الرجولة وصف اتفق العقلاء على مدحه والثناء عليه، ويكفيك إن كنت مادحا أن تصف إنسانا بالرجولة، أو أن تنفيها عنه لتبلغ غاية الذم.. وقد تطلق الرجولة ويراد بها وصف زائد يستحق صاحبه المدح.. فالرجولة تعنى القوة والمروءة والكمال، وكلما كملت صفات المرء استحق هذا الوصف، وقد وصف الله بذلك الوصف أشرف الخلق فقال: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِم منْ أَهْلِ الْقرَى». فهى صفة لهؤلاءالكبار الكرام الذين تحملوا أعباء الرسالة وقادوا الأمم وهى صفة أهل الوفاء مع الله «مِنَ الْمؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقوا مَا عَاهَدوا اللَََّّه عَلَيْهِ» الرجولة وصف يمس الروح والنفس والخلق أكثر مما يمس البدن والظاهر، فرب إنسان أوتى بسطة فى الجسم وصحة فى البدن يطيش عقله فيغدو كالهباء، ورب عبد معوق الجسد قعيد البدن وهو مع ذلك يعيش بهمة الرجال. فالرجولة مضمون قبل أن تكون مظهرًا، فإن أكثر الناس تأسرهم المظاهر ويسحرهم بريقها، فمن يجلونه ويقدرونه ليس بالضرورة أهلا للإجلال والتوقير. كثيرون هؤلاء الذين يحبون أن يمتدحوا بوصف الرجولة ولكن لا يسعفهم رصيدهم منها فيلجأون إلى أساليب ترقع لهم هذا النقص وتسدلهم هذا الخلل، ومن هذه الأساليب محاولات إثبات الذات: التى غالبا ما يلجأ إليها ضعاف النفوس وعديمو الرؤية، إن أكمل الناس رجولة كان أحلم الناس وأرفق الناس بالناس مع هيبة وجلال لم يبلغه غيره- صلى الله عليه وسلم- والحق أن الإنسان الذى يملك مقومات الرجولة ليس بحاجة إلى تصنعها أوإقناع الآخرين بها، فما لم تنطق حاله بذلك، وما لم تشهد أفعاله برجولته فالتصنع لن يقوده إلا إلى المزيد من الفشل والإحباط. إن الرجولة نعت كريم لا يستحقه الإنسان حتى يستكمل مقوماته ومن هذه المقومات الإرادة وضبط النفس ، وأول ميدان تتجلى فيه الرجولة أن ينتصر الإنسان على نفسه الأمارة بالسوء وإذا كان كل الناس يحسن الغضب والانتقام للنفس عند القدرة إلا أن الذى لا يجيده إلا الرجال هو الحلم حين تطيش عقول السفهاء، والعفو حين ينتقم الأشداء، والإحسان عند القدرة فاستحقوا المدح من الله }والكَاظِمِين َالْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّه يحِبُّ الْمحْسِنِينَ».
وأخيراً فإن الرجولة تعنى بذل الندي، وكف الأذي، والتحلى بالفضائل، والتواضع والكرم، وسلامة الصدر، والصبر، والشجاعة، والعفة، وغض البصر والعدل، والحياء، والإيثار، والصدق، والإحسان، وتصرفات الرجال لابد ان تكون قائمه على سماحة النفس وصفائها ورجاحة العقل واتزانها والابتعاد عن الحقد والغل ومرارهما وان يكون دستور الرجال هو الحب والصدق والود والصفاء بلا مقابل ودون شروط.. وأن يكون احترام الذات واحترام الغير من الثوابت فى تكوين الشخصية. ان قيم الرجولة وثوابتها تستدعى منا جميعا أن نكون على قدر المسئولية وان نتحلى بالصدق والاخلاص والوفاء بالعهود مهما كان الثمن فلا يمكن ان يكون للرجولة مقابل ولا يمكن أن تكون سلعة قابلة للتفاوض وصولاً لاعلى سعر. فبالرجولة ترفع أو تذل أقوام وتدخل الأمم التاريخ. إن صناعة الرجال تحتاج الى منظومة متكاملة نابعة من قيم المجتمع راسخة فى وجدان البشر مستهدفة بناء مجتمع فاضل تحكمه قيم وتصرفات الرجال وتكون عنوانا لمواقفهم. شكراً فخامة الرئيس على حرصكم على الحفاظ على اسم وسمعة الدولة المصرية التى نفخر بالانتماء اليها وحرصك على ان يكون المواطن المصرى عنوانا للرجولة والإيجابية وانه لن يكون فى يوم من الأيام سلع تباع وتشترى بل هو قيمة وطنية وإنسانية عظيمة عظمة الدولة المصرية وعنوانا دائما للكرامة والعزة.. حفظ الله مصر وحما شعبها العظيم وقائدها الحكيم









