل عكست وعيًا بأهمية بناء خطاب ديني يواجه التطرفالفكري، ويرسخ قيم المواطنة، ويعيد تقديم الإسلام للعالم كدين يدعو للسلام والتنمية.
لقد كان الرئيس السيسي هو أول رئيس مصري يضع قضية تجديد الخطابالديني ضمن الأولويات القومية، وهو ما أكسب ذلك المشروع ظهيرا لم يكن موجودا في السنوات التي سبقت عهده، وأعطى العاملين على تلك القضية دفعة قوية، وهو ما أبرز دور القيادة السياسية في دعم المؤسسات الدينية،وعلى رأسها الأزهر الشريف، لتحقيق هذه المهمة.
مصر الأزهر: الرقم الأهم في مشروع تجديد الخطاب الديني
يتنامى دور المؤسسات الدينية في المجتمعات الإسلامية باعتبارها كيان له مكانته الخاصة في قلوب أفراد تلك المجتمعات، فهو يعبر عن نسق اجتماعي وتنظيمي خاص له دور مميز في عملية البناء الاجتماعي والثقافي داخل مجتمعاتنا.
وهذا تحديدا هو ما وضع على عاتق المؤسسات الدينية والعلماء والمفكرينمسؤولية تقديم خطاب متجدد يعكس القيم الحقيقية للإسلام ويدعم السلام،والتنمية، والتعايش.
ولا شك أننا ونحن نتحدث عن قيمة المؤسسات الدينية والظهير الوطني لها، لا يمكن أن نتجاوز الرقم الأهم في تلك المعادلة على الصعيد العالمي بوجه عام، وهو مؤسسة الأزهر الشريف والدولة المصرية الحاضنة له.
فمصر ليست فقط حاضنة الأزهر الشريف، المؤسسة الدينية الأكبر في العالم الإسلامي، بل هي أيضًا مركز للتأثير الثقافي والفكري في المنطقة، واكن مقدرا لها دوما أن قود قاطرة التغيير والتجديد داخل الأمة الإسلامية.
والأزهر الشريف لم يكن يوما فقط مؤسسة دينية عريقة، بل إنه دوما ما مثل بمرجعيته الوسطية، قبلة عالمية للإسلام المعتدل، وقائدا حقيقيا قادرا علىقيادة مشروع تجديد الخطاب الديني بفضل إرثه العلمي وخبراته فيالتعامل مع القضايا الفكرية المعاصرة.
إن الأزهر الشريف يُعد نموذجًا للمؤسسة الدينية التي تجمع بين الأصالةوالمعاصرة. بفضل ما يمتلكه من علماء ومفكرين، وما لديه من مناهج تعليميةقائمة على الوسطية، مما مكن تلك المؤسسة أن تقدم للعالم نموذجًا يُعيدتعريف العلاقة بين الدين والإنسان.
ماذا ننتظر من تجديد الخطاب الديني؟
إننا ونحن نتطلع إلى تجديد الخطاب الديني تجديدا حقيقيا، نعول عليه في كحل رئيسي للعديد من الأزمات والقضايا، أهمها:
مواجهة التطرف الفكري:
باتت ظاهرة التطرف الفكري تمثل تحديًا وجوديًا للمجتمعات الإسلامية، نظرا لما تستهدفه تلك الجماعات من تفكيك البناء الاجتماعي وإشاعة الفوضى الممنهجة، وقد سعت تلك الجماعات في السنوات الأخيرة لما يمكن تسمته اختطاف الخطاب الديني، عن طريق تطويعه لخدمة أغراضهم، وإكسابه مفاهيم جديدة مصادمة لمقاصد وأصول الشريعة، لشرعنة أعمال العنف والإرهاب، وتمهيد قاعدة شعبية لهم يسهل من خلالها تجنيد المزيد من الشباب، واكتساب أرضية أكثر داخل المجتمعات الإسلامية، وهذا ما جعل الحرب على التطرف والإرهاب هي أهم الحروب التي تخوضها أمتنا في الوقت الحالي، لا سيما الجانب الفكري من تلك الحرب، وهنا يبرز دور الخطاب الديني وأهمية تجديده، لكونه المعول عليه في الأساس في تفكيك خطاب التطرف والكراهية، وتصحيح المفاهيم المغلوطة حول (الجهاد، والولاءوالبراء، والتكفير…) ونحو ذلك. وتقديم تفسير شامل ومتزن للنصوصالشرعية يعكس القيم الحقيقية للإسلام.
