شارك رئيس جمهورية كازاخستان قاسم جومارت توقايف، في المنتدى المخصص للسنة الدولية للسلام والثقة، واليوم الدولي للحياد، والذكرى الثلاثين لإعلان الحياد الدائم لتركمانستان.
في مستهل كلمته، قدّم الرئيس الكازاخي التهنئة إلى الزعيم الوطني للشعب التركماني قربانقلي بردي محمدوف، وإلى الرئيس سردار بردي محمدوف، بمناسبة مرور 30 عاماً على حياد تركمانستان الدائم، مؤكداً أن السياسة المتوازنة التي تنتهجها عشق آباد ساهمت بصورة ملموسة في تعزيز الاستقرار والتنمية المستدامة عبر القارة الأوراسية.
وأشار الرئيس إلى أن المقترحات التي طُرحت خلال أعمال المنتدى تعكس من جديد القيمة الإيجابية لمبدأ الحياد في القرن الحادي والعشرين، موضحاً أن “الحياد الإيجابي لتركمانستان متجذر بشكل طبيعي في التقاليد الثقافية والقيم الروحية العريقة للشعب التركماني”.
واستشهد توقايف بكلمات المفكر والشاعر التركماني الكبير مختومقلي فراغي: “حيثما يسود السلام تزدهر الدولة، وحيثما يترسخ العدل تنمو الثقة”، مؤكداً أن أفكار هذا المفكر الإنساني لا تزال ملائمة تماماً لواقع العالم المعقد اليوم.
دعوة جديدة لإصلاح الأمم المتحدة
وأعرب الرئيس عن تقديره لمبادرة عشق آباد لإعلان السنة الدولية للسلام والثقة، والتي أقرّتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، لافتاً إلى أن كازاخستان كانت من أوائل الدول الداعمة لها، نظراً لمحورية السلام والثقة في سياستها الخارجية.
وقال إن المجتمع الدولي يشهد تراجعاً خطيراً في الثقة المتبادلة، وتآكلاً في أسس القانون الدولي، وتراجعاً في فاعلية المؤسسات متعددة الأطراف، وعلى رأسها الأمم المتحدة. وأضاف:
“من دون استعادة التوازن الاستراتيجي وبناء نظام دولي عادل، ستظل مفاهيم الاستقرار والأمن مجرد شعارات في المحافل الدولية”.
وجدد الرئيس الكازاخى دعوته لإصلاح المنظمة الدولية، بما يشمل توسيع عضوية مجلس الأمن وتعزيز دور الجمعية العامة، كاشفاً عن طرحه خلال الدورة الـ80 للجمعية العامة مبادرة تشكيل “مجموعة الدول المتفقة في الرؤى” لتقديم مقترحات محددة بشأن إصلاح منظومة الأمم المتحدة.
ترحيب بجهود تسوية الأزمة الأوكرانية
وأكد توقايف أهمية تحلي القوى الكبرى بالإرادة السياسية ودعوة الدول الأعضاء إلى حوار شامل، مشيراً إلى دعم بلاده لمبادرة إنشاء “جامعة الأمم المتحدة للسلام والحياد”.
مؤكداً أن “كازاخستان ترحب بالتقدم في المفاوضات حول الأزمة الأوكرانية، والمناقشات الجارية بشأن بنود اتفاق سلام بعد اللقاء الأخير بين رئيسي روسيا والولايات المتحدة، ما يفتح نافذة جديدة نحو تسوية طال انتظارها”.
اتفاقات أبراهام وموقف ثابت من القضية الفلسطينية
وأعلن توقايف أن انضمام بلاده إلى اتفاقات أبراهام يأتي من منطلق حرص كازاخستان على الإسهام في استقرار الشرق الأوسط، مجدداً دعم بلاده لإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كشرط أساسي لإنهاء الأزمة الممتدة في المنطقة.
كما وصف “إعلان السلام” بين أذربيجان وأرمينيا بأنه خطوة تاريخية تفتح آفاقاً واسعة للتعاون إقليمياً ودولياً، آملاً في الإسراع بتوقيع معاهدة سلام شاملة تضمن الاستقرار في جنوب القوقاز.
دعم مستمر لأفغانستان وتعزيز الحوار بين الحضارات
وأكد الرئيس ضرورة مواصلة دعم أفغانستان، مشيراً إلى دور “مركز الأمم المتحدة الإقليمي لأهداف التنمية المستدامة في آسيا الوسطى وأفغانستان” في ألماتي. كما نوّه بالدور الفعال لآلية “السيكا” في تعزيز الأمن والاستقرار.
واستعرض توقايف مبادرة “حركة من أجل السلام” التي أطلقتها كازاخستان خلال مؤتمر قادة الأديان في أستانا، بوصفها دعوة عالمية لوقف العنف واعتماد الحلول السلمية.
نمو اقتصادي قوي وتطوير شبكات النقل الإقليمية
ولفت الرئيس إلى أن اقتصاد آسيا الوسطى يحقق نمواً مستقراً رغم التحديات العالمية، معلناً أن نمو اقتصاد كازاخستان سيتجاوز 6% هذا العام، وأن الناتج المحلي سيتخطى 300 مليار دولار، فيما سيرتفع نصيب الفرد من الناتج إلى أكثر من 15 ألف دولار.
وأكد اهتمام بلاده بتطوير “الممر العابر لبحر قزوين”، وتحديث البنية التحتية البرية والبحرية والسككية بهدف إنشاء شبكة “نقل بلا عوائق” وتعزيز الربط بين الشرق والغرب والشمال والجنوب.
تفاقم أزمة المياه وتدهور بيئة بحر قزوين
وشدد رئيس كازاخستان على أن الأمن المائي بات أولوية استراتيجية، داعياً إلى تعاون إقليمي عاجل لمواجهة شح المياه، وحماية بيئتي بحر آرال وبحر قزوين.
وقال إن استمرار انخفاض منسوب بحر قزوين قد يؤدي إلى عواقب بيئية واقتصادية وسياسية خطيرة، كاشفاً عن مبادرة بلاده لإطلاق برنامج حكومي مشترك لمنع تدهور النظام البيئي للبحر، وداعياً المجتمع الدولي لدعم هذه الجهود.
إنشاء منظمة دولية للمياه
واقترح الرئيس تأسيس “منظمة دولية للمياه” ضمن منظومة الأمم المتحدة، لتوحيد الأدوار المتناثرة للهيئات الأممية المعنية بالمياه، مشيراً إلى نية كازاخستان إطلاق مشاورات دولية حول الفكرة خلال قمة بيئية في أستانا العام المقبل.
وفي ختام كلمته، أعرب توقايف عن ثقته بأن منتدى عشق آباد سيسهم في تعزيز الشراكات البناءة بين الدول المعنية، ويدفع الجهود الدولية نحو بناء نظام عالمي يقوم على العدالة والثقة المتبادلة.









