لم تأت الإشادة العالمية بالنجاحات التى تحققها الشرطة المصرية من فراغ بل جاءت بناءً على معطيات مشهودة وملموسة فى كافة المجالات التى تعمل بها جميع قطاعات وأجهزة وزارة الداخلية خاصة على ضوء الأوضاع الداخلية التى تتعرض لها البلاد حالياً.
ولعل موقف وزارة الداخلية خلال الفترة الحالية التى تشهد الانتخابات البرلمانية الجديدة خير دليل على مدى جديتها وحرصها على أن تتم بحيادية دون أى تدخل منها حفاظاً على إيصال رسالة واضحة لاتقبل التأويل مفادها إنه لن يسمح لأحد بتشويه إرادة المصريين أوالاتجار بأصواتهم ولن يترك مجال للتلاعب أو التدخل فى مســـار العمليــة الانتخابيــة خاصــة بعد تدخل السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى شخصياً بشأن ماشهدته بعض الدوائر الانتخابية من أحداث ومخالفات وضغوطات من بعض الأحزاب الكبيرة للتأثير على بوصلة العملية الانتخابية حيث تم إلغاء الانتخابات فى 49 دائرة من أصل 70 دائرة فى المرحلة الأولى للانتخابات وهو رقم لافت يعكس حجم الاختلالات التى وقعت وكأن الرئيس قد أستشعر مبكراً ما يمكن أن ينفجر لاحقاً إذا لم يتم ذلك التحرك الحازم.
وقد انعكس الفيتو الذى اتخذه السيد الرئيس على انتخابات المرحلة الثانية بشكل إيجابى وملحوظ على أسلوب إدارة اللجان الانتخابية وتلاشى التأثير القوى للأحزاب الرئيسية الأربعة وهى مستقبل وطن والجبهة وحماة الوطن والشعب الجمهورى حيث رأينا العديد من المرشحين المستقليين قد حققوا نجاحات ملموسة أو على الأقل نجحوا فى الدخول لمراحل الإعادة بينهم وبين أعضاء الأحزاب المشار إليها.. حيث تصدت أجهزة وزارة الداخلية لأى محاولات تلاعب أو تأثير أو إغراء بأى شكل من الأشكال للتأثير على إرادة الناخبين حيث انتشرت قوات الشرطة فى كل دائرة انتخابية على مستوى المراكز والمحافظات وكانت تتحرك وتحقق وتضبط أى مخالفة تؤثر على منظومة العملية الانتخابية مؤكدة على أن حماية صوت المواطن هو أولوية لا يمكن التهاون فيها وأن الدولة تسير بثبات نحو انتخابات نزيهة تعبر عن إرادة الشعب وحده.. وهنا أشير إلى تلك الجهود التى قامت بها أجهزة الشرطة والتى أسفرت عن ضبط العديد من الوقائع التى حاول خلالها بعض الأشخاص استغلال العملية الانتخابية بتقديم مبالغ مالية أو القيام بدعاية غير مشروعة لحث المواطنين على اختيار مرشحين بعينهم فى عدد من المحافظات منها على سبيل المثال محافظة سوهاج حيث نجحت فى إحباط محاولة توزيع مبالغ مالية بمحيط إحدى اللجان الانتخابية بمركز طهطا وتم ضبط مرتكبى المخالفة وكذلك ضبط ثمانية أشخاص بمركز طما كان بحوزتهم بطاقات مواطنين ومبالغ مالية بهدف التأثير على توجهات التصويت.. وفى محافظة قنا تم ضبط شخصين يجمعان صور بطاقات الرقم القومى ويقومان بتوزيع مبالغ مالية على الناخبين وكذلك ضبط سيدة بمركز قوص تقوم بذات النشاط إضافة إلى أعداد أخرى بنفس المحافظة وهو ما ترتب عليه إعادة الانتخابات فى جميع مراكز المحافظة دون استثناء.. وفى الإسكندرية كشفت التحريات حقيقة مقطع فيديو متداول يزعم تلقى مواطنين مبالغ مالية مقابل التصويت وتبين أن القائم بتصوير الفيديو حرض الأشخاص الظاهرين فيه على الادعاء بما يخالف الحقيقة بهدف التشكيك فى العملية الانتخابية.. كما تم ضبط شخص آخر يقوم بتوزيع كوبونات غذائية على الناخبين مقابل التصويت لمرشحين بدائرة قسم الرمل.. كما تم ضبط أعداداً أخرى تقوم بنفس التصرفات التى تقع تحت طائلة القانون فى العديد من الدوائر والمحافظات الأخرى والتى بذلت فيها أجهزة وزارة الداخلية جهوداً كبيرة فى القيام بضبطهم وتقديمهم للنيابة لاتخاذ اللازم بشأنهم.
