لسنوات طويلة كانت المجالس الشعبية المحلية تؤدى دورها من خلال درجاتها (المجالس القروية، ومجلس محلى المركز، ثم المحافظة). صحيح أنها فى سنواتها الأخيرة كانت وعاء لأعضاء مجلسى الشعب والشورى وهو ما أفقدها رونقها ومكانتها وريادتها. إلا أننا لا ننكر أنه من رحم هذه المجالس ولسنوات عديدة، ومن خلال الممارسة الفعلية، خرج عدد غير قليل تم تأهيلهم ووجدوا أرضية خصبة وممهدة للترشح فى المجالس النيابية ومنهم من استطاع فعلًا دخول البرلمان وكان زادهم رصيداً متراكماً من الخدمات سبق تقديمها عندما كانوا أعضاء بالمجالس الشعبية بدرجاتها المتفاوتة. واستطاعوا الخروج من عباءة النواب وتحرروا فى عرض الأفكار البناءة التى تُرجمت إلى توصيات بعد موافقة مجلس محلى المحافظة. لست بصدد ذكر أسماء ونماذج لشخصيات أبدعت ودخلت المجلس التشريعى بعد مشوار طويل فى المجالس الشعبية وهى كثيرة وموجودة فى كل المحافظات، وبالتالى ففى تقديرى أن قانونًا يفتح الباب أمام عودة المجالس الشعبية بات ضروريًا، بل هو ضرورة حتمية، ويا حبذا لو منح القانون صلاحيات جديدة لضبط إيقاع الهيئات والمؤسسات المختلفة وتقويم القيادات عبر عدد من قواعد المكاشفة والحاسمة ووضع الرجل المناسب فى المكان المناسب. وقد شغلنى سؤال مهم: لماذا نرى شخصيات حديثة لا سابقة لها فى العمل العام تتقدم للترشح لعضوية البرلمان وكان مصيرها الإخفاق؟ والمؤسف أن هذه الإخفاقات طالت الجميع، مرشحى الأحزاب والمرشحين المستقلين، وكانت الإجابة واضحة وسريعة: لأنهم لم يتمرسوا فى العمل العام ولم يسبق لهم الاحتكاك بالجماهير للوقوف على آمالهم وآلامهم. لذا كان خطابهم بعيدًا عن حاجات الناس وما يطمحون فيه. المجالس الشعبية هى الحاضنة الحقيقية لتفريخ شخصيات قادرة على العطاء والتفاني، إذا أردنا فعلًا وجود كوادر حقيقية تحمل جينات النيابة عن الشعب فى غرفتى التشريع، وسيُغلق الباب تلقائيًا أمام الهواة والذين يهبطون على الدوائر بالباراشوت وكل همهم الحصول على الحصانة، ثم يغيبون بعد ذلك عن الجماهير دون مساهمة فعلية وحقيقية فى حل مشاكلهم أو المشاركة الفعالة تحت قبة البرلمان من خلال تقديم الأفكار والرؤى.
حفظ الله مصر أرضًا وشعبًا وجيشًا ورئيسًا.