تقويض ظاهرة الإلحاد:
تنامت ظاهرة الإلحاد بشكل واسع داخل المجتمع الغربي خاصة بعد الثورة الفرنسية، وعلى الرغم من الاختلاف في التكوين الثقافي بين مجتمعاتنا والمجتمع الغربي، واختلاف قيمة الدين ومدى أهميته في التكوين الاجتماعي والفكري بين مجتمعاتنا ومجتمعاتهم، إلا أن الظاهرة وجدت طريقها داخل مجتمعاتنا في السنوات الأخيرة بشكل أو بآخر.
ويجب علينا أن ندرك أن أحد أهم أسباب تنامي تلك الظاهرة داخل مجتمعاتنا هو السيولة التي شهدها الخطاب الديني وصدوه من غير المتخصصين من جهة، ومن الخطاب الديني الموجه الذي يحاول حشد الجماهير وراء قضايا سياسية أو خدمة أيدلوجيات متطرفة من جهة أخرى، مما ساهم كثيرا في انتشار ظاهرة الإلحاد، وزاد من تساؤلات الملحدين حول ماهية الإسلام والدين عموما، وهو ما يبرز دور الخطاب الديني وأهمية تجديده في هذا الصدد، بديلا عن الخطاب الديني التقليدي الذي صار عاجزا عن تقديم إجابات عقلانية لهذه الأسئلة، وضرورة بناء خطاب ديني عقلانييعتمد على الفلسفة الإسلامية والعلوم الحديثة لتقديم إجابات مقنعة للشبهات الفكرية.
تراجع القيم الأخلاقية:
لا يمكن غض الطرف عن أن مجتمعتنا اليوم تعاني من “أزمة أخلاقية”،وأننا نشعر بها بشكل يتزايد كل يوم عن اليوم السابق له، وأن قيما مستقرةمثل الصدق، والأمانة، والتسامح، أصبحت مهددة بسبب تنامي ظواهر مثل الإدمان، والتحرش، والانتحار، والتنمر. ولا ننفك أمام كل هذا من أن نطرح على أنفسنا سؤالا يزداد إلحاحا في كل يوم، كيف ندعم منظومتنا الأخلاقية؟ أو كيف ننتصر لقيمنا وأخلاقنا؟
والحقيقة أن ارتكاز البناء الأخلاقي في أمتنا على الدين الإسلامي يزيد من مركزية المكون الأخلاقي في البناء الشخصي للفرد المسلم، ويجعله أكثر قوة وتماسكا وثباتا سواء من جهة صمودها في وجه التحديات الأخلاقية المتتالية، والانفتاح حول كافة الثقافات، أو من حيث ثباتها واستقرارها في النفوس.
ولكن يبقى العامل الأهم في نقل تلك القيم إلة نفوس أبناء الأمة، عن طريق خطاب ديني متكامل، يكون حاضرا في في المناهج الدراسية والخطب الدينية، والحملات توعوية التي تعيد ترسيخ هذه القيم.
إعادة بناء العلاقة بين الدين والمجتمع:
في بعض الأحيان، يُنظر إلى الدين كجزء من الماضي أو كعائق أمام التقدم، وتجديد الخطاب الديني يمكن أن يُعيد تقديم الدين كجزء من الحل وليس المشكلة، وذلك عن طريق إبراز دور الدين في دعم التنمية البشرية، والمساواة، وحقوق الإنسان، وسائر القيم الإنسانية.