إن ما يعنينى هنا هو الحديث عن دور أجهزة وزارة الداخلية فى ضبط أداء العملية الانتخابية بكل حسم وشفافية دون الدخول فى تفاصيل الانتخابات وما شابها من تجاوزات واستغلال للمال السياسى.. فكل هذه أمور أعتقد أن تدخل السيد الرئيس قد كشفها وحسمها ووضع كل جهة وهيئة أمام مسئوليتها وضميرها بعدما شابت تصرفات الأحزاب المختلفة وبعض المرشحين شبهات تضعهم تحت طائلة المساءلة القانونية.
لقد تحملت وزارة الداخلية ذلك الأداء المضطرب للبعض والتصريحات المتبادلة بين مختلف الجهات حول من يتحمل المسئولية والصراعات المعلنة بين بعض الأحزاب واتهامها بالتزوير والمحسوبية وسوء الاختيارات إلى أن تدخلت المحكمة الإدارية العليا وحسمت تلك المساجلات والمشاحنات وكشفت الغطاء عن حجم هذا التخبط والحكم بإلغاء الانتخابات فى عدد كبير من الدوائر الانتخابية بل وفى أكثر من محافظة بالكامل.. وهنا كان الدور والحِمل الثقيل التى تحملته وزارة الداخلية على عاتقها فى أطول عملية انتخابية شهدتها الدولة المصرية منذ بدء العمل البرلمانى سواء فى مجلس النواب أوالشيوخ وهو الأمر الذى كان له أكبر الأثر على ذلك الجُهد الكبير الذى قامت به أجهزة الشرطة دون أن يشعر أحد بمقدار هذا الجُهد وذلك العطاء.
ووسط تلك الجهود التى تبذلها الوزارة لتحقيق أكبر قدر من العدالة والشفافية التى يسعى المواطن العادى إلى الاطمئنان إليها والوثوق بها نجد نجاحاً آخر حققته وزارة الداخلية متمثلة فى قطاع الإعلام والعلاقات الذى صعد بالصفحة الرسمية للوزارة إلى المركز الثانى عالمياً بين الحسابات الحكومية الأعلى أداءً بعد صفحة البيت الأبيض الأمريكى مباشرة وهذا ليس مجرد خبر عادى فى عالم الأرقام بل هو دليل يعكس مدى حرص الوزارة على نشر الحقائق بكافة تفاصيلها بشكل أدى إلى ثقة المواطن فيما تنشره وكذلك يحدث تحولاً كبيراً فى أسلوب عرض إنجازات الوزارة والأخبار التى تهم رجل الشارع وأيضاً إلى مواجهة الشائعات ودرء الفتن ومواجهة تلك المقاطع والمنشورات المضللة والمتعلقة بقضايا أمنية سواء بالتحليل أو التصحيح لضمان وصول الصورة الحقيقية والدقيقة بصورة سريعة وواضحة وهو مجهود لو تعلمون كبير خاصة إنه يتم بسرعة وبشكل غير مرئى وهو ما منح صفحة الوزارة ثِقل وثقة كبيرة وحولها إلى مصدر أول للمعلومات الأمنية ليس فقط فى مصر بل لوسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية.
إن ما تقوم به أجهزة وزارة الداخلية خلال الفترة الحالية تحديداً يستلزم أن يكون محل تقدير لجميع العاملين بها بدءاً من السيد وزير الداخلية وصولاً إلى أحدث الدرجات الوظيفية بها خاصة أن الجميع بات يعرف مسئولياته وواجباته خلال تلك الفترة الصعبة التى تمر بها البلاد وهى فترة ليست خافية على أحد.. ومن هنا فإن ضبط وانضباط الشارع المصرى أصبح ضرورة ملحة ومهمة ثقيلة تتحملها الشرطة المصرية دون كلل أوشكوى وهو ما انعكس على تحجيم الجرائم والمشاكل فى الصعيد والمحافظات الحدودية وكذلك توجيه الضربات الاستباقية سواء للخلايا الإرهابية الكامنة أو إلى تجار السلاح والمخدرات.
وأخيراً ها هى تسيطر وتتعامل مع العملية الانتخابية بكل ما فيها من منافسات عائلية وقبلية وإغراءات مالية وسيطرة حزبية بكل الحزم والحسم تحقيقاً للمناخ المستقر والآمن الذى نأمل أن يسود البلاد دائماً بإذن الله.









