الصراع بين حيتان الحديد ومصانع الدرفلة الصغيرة يتواصل بسبب رسوم الحماية التى فرضتها وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية وهى بمقدار 16,2 ٪ خلال الأيام الماضية على كل واردات البليت والصاج، حيث تسعى مصانع الدرفلة إلى إلغاء هذه الرسوم من خلال محاكم مجلس الدولة، حيث قاموا برفع دعاوى قضائية لإلغاء هذه الرسوم وتحدد لهم النظر فيها منتصف الشهر المقبل، وأكدوا فى دعواهم أن هذا القرار سوف يتسبب فى أضرار جسيمة وخسائر كبيرة لهم تؤدى إلى تعطيلهم عن التشغيل والإنتاج لفترات نتيجة لغلق الاستيراد بفرض رسوم الحماية، التى تسببت فى رفع الأسعار بمجرد صدورها بنسبة تصل إلى 25 ٪ على البليت والصاج المستورد وأيضا على الإنتاج المحلى منه.. فى الوقت نفسه يسعى حيتان الحديد إلى الدفاع عن هذه الرسوم وعن أهمية استمرارها، بدعوى انها حماية للصناعة المحلية، وهذا ليس صحيحاً فى الواقع، لأن استمرارها يقضى على المنافسة ويحد من الجودة ويكرس للاحتكار.
> الحقيقة، أن فرض رسوم الحماية تتسبب بالفعل فى رفع أسعار المنتج النهائى من حديد التسليح وغيره من المنتجات الحديدية فى الاسواق بطريقة مباشرة، حيث انعكس ذلك على أسعار الوحدات السكنية والشقق وعلى أسعار السلع المنزلية والهندسية بالارتفاع، لتقفز إلى مستويات كبيرة، والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة: لمصلحة من استمرار فرض رسوم حماية لسنوات قادمة؟!، وكيف تنهض وتتطور الصناعة دون منافسة فى ظل مثل هذه الحماية المتواصلة ليقضى بذلك على الجودة فى المنتجات؟!
الملفت والمثير للانتباه، أن أسعار حديد التسليح فى الدول المجاورة أرخص من مصر بفارق كبير يصل إلى أكثر من 12 ألف جنيه فى الطن الواحد على الاقل، كما أن هناك أنواعاً من حديد التسليح ومن منتجات الصلب لا يتم إنتاجها مثل الحديد المقاوم للزلازل، الذى يتم انتاجه من بليت مخصوص يتم استيراده من الخارج منذ سنوات عديدة، وأيضا الصاج منه أنواع لا يتم إنتاجها مثل البلاطات ذات السمك 20 مللى وعرض 2.5 التى كان يقوم باستيرادها حيتان الحديد من قبل ويبيعونها فى السوق ولشركات الدرفلة الصغيرة.
احتكار سوق الحديد فى مصر يسيطر عليه، الذين أصبحوا يتحكمون فى العرض والطلب ويفرضون الاسعار التى تناسبهم، فالطمع والجشع مازالا يسيطران عليهم فى الحصول على المزيد من الارباح والمكاسب الضخمة والفلكية ولم يكتفوا بما حققوه طوال السنوات الماضية، التى تخطت العشر سنوات واستطاعوا أن يمارسوا نفوذهم وضغوطهم من جديد ليتم فرض رسوم حماية جديدة لسنوات قادمة والمتضرر يلجأ للقضاء، فطن الحديد حاليا يباع بسعر يتخطى الـ 40 ألف جنيه وهو سعر فلكى بالمقارنة بأسعار المستورد الذى يباع حاليا بعد فرض رسوم الحماية بسعر 28 ألف جنيه، وقد تسبب ذلك فى إحداث حالة من الركود والكساد، حيث ان نسبة تكلفة حديد تسليح فى بناء الوحدة السكنية تمثل 50 ٪ من قيمة الوحدة على الاقل، وهو ما يهدد السوق العقارى بالتراجع.
استمرار فرض رسوم حماية على واردات البليت والصاج، يفقد الأمل فى أن أسعار حديد التسليح لن تنخفض مرة أخرى خلال المرحلة القادمة، بل انها فى زيادة متواصلة، رغم إعلان قيام وزارة الصناعة عن منحها خمس رخص لإنشاء مصانع جديدة لإنتاج البليت والصاج وحديد التسليح بهدف زيادة حجم الانتاج منها، وهذا ليس مبرراً لفرض رسوم حماية، لذا فإن حتمية سرعة إلغائها أصبحت ضرورة مُلحة لحماية مصانع الدرفلة الصغيرة والحفاظ على استمرار تشغيلها وإنتاجها وكذا الحفاظ أيضا على استقرار السوق وخفض اسعار الوحدات السكنية والشقق لصالح الشباب المقبلين على الزواج.