محاور استراتيجية تجديد الخطاب الديني لعام ٢٠٢٥:
استندت استراتيجية تجديد الخطاب الديني لعام (2025) إلى عدة محاور تضمن فاعلية مشروع التجديد وتحقيق الغاية القصوى من انطلاقه، وأبرز تلك المحاور:
▪ المحور الأول: تفكيك جذور التطرف الفكري، لكونه المعركة الفاصلة التي يجب علينا الانتصار بها، وذلك عن طريق:
- نشر الوعي بمفاهيم الدين الحقيقية ودورها في عبادة الله بمفهومها الشامل وعمارة الكون وتزكية النفوس .
- مواجهة خطاب الكراهية والتكفير من خلال منصات إلكترونية تردعلى الشبهات بمادة علمية عصرية.
- استهداف الشباب ببرامج تدريبية توضح خطر الفكر المتطرف وتُعزز قيم التعايش.
▪ المحور الثاني: ترسيخ القيم الأخلاقية لمواجهة التطرف اللاديني:
فالتراجع القيمي يمثل تحديًا يوازي التطرف الديني في خطورته، وانتشار ظواهر مثل الإلحاد، والتنمر، والانتحار، والتحرش، والإدمان أصبحت تعصف بالمجتمع وأمنه، ومن الخطوات التي تعتمدها استراتيجية تجديد الخطاب الديني لعام 2025:
- تعزيز جرعة القيم الأخلاقية في الخطب والدروس.
- إطلاق حملات مجتمعية تُبرز أثر القيم الإسلامية في علاج المشكلات الاجتماعية.
- تقديم مواد تعليمية وأفلام وثائقية عن تأثير الأخلاق في بناء الحضارة.
▪ المحور الثالث: بناء الشخصية المصرية الواثقة
فالشخصية المصرية تمثل مفتاح نجاح أي مشروع تجديدي، وبناء الإنسان يبدأ من استعادة الثقة في الذات والوطن، ويعول في إنجاح ذلك المحور على عدة آليات أهمها.
- تنظيم منتديات للشباب تناقش أهمية الهوية المصرية.
- تطوير مناهج تعليمية تركز على العلم والإبداع كقيم إسلامية أصيلة.
- الاحتفاء بقصص نجاح المصريين كأمثلة حية للشخصية الفعالة.
▪ المحور الرابع: ربط الدين بصناعة الحضارة
فالإسلام ليس دين عبادات فقط، بل هو مشروع حضاري متكامل يدعو للعلم والابتكار، وتستهدف الاستراتيجية تفعيل ذلك المحور من خلال:
- إطلاق مسابقات علمية وفكرية تستلهم قيم القرآن الكريم.
- إحياء التراث العلمي الإسلامي من خلال منصات تعليمية ومؤتمرات دولية.
- دعم الشباب بمبادرات لتحويل أفكارهم إلى مشاريع حضارية.
▪ المحور الخامس: تجديد الخطاب الديني عالميًا
إن رسالة الإسلام الوسطية رسالة علمية رسالة يجب أن تتجاوز الحدودالجغرافية لتصل إلى العالم كله، وذلك عن طريق: - إنشاء مراكز دولية لتدريب الدعاة على المنهج الوسطي.
- ترجمة الكتب الأزهرية إلى لغات متعددة لنشر النموذج المصري.
- استهداف وسائل الإعلام العالمية بمحتوى يُبرز اعتدال الإسلام.
▪ المحور السادس: إعادة ربط المصريين في الخارج بوطنهم
فالمصريون في الخارج يمثلون ثروة فكرية وعاطفية تحتاج إلى إعادة استثمارها، ويجب أن يستهدف الخطاب الديني تحقيق الاستفادة من تلك الثروة الكبيرة، وقد وضعت الاتسراتيجية بعض لخطوات العملية لتحقيق ذلك، أهمها:
- إطلاق بوابة إلكترونية للمصريين بالخارج تقدم خدمات دينية وثقافية.
- تنظيم ملتقيات دولية لتعزيز ارتباط المصريين بوطنهم.
