بعد حرب الإبادة الصهيونية فى غزة 2023/2025 وبعد عودة الخلايا النائمة للتكفيريين القدامى والجدد إلى اليقظة.. وعمالتهم ـ أوبمعنى أدق وظيفتهم ـ الدائمة للغزوة الإسرائيلية والأمريكية للشرق والتى تتم هذه الأيام بمباركة الدواعش وكأننا كنا بعد 2011 أمام «عملة واحدة» بوجهين «الاحتلال» و«التطرف» والهدف واحد ألا وهو تمزيق «الدولة الوطنية» عربياً وإسلامياً.. والوصول على أنقاضها؛ للحكم والسلطة! وهو ما جرى للأسف فى غالب الدول العربية التى ابتليت بما يسمى «الربيع العربي!» خاصة فى مشرقنا العربى الحزين!
>>>
> ومع انفلات المشهد السياسى وتفجر الأوضاع وتشظى الرؤى الدينية والمدنية ما أحوج عالمنا العربى والإسلامى فى هذه الأيام إلى عودة الدور التنويرى والوسطى للأزهر بعد أن انقلب كل شىء فى بلادنا وصار البعض، شيوخاً يفتون باسم الدين، وركب أنصاف المتعلمين على المنبر، فأفتوا، وتحدثوا، من غير علم رصين، وفهم دقيق لأمور الدنيا والدين، واستغلوا رايته لخدمة أغراض حزبية وسياسية بعيدة تماماً عن روح الإسلام ورسالته السمحة، إن بلاد العرب، تحتاج اليوم إلى عودة الأزهر ـ دوراً وفهماً ورسالة ـ بعد أن طفح على السطح مؤخراً كثير من البثور المتاجرة بالدين؛ المفتتة للأمة، الخادمة لأعداءها التاريخيين، من تل أبيب إلى واشنطن.
>>>
> إن الحاجة إلى عودة دور الأزهر رمزاً للوسطية ورافعاً لراية التقريب المذهبى، ومؤسساً للغة الحوار الراقى منذ أكثر من ألف عام، ورائداً للثورات المصرية «الحقيقية!» ضد المحتل؛ حاجة ماسة؛ وسط أجواء الفتن والصراعات المذهبية التى تعصف بالعديد من بلادنا العربية والإسلامية، ووسط الدفع الأمريكى والإسرائيلى باتجاهها، لأنه يحقق للدولتين «أمريكا وإسرائيل» ما عجزتا عنه طيلة السبعين عاماً الماضية من هيمنة واحتلال؛ ووسط أجواء يلعب فيها بعض من يوصفون بـ «الشيوخ» ـ للأسف ـ وبعض الكتبة من تابعى الأنظمة الممالئة بدورها لأعداء الأمة، دوراً تخريبياً فى تأجيج الصراع المذهبى بين أتباع المذاهب الإسلامية واعتباره أهم وأخطر من الصراع الحقيقى فى المنطقة وهو الصراع مع الاحتلالين الأمريكى والإسرائيلى.
>>>
> وسط هذا جميعه نحتاج إلى «كلمة سواء»، نحتاج إلى دور تقم به المؤسسات الإسلامية ذات التاريخ الجهادى والتوحيدى للأمة، ولا نحتاج إلى شيوخ مفرقين للأمة، وكتبة مستأجرين باسم الدفاع عن الإسلام؛ والذين لا يخدمون بأدوارهم سوى إسرائيل والولايات المتحدة، ومن سار فى ركابهما من أنظمة و«نخبة» الاستبداد والفساد فى بلادنا العربية، وعندما ننظر حولنا لا نجد سوى الأزهر الشريف بتاريخه الإسلامى المعتدل، خاصة فى السبعين عاماً الماضية، حيث نشأت على أيدى علمائه، دار «التقريب بين المذاهب»، والتى كانت ضمن عشرات الوسائل العلمية والدعوية الأخرى، أداة للوحدة وللتقريب بين أتباع المذاهب الإسلامية.
>>>
لقد كان الأزهر إبان ثورة يوليو ووقتها واسع الأفق، وكان علماء الأزهر يومها أصحاب رؤية وفهم سياسى ودينى كبير، ولم يكونوا طلاب مناصب أو باحثين عن مغانم صغيرة، لقد كانت أمة الإسلام وقضاياها الكبرى فى الوحدة ومقاومة العدو الصهيونى، هى جل همهم، ونحسب أن هذا هو عين ما تنشده الأمة من الأزهر اليوم؛ ولعل فكر وسلوك الإمام الأكبر فضيلة الشيخ د.أحمد الطيب، خلال الفترة الماضية يؤكد أن ذلك ويسعيان إليه، صحيح ثمة عوائق تقابل مسيرة الأزهر ومنها ظهور بعض «غلاة التطرف» الذين يعقدون اليوم صفقات وياللغرابة والتناقض مع إسرائيل، وأمريكا التى كانوا بالأمس أعداء لها، بل ووضعت ملايين الدولارات لمن يدلى بمعلومات عن هؤلاء «التكفيريون الجدد!» اليوم صاروا أصدقاء لواشنطن وإن شئنا الدقة صاروا عملاء بالإيجار لها ووافقوا على أن تبنى لأمريكا قواعد عسكرية فى بلادهم.. فأين كانت الغيرة على دينهم وحماستهم الوطنية الزائفة بالأمس لإسقاط الحكام الوطنيين؟! مواجهة خطاب الغلو هذا.. يعد من أبرز التحديات القادمة خاصة أنه كشف خلال الفترة الماضية واتضح أنه ليس سوى «بندقية للايجار» وأنه مجرد أداة فى أيدى واشنطن وتل أبيب، لقد كشفتهم التجربة وعلى الأزهر أن يتقدم بدوره الوطنى المحافظ على «الدولة الوطنية» والمناهض للظلم والاحتلال والمؤيد للحق خاصة فى فلسطين المحتلة، والداعى إلى الاعتدال، وإلى فقه المواطنة، ونحسب أن الأزهر هو «القوة الناعمة» الأكبر لمصر عربياً وعالمياً، وهى قوة تستند إلى موروث وتاريخ كبير، ينبغى العودة إليه وتأمله، ثم السعى لاستكماله، سواء على مستوى التصدى لمخططات التقسيم والفتن التى تحركها بعض العواصم والأجهزة الغربية أو مستوى الخطاب الإسلامى المستنير الذى تحتاجه غالب بلادنا العربية اليوم فى مواجهة «داعش العربية وداعش العبرية» وهما وجهان لحقيقة تاريخية واحدة!.









