عام يوشك على المضى بما له وماعليه.. وعام نكاد نستقبله بأمنيات ودعوات: أن يكون أفضل من سابقه وأن يشهد العالم انفراجًا فى أزماته التى ألقت بظلالها على كل الشعوب.. نستقبله بأمنيات انحسار الغلاء وعودة الرحمة إلى قلوب التجار وانخفاض سعر الدولار لتقل المعاناة وترجع الابتسامة على الشفاه.. وان يأخذ العالم استراحة ولو قصيرة من الازمات.. فتنتهى حرب طروادة الجديدة بين روسيا وأوكرانيا وتتوقف جرائم الحرب الصهيونية الغادرة فى غزة ويعود للسودان الشقيق أمانه واستقراره وتعود التجارة العالمية إلى سابق عهدها فتتدفق السلع وتنتهى أزمة الغذاء.. وهى أمنيات بسيطة ولكنها لن تتحقق إلا بإرادة دولية جماعية لانقاذ البشر من معاناتهم التى طالت.. وهو ما يبدو صعبا فى ظل التصارع والمنازعات بين الشرق والغرب والحروب الاقتصادية بين الأقطاب الكبرى.. الولايات المتحدة وروسيا والصين والاتحاد الاوروبي.
الحقيقة المؤكدة هى أن الامنيات وحدها لا تكفى لمواجهة الازمات وتجاوز تداعياتها فى مصرنا الحبيبة.. وجهود الحكومة وحدها وهى كثيرة وكلها تسعى لتخفيف حدة الازمة العالمية على جموع الشعب خاصة الطبقات المتوسطة والاقل من متوسطة.. ليست كافية.. ولا بد من تضافر جهود مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدنى وكل طوائف الشعب حتى تمر الظروف الاستثنائية التى نعيشها مع دول العالم وحتى يكون العام الجديد عام استقرار.
يجب علينا ان نتراجع عن ثقافة التكويش والتحويش فى السلع الغدائية.. ويحضرنى هنا مشهد تابعته بنفسى فى احد محال السوبر ماركت.. حيث قام بعمل تخفيضات على بعض السلع.. فما كان من الكثيرين إلا شراء كميات هائلة تفوق احتياجاتهم من السلع المخفضة.. وكانت النتيجة اختفاء هذه السلع خلال دقائق على يد قلة من الزبائن فيما لم يتمكن الباقون من شراء احتياجاتهم.. وهو سلوك ينم عن انانية مفرطة.. فالذى يحصل على أضعاف حاجته وحاجة أسرته من سلعة ما.. يحرم غيره من الحصول على بعضها.. ويؤدى فى النهاية الى زيادة الطلب على العرض فترتفع الاسعار وفق آليات السوق.. يذكرنى هذا الموقف بموقف معاكس فى احدى الدول الاوروبية حيث ادى اعصار مدمر إلى عجز آلاف الأسر عن تدبير احتياجاتهم اليومية من الغذاء نتيجة انقطاع وسائل الاتصال والمواصلات.. وهنا قامت الحكومة بتوفير وجبات جاهزة لمعاونة الاسر المنكوبة ووضعتها فى أماكن عامة بلا رقابة.. ومع ذلك كان كل واحد لايأخذ اكثر من احتياج أسرته فى اليوم وليس اكثر.. لم يقل احدهم انه ربما لايجد هذه الوجبات فى اليوم التالي.. كان الاحساس بالمسئولية يتحكم فى سلوك الجميع دون رقابة.