- دعم تعليم اللغة العربية كجسر للتواصل مع الجيل الجديد.
▪ المحور السابع: التعليم الديني المتكامل
فتطوير التعليم الديني ليواكب العصر يمثل أساسًا لبناء جيل واعٍ قادر على قيادة عملية التنمية والنهضة الوطنية، وتسعى استراتيجية (2025) لتحقيق عدة أهداف من خلال هذا المحور، وهي:
- إدراج العلوم الحديثة ضمن مناهج التعليم الديني.
- تدريب الدعاة على استخدام التكنولوجيا في تقديم محتوى جذاب للشباب.
- توفير برامج تعليمية حول الأديان الأخرى لتعزيز التفاهم والحوار.
▪ المحور الثامن: دور المرأة في تجديد الخطاب الديني
فالمرأة شريك أساسي في نشر القيم الدينية والأخلاقية، بل إن دورها يزداد أهمية بوصفها المصدر الأول الذي يتلقى عنه الطفل قيمه الأساسية ويرسم ملامح شخصيته، وقد وضعت الاستراتيجية مجموعة من الأهداف، أبرزها:
- تأهيل الكوادر النسائية الدينية ليصبحن سفراء للإسلام الوسطي.
- إطلاق مبادرات تستهدف قضايا المرأة وتبرز دورها الحضاري في الإسلام.
- تقديم نماذج نسائية ناجحة من التراث الإسلامي لإلهام الأجيال الجديدة.
▪ المحور التاسع: الإعلام كمنبر للتجديد
الإعلام هو الواجهة الرئيسية لأي مشروع تجديدي، وهو الأداة الأكثر تأثيرا ونجاحا لأي مشروع واعد، وقد وضعت استراتيجية (2025) لتجديد الخطاب الديني مجموعة من الأهداف لتفعيل دور الإعلام في عملية التجديد، وهي:
- إنشاء برامج تلفزيونية وإذاعية موجهة تخاطب الشباب بلغتهم.
- استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر محتوى ديني وسطي وجذاب.
- تدريب الإعلاميين على تقديم القضايا الدينية بحرفية ومسؤولية.
▪ المحور العاشر: دعم الفنون كأداة لنشر القيم الإسلامية
الفن وسيلة مؤثرة لترسيخ القيم الدينية والأخلاقية في نفوس الأجيال الجديدة، وتستهدف الاستراتيجية في هذا المحور:
- إنتاج أفلام وثائقية ومسلسلات تعكس القيم الإسلامية.
- تشجيع الأدباء والفنانين على تناول الموضوعات الدينية بشكل إبداعي.
- تنظيم معارض ومهرجانات فنية تروج للجماليات في الثقافة الإسلامية.
فتلك المحاور العشرة تُشكل إطارًا شاملًا لتجديد الخطاب الديني، بمايضمن توافقه مع احتياجات العصر ومتطلبات الشباب.
دعوة للتكاتف:
إن تجديد الخطاب الديني لعام ٢٠٢٥ ليس مجرد مشروعا فكريا، بل هو مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود بين المؤسسات الدينية، والمفكرين، والإعلاميين، وصناع القرار.
فهو فرصة حقيقية لإعادة بناء العلاقة بين الدين والمجتمع، ولتعزيز قيم الإسلام كدين يدعو للسلام، والتسامح، والتقدم.
إن المشروع التنموي الكبير ورؤية مصر الجديدة، تحتاج إلى خطاب ديني على قدر الحدث، خطاب قادر على المساهمة الحقيقية لبناء المستقبل.
وإن مصر بمؤسساتها الدينية العريقة والوطنية، قادرة على قيادة هذا المشروع الحضاري وتقديم نموذج يُلهم العالم الإسلامي بأسره. من خلال تضافر جهود أبنائها وتكاتفهم وراء تلك الغاية.
لذلك فإن التحرك الآن صوب هذا الهدف هو الخطوة الأولى نحو مستقبل أفضل، ومصر جديدة.