مصر تحمَّلت مسؤوليتها تجاه القضية الفلسطينية وحائط صد أمام محاولات التهجير
قال د.نظير محمد عيَّاد ـ مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم أن الفتوى فى شريعتنا ليست حكماً يُلقى فى فراغ، ولا قولاً منفصلاً عن سياقه، بل هى صناعة علمية راسخة، تقوم على أصالة الدليل، وتستنير بالمقاصد، وتراعى المآلات، وتستوعب مستجدات العصر وتشابكاته، أضاف المفتى فى كلمته بافتتاح الندوة الدولية الثانية للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم تحت عنوان : «الفتوى وقضايا الواقع الإنساني: نحو اجتهاد رشيد يواكب التحديات المعاصرة»، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى أنَّ تلك الرعاية تمثِّل دعماً مستمراِ من القيادة السياسية لمسيرة الإفتاء الرشيد.
مشددا أن دار الإفتاء تحمَّلت مسؤوليتها تجاه القضية الفلسطينية، عبر بناء خطاب إفتائى مؤسسى راسخ، يهدف إلى ضبط الوعى الدينى وتوجيه أنـماط التفاعل مع القضايا الإنسانية الكبري، بعيداً عن الانفعال الخطابى أو التوظيف السياسى للدين، وأن غزة لم تكن بعيدة عن عقل دار الإفتاء المصرية .
مشدداً على أن الفتوى ليست رفاهية معرفية، ولا خطاباً نظريًّا، بل هى مهمة إنقاذ فى زمن الأزمات، و«مسئولية بناء» فى زمن إعادة تشكيل الوعى الإنساني، موضحاً أن الفتوى ليست خطاباً جامداً حبيس الأوراق، بل هى صوت الرحمة، وعقل الحكمة، وأداة ضبط للمجتمع؛ إذ تسهم فى تخفيف المعاناة، وتحقيق العدالة، وترسيخ مبادئ التكافل والتعايش.
فيما أشار د.أسامة الأزهري، وزيرُ الأوقاف إلى أن الفقيهَ الحق لا يقف عند حدود الأحكام الفقهية المجردة، وإنما ينفذ ببصيرتِه إلى أحوال الناس وواقعهم ومعايشهم، وما يدور فى حياتهم من معاملات وتفاعلات وعلوم، وهى المجالات التى تفرض نفسَها على البحث الفقهى المعاصر، وتستوجب وعياً دقيقاً بآثار الأحكام الشرعية على حياة الناس، بما يمكِّن الفقيهَ من حُسن استخراج الحكم الشرعى وتنزيله تنزيلاً صحيحاً يراعى المقاصد والمآلات، مشددا أن الفقه لا ينفصل عن سائر العلوم، بل يستمد منها أدوات الفهم وسَعة الإدراك، بما يفتح آفاقاً أوسعَ لاستيعاب النصوص وتنزيلها
بينما أعرب د.محمدالضويني، وكيل الأزهر الشريف أن الفتوى تمثل حلقة وصل بين النص الشرعى والواقع الإنسانى المتغير، وتُعد من أهم الآليات الشرعية فى خدمة الإنسان وترسيخ قيم السلم المجتمعي، لما لها من قدرة على توجيه السلوك، وبناء الوعى على أساس من الرحمةِ والعدلِ والمسؤوليةِ، وعلى نحو يحقق مقاصد الشريعة ويُراعى أحوالَ الناسِ، وفاعلاً رئيساً فى توجيه الوعى وتحقيق الأمن والاستقرار، ويتقاطع مع مرتكزات رؤية الدولة المصرية 2030، بقيادةِ السيدِ الرئيسِ عبدِ الفتاحِ السيسى، ، والتى تقوم على ترسيخ قيم المواطنة والاستقرار ودعم التنمية المستدامة.
فيما أشار الشيخ هشام بن محمود، مفتى تونس إلى أن الأمة الإسلامية تمر بلحظات دقيقة، فى ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطينى من عدوان غير مسبوق، موضحاً أن التحديات المعاصرة تفرض ضرورة تبنِّى فتوى واعية تجمع بين الحفاظ على مقاصد الشريعة الإسلامية، ومراعاة التحولات المتسارعة على مختلف المستويات، لافتاً النظر إلى أن العالم يشهد تغيرات كبرى طالت الفكر الإنسانى وأساليب الحياة، خاصة مع التطور الهائل فى وسائل الاتصال والانتقال إلى الفضاء الافتراضى، وما صاحبه من ضغوط نفسية ودينية وفكرية.
بينما أكد د.محمود صدقى الهباش قاضى قضاة فلسطين ومستشار الرئيس الفلسطينى للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية أن فى مقدمة القضايا التى تهم المسلمين جميعاً هى القضية الفلسطينية، التى ينتمى إليها شعب مرابط متشبث بأرضه المقدسة وحقوقه المشروعة فى مواجهة الظلم والعدوان مهما بلغت التضحيات، مشيراً إلى أن الشعب الفلسطينى صابر وصامد وباقٍ ما دام الزعتر والزيتون، ولن يتخلى عن أرضه، مشددا أن وحدة الموقف الوطنى تمثل حجر الزاوية فى مواجهة الاحتلال وأن النصوص الدينية المتعلقة بفلسطين وبيت المقدس حاضرة بقوة فى الوعى الإسلامي، مبينا أن محاولات الاحتلال لانتزاع ملكية المسجد الأقصى والمقدسات لن تنجح؛ لأن شعب فلسطين باقٍ وأرض فلسطين باقية ما دام فى الأمة علماء يذكِّرون الناس، ووعى يُبني، وخطاب دينى يرسخ الحق ويؤكد وعد الله وبشارة رسوله بأن طائفة من الأمة ستظل ظاهرة على الحق فى بيت المقدس وأكنافه حتى قيام الساعة، معلنا أن القدس ستبقى وطناً حرًّا مستقلًّا مهما طال الاحتلال، ومهما اشتدت المحن، وأن الحق لا يسقط بالتقادم ولا تهزمه القوة، وأن فيها الملتقى فى عزة وكرامة.
فيما أوضح د.عبد اللطيف المطلق، وكيل رابطة العالم الإسلامى أن الفتوى أداة علمية واجتماعية مهمة تسهم فى حماية الإنسان وصون كرامته، وذلك فى ظل عالم تتسارع فيه التحديات والتحولات الرقمية؛ الأمر الذى يتطلَّب الْتزاماً وتعاوناً مشتركا بين مختلف الجهات والمؤسسات الدينية والإفتائية فى مختلف دول العالم، مضيفا أنه لا يمكن الحديث عن الفتوى دون التوقف عند دورها فى زمن الحروب والنزاعات المسلحة، حيث تتلاقى مقاصد الشريعة مع القانون الدولى فى حماية الإنسان وعرضه وكرامته وحقوقه، منوهاً بأن القضية الفلسطينية جاءت فى صدارة تلك القضايا لما تفرضه من واجب شرعى وإنسانى.








