قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إنَّ رعاية ذوي الهمم ودعمهم وتمكينهم يمثل واجبًا دينيًّا وأخلاقيًّا ومسؤولية مجتمعية، مشددًا على أن الأزهر يضع هذا الملف في صدارة أولوياته؛ انطلاقًا من رسالته العالميَّة القائمة على الرحمة والعدل وصون الكرامة الإنسانيَّة.
ونقل وكيل الأزهر -في كلمته خلال الاحتفالية التي نظَّمها الأزهر الشريف بالتعاون مع المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة بمناسبة اليوم الدولي لذوي الهمم- تحيَّات فضيلة الإمام الأكبر وتهانيه الصَّادقة لأبنائه من ذوى الهمم، مشيدًا بما يقدمونه من نماذج مضيئة في الصبر والعزيمة والتميز. كما أعرب عن شكره للقائمين على هذا الحفل الراقي، الذي يأتي في إطار تحقيق رؤية مصر 2030، وتنفيذًا للإجراءات التي أعلنها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي تؤكِّد ضرورة الفهم الحقيقي لقضايا ذوي الهمم، وإتاحة فرص التعليم المناسبة التي تلائم احتياجاتهم.
وأكَّد الدكتور الضويني أن قصص نجاح الأشخاص ذوي الإعاقة تمثِّل مصدر إلهام حقيقي للمجتمع بأسره، موجهًا رسالة شكر وتقدير إلى أولياء الأمور الذين بذلوا الجهد وتحمَّلوا الصعاب في رعاية أبنائهم، فكانوا نماذج يحتذى بها في الاحتواء والقوة. وأوضح أن الإسلام في أصوله وتشريعاته أكَّد أنَّ ذوي الهمم “ذوات مكرّمة” لها قيمتها الإنسانية الكاملة، وحرَّم أي انتقاص من حقوقهم، بل وأمر بتوفير الرعاية وتسهيل السبل أمامهم في مختلف المجالات.
وأضاف أن الإسلام ضرب أروعَ الأمثلة في توفير الرعاية الشاملة لذوي الهِمَم، مؤكدًا أن معيار التفاضل في الإسلام ليس القوة الجسدية، وإنما التقوى، مصداقًا لقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.
وأكَّد أن عناية الإسلام بذوي الهمم حقيقة تاريخيَّة؛ حيث برز من بينهم علماء وقادة تركوا أثرًا عظيمًا في ميادين العلم والحضارة، مشدداً على أن الإعاقة لم تكن عائقًا أمام التفوق، بل كانت في كثير من الأحيان سببًا في علو الدرجة. وأشار إلى أن تكريمهم اليوم هو إقرار صادق بحقوقهم وخطوة عملية للوفاء بقيم الدين العظيم.
وبيَّنَ وكيل الأزهر أنَّ تذليل الصعوبات أمام ذوي الهمم وتقديم الدعم العلمي والنفسي لهم يعزز قدرتهم على الاندماج والمشاركة الفاعلة، مؤكدًا أن الدولة المصرية شهدت نهضة شاملة في الخدمات المقدَّمة لهم، انطلاقًا من الإيمان بأنهم طاقة بشرية قادرة على الإبداع. وأثنى على دعم الرئيس السيسي لهذا التوجه من خلال سياسات الدمج الفعلي، مؤكدًا حرص الأزهر على مواكبة هذه الرؤية الوطنية عبر تهيئة البرامج التعليمية والكوادر المؤهلة.
كما أوضح أن الأزهر أنشأ مراكز «إبصار» بعدد من فروع جامعة الأزهر لأصحاب البصائر، وزوّدها بأحدث الأجهزة، إلى جانب عقد دورات لتعليم القراءة والكتابة بطريقة “برايل”، وتوفير الأجهزة التعويضيَّة بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي ومؤسسات المجتمع المدني.
مشروع الكتاب المسموع
واختتم وكيل الأزهر كلمته بالإعلان عن إطلاق مشروع الكتاب المسموع على المنصات التعليمية الأزهرية لطلاب المعاهد من ذوي البصائر، تيسيرًا عليهم وتخفيفًا للأعباء عن أسرهم. وأوضح أن المشروع بدأ بإطلاق كتاب مادة “التجويد” للمرحلة الإعدادية، ضمن إستراتيجية متكاملة لإتاحة كافة المواد الدراسيَّة بجميع مراحل التعليم الأزهري قبل الجامعي عبر هذه الخدمة، بما يحقق مبدأ تكافؤ الفرص ويتوافق مع التقنيات الحديثة.









