مع إيمانى الكامل بأهمية الجامعات الخاصة وكنت من الأوائل الذين بحثوا عن هذه الجامعات لإلحاق أبنائهم بها، ومع بداية ازدهار هذه الجامعات بمصر.. فقد جمعتنى جلسة خاصة بأحد الأندية «المخملية» فى مصر الجديدة «نادى الطيران» ومعظمهم من أصحاب الدخول العالية، انصب الحديث حول الجامعات الخاصة فى منظومة تعليم تضم أكثر من 28 جامعة حكومية وأكثر من 36 جامعة خاصة وقريب من الرقم جامعات أهلية ونحو 14 جامعة تكنولوجية مع نحو 10 فروع لجامعات أجنبية على أرض مصر وأكثر من 186 معهداً خاصاً منتشرة فى ربوع الوطن.. الكلام أكد أنها تعطى بصيص الأمل «أى الخاصة» للذين يحول مجموعهم من دخول ما نسميه كليات القمة، لكن عبر الـ 25 سنة الأخيرة تغير الأمر وزاد الإقبال على الجامعات الخاصة، رغم أن اللوائح المالية لها تشير إلى أنها فى قدرة الطالب الثرى وليس فقط المقتدر مالياً.. وأجمعت المناقشة على أنها باتت عبئاً على كثير من الأسر وأصبحت شبه مستحيلة على الأسر الفقيرة.. إلا إذا كانت منحة تفوق لأوائل الثانوية العامة وهم الذين نضعهم تحت بند الكفاءة العلمية.. وأشاروا إلى أن الجامعات الخاصة رفعت أسعارها بشكل لا مبرر له ويغيب عنها ملاءة ما نسميه المسئولية الاجتماعية، خاصة الطلاب الذين التحقوا بها فى ظل وجود رب الأسرة وبعضهم يتوفى خلال رحلة الجامعة، فتضطر الأسرة إلى الدخول فى حسابات معقدة بالنسبة لدخلها.. انفلات أسعار الجامعات الخاصة لا يتناسب مطلقاً مع كثير من دخول الطبقة فوق المتوسطة.
انتهى الحديث الجاد فى حديقة النادي، إلى أن الحكومة عليها مراجعة شاملة لانفلات الأسعار ووضع آليات دعم حقيقية للمستحقين بهذه الجامعات والمتفوقين منهم، مع مراجعة جودة المحتوى غير الإطار العام المتبع حالياً وتجاوزات المصروفات، خاصة للكليات مثل الطب والصيدلة.. فاليوم ينظر أولياء الأمور إلى الجامعات الخاصة على أنها «بيزنس» وليست رسالة لمؤسسة غير ربحية، بعد أن أصبح مستقبل أبنائنا مرهوناً بالقدرة المالية وليس بالقدرة العلمية، رغم أن بعضها يقدم منحاً محدودة جداً.
المطلوب اليوم، ليس وأد تجربة الجامعات الخاصة.. لكن تقويمها، بعد أن تحولت إلى مشاريع استثمارية تدر مبالغ طائلة لأصحابها، فى ظل غياب المراجعات الحسابية للمسئولية الاجتماعية لهذه الجامعات التى تدارى تهربها من المسئولية بمشروعات خيرية لا تسمن ولا تغنى من جوع، وهى أشبه بمسئولية شكلية وليست مسئولية اجتماعية حقيقية.. السؤال الذى لم يتوصل له أحد فى هذه الجلسة النقاشية غير المُرتبة وفرضت نفسها، أن بعض كليات هذه الجامعات هى تكرار لما تقدمه الجامعات الحكومية مثل دراسات الحقوق والآثار والسياحة، فهى تكرار ممنهج ومماثل وليس تكراراً نوعياً يقدم قيمة مضافة لتطوير التعليم.. ليس هذا فقط، بل القصص التى تتكرر مع بداية كل عام وتبدأ عادة فى شهر مارس قبل امتحان الثانوية العامة وهو أسبقية التقدم لهذه الجامعات وعقد مقابلات الاختيار، بينما الطلاب لم يتسلموا أرقام الثانوية العامة، وذلك نظير مبالغ كبيرة، وكانت مع بداية هذه الجامعات «مجانا» وأتحدث من واقع تجربة مع واحدة من أهم الجامعات الخاصة التى كانت تقدم للطالب الحاصل على 90٪ تخفيضاً متواصلاً يصل إلى 30٪.. هذه الأمور اختفت أمام الإقبال الكبير على الجامعات الخاصة.. المسألة تحتاج إلى تشكيل مجلس لمتابعة تجربة الجامعات الخاصة المصرية والدولية وأن يكون هذا المجلس من خبراء التعليم ما قبل الجامعى والجامعى وكفاءات علمية فى كل التخصصات وتضع شروطاً للأعداد المقبولة فى كل جامعة مع مراعاة تسهيل تنقل التلميذ من جامعة إلى أخرى ، فقد وصل الأمر فى العام الماضى أن طالباً طلب سحب أوراقه بعد التقديم من جامعة خاصة إلى جامعة أخري، فرفضت الجامعة الأولى بحجة أنه تبقى أسبوعان على الدراسة، واشترطت خصماً كبيراً من المصاريف التى دفعها ولى الأمر.. .. وللحديث بقية.









