فى الجزء الثانى من كتاب إسرائيل على حافة الهاوية والثورات الثمانية التى قد تؤدى إلى إنهاء الاستعمار والتعايش للمؤرخ الإسرائيلى اليهودى ايلان بابيه يقدم سبع ثورات معرفية وسياسية مصغرة يجب أن تحدث حتى يكون التحول من دولة منهارة إلى دولة جديدة ويقدم اجابات مبنية على ما سمعه وقرأه من جيل فلسطينى شاب يراه مناسبا للوصول لمستقبل أفضل وأن هناك اجابات ستكون لبنات سيبنى بها هذا البناء الجديد القائم على مبادئ المساواة والعدالة.
ويقول ايلان بابيه بصفته يهودى إسرائيلى يتخيل الثورة المصغرة الثامنة اللازمة وهى تخيل واقع مختلف واستحضار الحياة بعد إنهاء الاستعمار كحلم تحقق لاكمستقبل مجهول ومشئوم.
الفلسطينيون والإسرائيليون الراغبون فى العودة والعيش معا فى فلسطين قادرون على تحويل أكثر من قرن من التطهير العرقى والاحتلال وحاليا الإبادة الجماعية إلى قرن جديد من الأمل والمصالحة وأن ذلك يتطلب أن نتخيل كيف سيبدو هذا الواقع الجديد واضعين فى الاعتبار فشل ما يسمى بعمليه السلام حتى الآن فى تقديم حل وهذا من المؤشرات التى تشير إلى أن بداية نهاية إسرائيل قد بدأت بالفعل.
من خلال يوميات خيالية يتناول المؤلف فلسطين الجديدة ما بعد إسرائيل عام 2048 لأنه لا مستقبل حقيقى للبشرية دون تخيل حياة أفضل حاملة للأمل والعمل من أجلها فهناك عمليات مدفوعة بأفعال أفراد ومنظمات لكنها الآن فى حالة لا يمكن إيقاف زخمها وستؤدى إلى تغيير جذرى بل زلزال على أرض الواقع فيما يعرف اليوم بإسرائيل والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المدمر.. يحاول ايلان بابيه تقديم منظور إيجابى ومتفائل للأحداث التى اندلعت منذ السابع من أكتوبر 2023 والتى أدت إلى مذبحة ودمار هائل فى قطاع غزة وخسائر فادحة فى صفوف المدنيين والعسكريين الإسرائيليين وسكان الضفة الغربية وجنوب لبنان ورافقها انتهاك ممنهج وغير مسبوق لحقوق المواطنين الفلسطينيين فى إسرائيل ناهيك عن أن عام 2024 انتهى باحتمالية نشوب حرب إقليمية وشيكة.
يرصد المؤلف مدى سوء الوضع وإلى أى مدى سيزداد سوءا هذا الرأى المقلق يدفع إلى الاعتقاد بأننا نفتقر إلى حوارات وفاعليات تمهد الطريق لخطاب مفعم بالأمل حتى لو دار حول نهاية الدولة وأن نهاية إسرائيل هى عملية إنهاء استعمار مع إدراك الحالات الماضية التى تجلت فيها عملية إنهاء الاستعمار كتحولات عنيفة ووحشية والتاريخ يعلمنا أن قيام انظمة ظلم جديدة نتيجة لنضال إنهاء الاستعمار والتحرر ولذا من السذاجة تخيل نهاية المشروع الصهيونى أو إسرائيل على أنها تحول سريع وسعيد من مكان احتلال وقمع ومؤخراً إبادة جماعية إلى بلد تضمن فيه الحريات للجميع ويعاد فيه العدل لمن ظلموا فى الماضى لكن من المهم أن نعمل من أجل انتقال سلمى قدر الامكان وبناء مستقبل أفضل لأكبر عدد ممكن من الناس هذا الانتقال من أجل ضحايا القمع وسفك الدماء ومن أجل من يخشون أن يؤدى فقدانهم لامتيازاتهم وتفوقهم إلى تحولهم من مقامات الجلادين إلى ضحايا.
يتلخص الواقع كما يراه ايلان بابيه أن المشروع الصهيونى ينهار ومعه دولة إسرائيل كدولة يهودية وهذا ليس مجرد تمنيات أو سيناريو أسوأ الاحتمالات أنه أمر واقع لا مفر منه ليس لتبنى رؤية حتمية للتاريخ بل أنه يحدث بالفعل حتى لو لم ينشر عنه. فهناك تصدعات واسعة فى أساس إسرائيل الصهيونية لدرجة أن أى أعمال صيانة لا يمكنها إصلاح مسألة انهيار المبنى ليست مسألة هل سيحدث بل مسألة متى سيحدث ولا ندعى معرفه متى سيحدث.








