فى السابع من ديسمبر عام 1953 صدر العدد الأول من جريدتنا «الجمهورية» التى أتمت منذ أيام عامها الثانى والسبعين وبدأت مشوار العام الثالث والسبعين.. واحتفالاً بهذه المناسبة تتابعت مقالات الزملاء فى «الجمهورية» لتقدم لمحات من تاريخ هذه الجريدة التى تعتبر صفحاتها سجلا لتاريخ مصر والأحداث التى مر بها الوطن على امتداد هذه السنوات.. كما أن هذا التاريخ يحتوى بين طياته على الدور التنويرى الكبير الذى قامت به وتقوم به «الجمهورية» منذ أعدادها الأولى وعلى امتداد مسيرتها طوال هذه السنوات..
> واستأذن القارئ الكريم فى أن أقدم فى هذه الكلمات جانبا من تاريخ «الجمهورية».. كانت «الجمهورية» ومازالت سباقة فيه.. سبقت زميلاتها فى تقديم لونين من الصحافة.. وتبعتها فيه باقى الصحف.. اليومية وحتى المجلات الأسبوعية..
أعنى هنا بهذين اللونين.. الصحافة التعليمية.. والصحافة السياحية.. وقد كان لى شرف بدء هذين اللونين من الصحافة على صفحات الجمهورية.. الأول فى عام 1968.. وهو الصحافة التعليمية.. والثانى الصحافة السياحية وكان فى عام 1970..
>>>
> فى الصحافة التعليمية كانت البداية فى اقتراحى تقديم صفحة تعليمية يومية.. وكان ذلك فى مطلع يناير عام 1968.. وكان رئيس التحرير فى ذلك الوقت الراحل الكريم إبراهيم نوار.. قدمت الفكرة وناقشنى فيها.. وشرحت له ما أريد أن أقدمه على هذه الصفحة.. ووعدنى خيراً بعد دراسة الفكرة..
> ومضت أيام قبل أن التقى بالصدفة رئيس مجلس الإدارة الأديب الكبير الراحل فتحى غانم.. التقيت به منصرفا من الدار وأنا فى مدخل دار الجمهورية.. ليسألنى ماذا فعلت فى فكرتك.. قلت انى منتظر أن يطلب منى تنفيذها.. قال لى لقد تناقشنا فيها مع أ. إبراهيم نوار واتفقنا على التنفيذ.. وطلب منى أتوجه إليه.. بالفعل توجهت إلى مكتبه.. وما أن رآنى حتى قال لي.. ابدا العمل.. لقد توافقنا على تنفيذ هذه الفكرة.. وكان ذلك يوم الخميس 18 يناير 1968.. قال لى متى تبدأ؟.. قلت يوم السبت إن شاء الله.. قال لى هل الوقت كاف؟.. قلت إن شاء الله.. وهكذا صدرت يوم السبت 20 يناير 1968 أول صفحة تعليمية فى «الجمهورية».. وفى الصحف المصرية كلها..
> فى مساء السبت 20 يناير 1968 كنت قادما إلى «الجمهورية» ومعى مواد العدد الثانى للصفحة التى ستصدر يوم الأحد 21 يناير 1968.. وبالصدفة أيضا التقيت الأستاذ فتحى غانم.. ليهنئني.. مبروك.. زاد التوزيع اليوم لـ»الجمهورية» 20 ٪.. رغم أن «الصفحة التعليمية» الأولى قد صدرت بدون تنويه أو حتى إشارة لها فى الصفحة الأولي..
> ماذا كنا نعمل فى هذه الصفحة التى تطورت من صفحة إلى صفحتين حتى وصلت إلى 4 صفحات يوميا؟.. كانت الفكرة فى البداية أن نقدم المادة التعليمية التى تقدمها البرامج التعليمية فى التليفزيون والإذاعة.. والتى كان يفترض أن يكون معها كتاب إرشادى يصاحب المادة التعليمية المتاحة.. ورأيت أنا أننا يمكن فى «الجمهورية» القيام بهذا الدور.. فكنا نقدم فى الصباح الدروس المذاعة فى مساء نفس اليوم..
