الواحات البحرية ليست مجرد بقعة خضراء تشق صمت الصحراء، بل هى دليل حى على أن مصر تخفى ثروات هائلة لم تكتشف بعد، جوهرة ذهبية تجمع بين سحر الطبيعة وعمق التاريخ وثراء الموارد، وتمنح مصر نافذة فريدة لبناء اقتصاد قوى ومستدام.. اقتصاد يستند إلى ما هو حقيقى ودائم، لا إلى موارد تنفد أو أسواق تتبدل. فى الواحات البحرية تمتد بساتين النخيل والزيتون والرمان والمشمش على مساحات واسعة كأنها طوق حياة وسط الرمال، أرض خصبة لاتخذل من يزرعها ومياه نادرة فى نقائها وبيئة تمنح المحاصيل طعما لا يعرفه إلا من تذوقه، هنا تظهر مصر الحقيقية .. مصر التى تزرع وتنتج وتصدر الخير بلا حدود.. وتحت هذه الأرض الهادئة تختبئ ثروات معدنية قادرة على صناعة مستقبل صناعى ضخم، خامات حديد ذات جودة عالية، منجنيز استراتيجى وصخور جيولوجية تحكى ملايين السنين، هذه الموارد تجعل الواحات البحرية منطقة اقتصادية واعدة يمكن أن تتحول إلى قطب تنموى يغير وجه الصحراء بالكامل. لكن كنز الواحات الأكبر هو المياه الكبريتية الطبيعية التى تعد من أقوى العلاجات البيئية عالميا، مياه دافئة تخرج من باطن الأرض بعناصر معدنية نادرة قادرة على علاج آلام المفاصل والروماتيزم والأمراض الجلدية وتنشيط الدورة الدموية، وهذا النوع من العلاج الطبيعى أصبح مطلوبا دوليا، والدول التى تمتلكه تحوله لمصدر دخل ثابت، ومصر تمتلكه.. لكن لم تستثمره بعد بالصورة التى يستحقها. إن تحويل الواحات البحرية إلى عاصمة للسياحة العلاجية البيئية فى الشرق الأوسط يعتبر ضرورة اقتصادية وصحية مع إقامة مراكز علاجية متخصصة ومنتجعات بيئية ومسارات سياحة صحية عالمية، سيجذب زوارا من كل دول العالم ويخلق فرص عمل وينقل المنطقة بالكامل إلى مستوى آخر من التنمية. أهل الواحات أنفسهم هم جزء من هذا الكنز بطيبتهم ووعيهم البيئى وقدرتهم على استقبال الزائر كأنه فرد من العائلة، بيئة بشرية تساعد على النجاح لا تعيقه، الواحات البحرية ليست مجرد مكان ساحر، بل إنها فرصة دولة، فرصة لصناعة سياحة علاجية عالمية، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية، واستغلال موارد طبيعية لا تتكرر. إن الواحة الذهبية تنتظر فقط قرارا جريئا يضعها فى مكانها المستحق، ومصر لديها ما يكفى من الإرادة والخبرة لتحويل هذا الكنز إلى قوة حقيقية تضيف للاقتصاد وتفتح أبواب التنمية بلا سقف.









