دشّن الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، مرحلة جديدة من مشروع «ذاكرة مصر المعاصرة»، وذلك خلال افتتاحه، اليوم الثلاثاء، أعمال الندوة الخاصة بالمشروع بمركز المؤتمرات بالمكتبة، بحضور نخبة من أساتذة التاريخ والأدباء، وعدد من الباحثين بالمشروع، إلى جانب أسرة حسين سري باشا رئيس وزراء مصر الأسبق.
وشهدت الندوة الإعلان عن تحديثات جوهرية بالمشروع، في مقدمتها إضافة ألف شخصية مصرية جديدة إلى الموقع الإلكتروني، إلى جانب عرض ألبوم صور نادر لرئيس الوزراء الأسبق حسين سري باشا يُعرض لأول مرة، فضلًا عن إطلاق عدد خاص من مجلة «ذاكرة مصر» بعنوان «برلمانات ونواب».
وأكد الدكتور أحمد زايد، في كلمته الافتتاحية، أن الاهتمام بالتاريخ والتذكّر الجمعي لا يمثل مجرد استدعاء للماضي، بل يُعد ركيزة أساسية لبناء الهوية الوطنية وتعزيز التماسك الاجتماعي، واصفًا الذاكرة الوطنية الموثقة بأنها «مسألة أمن قومي» تحمي المجتمع من محاولات التزييف.
وشدد مدير المكتبة على أن استدعاء الذاكرة الوطنية ينفي فكرة «العجز التاريخي»، مؤكدًا أن مصر دولة زاخرة بالإنجازات، وأن الذاكرة الموثقة تمثل يقينًا في مواجهة حالة اللايقين التي تفرضها وسائل التواصل الاجتماعي.
وقدّم الندوة الدكتور سامح فوزي، كبير الباحثين بمكتبة الإسكندرية والمشرف على مشروع «ذاكرة مصر»، الذي أوضح أن المشروع يُعد نموذجًا مستدامًا للتعاون بين قطاعات المكتبة المختلفة، ويهدف إلى تقديم المعرفة التاريخية الموثقة للجمهور العام بما يعزز الوعي والاستنارة.
وأعلن فوزي عن إطلاق «موسوعة أعلام مصر»، التي تضم ألف شخصية بارزة من القرنين التاسع عشر والعشرين، مشيرًا إلى أن المشروع يسعى في مجمله إلى إثراء الوعي العام بالمعرفة التاريخية.
وفي الجلسة الأولى، التي أدارها الدكتور أحمد سمير، رئيس قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالمكتبة، جرى استعراض الجوانب التقنية والوثائقية الجديدة للمشروع، حيث وصفت الذاكرة بأنها «كائن حي ينمو باستمرار».
وقدّمت المهندسة سمر فرج شرحًا تفصيليًا للمستودع الرقمي (BAM) الذي يحفظ الوسائط الإلكترونية ويحمي حقوق الملكية الفكرية، مستعرضة الأرشيفات الرقمية المتنوعة، ومن بينها «وصف مصر» والأرشيفات الرئاسية وأرشيف الصحافة، إضافة إلى أدوات البحث والمقارنة الرقمية.
كما كشف أحمد حسن، أخصائي التوثيق بالمشروع، عن تفاصيل إهداء قيّم قدمه فؤاد يونس، حفيد حسين سري باشا، يضم صورًا نادرة لرئيس الوزراء الأسبق وعائلته، إلى جانب صور للملكة فريدة والأمير محمد علي توفيق وأبطال مصر في سلاح الشيش.
من جانبها، استعرضت إيمان الخطيب، سكرتير تحرير مجلة «ذاكرة مصر»، كواليس إعداد المجلة، موضحة أن العدد الخاص «برلمانات ونواب» يوثق تاريخ الحياة النيابية المصرية بأسلوب مبسط ومصور، يراعي الدقة والتوثيق العلمي.
وفي الجلسة الثانية، التي أدارها الدكتور أحمد زايد، ناقش المتحدثون تطور الحياة النيابية في مصر من منظور تاريخي ونقدي، حيث استعرضت الدكتورة لطيفة سالم، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة بنها، المراحل الرئيسية للحياة النيابية منذ عصر محمد علي وحتى دستور 1923.
وحذّر الدكتور أحمد الشربيني، أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة ورئيس الجمعية التاريخية المصرية، من خطورة تزييف الوعي التاريخي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أهمية دراسة التجارب الدستورية والنيابية برؤية علمية موضوعية.
وقدمت الروائية والناقدة سلوى بكر رؤية أدبية نقدية لواقع العمل السياسي في مصر، فيما تناول الدكتور شريف إمام، أستاذ التاريخ الحديث المساعد بجامعة عين شمس، إشكاليات فقدان التراكمية وعدم الاستقرار المؤسسي في التجربة البرلمانية المصرية.
واختتمت الندوة بتأكيد الدكتور أحمد زايد انحياز مكتبة الإسكندرية لتقديم نماذج وطنية تقوم على قيم الإنجاز والمواطنة، مرحبًا بكل الأفكار التي تسهم في إثراء ذاكرة الوطن وحفظ تاريخه.