> هكذا كانت البداية.. ولكن سرعان ما تطورنا استجابة لردود الفعل.. والترحيب الواسع الذى قوبلت به الصفحة.. فبدأنا فى تطوير المادة التعليمية المنشورة على الصفحة التعليمية.. وأصبحنا نقدم نحن من خلال مجموعة منتقاة من المدرسين دروسا خاصة بالصفحة.. وتوسعنا فى المواد المنشورة حتى شملت الرياضيات ومختلف اللغات.. وجاء وقت كانت الصفحة التعليمية بصفحاتها الأربع تنشر بأربع لغات يوميا هى العربية بطبيعة الحال إلى جانب الانجليزية والفرنسية والألمانية.. وخرجنا من النطاق المدرسى إلى نطاق الثقافة العامة وتوجيه دروس للقارئ العادي.. وخاصة فى اللغات..
> واتسع نطاق الصفحة لتقدم المراجعات لمختلف المواد قرب نهاية العام.. وشملت مختلف المراحل التعليمية.. ولم نكن نتوقف خلال الاجازة الصيفية.. بل كانت الصفحة تقدم المادة الثقافية وتنظم المسابقات ذات الجوائز القيمة.. وتقدم الروايات المقررة على مختلف المراحل الدراسية مصورة بلوحات كبار رسامى الجمهورية.. وعلى رأسهم عبدالحليم البرجينى ومحمود فرج وعطيات وغيرهم.. كان هذا يفيد الطلبة الذين يقرأون الروايات المقررة عليهم فى الصيف سواء باللغة العربية أو الانجليزية.. استعدادا لبدء العام الدراسي..
>>>
> فى الربع الأول من عام 1968.. فكرت فى أن نقدم حوافز للطلاب والمدرسين أيضا.. ولنبدأ بالمدرسين.. فقد ساعدنا آلاف المدرسين المغتربين على الانتقال إلى محافظاتهم عن طريق البدل.. فنشرنا بطاقة تعارف للمدرسين الراغبين فى الاستفادة بهذه الخدمة.. ليتعرف كل مدرس على نظيره الذى يمكن أن يتبادل معه النقل بين محافظتيهما..
> الحافز الثانى للمدرسين كان تنظيم رحلة حج للمدرسين.. مكافأة وتكريما لهم.. ونظمنا هذه الرحلة على مدى ثلاث سنوات متتالية..
> أما حوافز الطلاب التى فكرت فيها فكان على رأسها تنظيم رحلة للعشرة الأوائل فى الثانوية العامة إلى خارج مصر.. وبالفعل بدأت الرحلة الأولى لأوائل الثانوية العامة فى يوليو 1968.. وكانت إلى لبنان.. وكل هذا كان يتم بمجهود فردى وعلاقات شخصية.. ودون تحميل «الجمهورية» أعباء الرحلتين.. رحلة الحج للمدرسين.. ورحلة أوائل الثانوية العامة..
> من خلال الصفحة التعليمية.. بدأنا مشروعا آخر باصدار سلسلة كتب تعليمية بدأت بتقديم الروايات المقررة على الثانوية العامة وشروحها.. وتدريبات عليها..
> وقد سجلت تجربة الصفحة التعليمية وقصة صدورها ورحلات أوائل الثانوية العامة فى كتاب لى صدر عام 1970 تحت عنوان «شباب ونجوم»..
> الكلام يطول لو أردنا أن نناقش هذه التجربة وما أحدثته من رد فعل فى الصحف المصرية والمجلات الزميلة.. وهذا ما نحتاج فيه إلى مقال آخر.. ونتحدث فيه أيضا عن الصحافة السياحية فى «الجمهورية».
