انسحابات واعتذارات مرفوضة.. و«الهيئة الوطنية» تعيد ترتيب المشهد
تشهد مصر اليوم وغداً واحدة من أكثر الجولات الانتخابية إثارة منذ انطلاق ماراثون انتخابات مجلس النواب 2025، بعد أن عادت 30 دائرة انتخابية فى 10 محافظات إلى صناديق الاقتراع بقرار من المحكمة الإدارية العليا، التى قضت ببطلان نتائج هذه الدوائر وإعادة العملية الانتخابية كاملة فيها ، وتأتى هذه الجولة بعد انتهاء انتخابات المصريين فى الخارج، واستكمالاً لمرحلة دقيقة فى مسار انتخابى اتسم بالتقلبات والمفاجآت وعودة مرشحين سبق أن أعلنوا انسحابهم قبل أن ترفض الهيئة الوطنية للانتخابات اعتذاراتهم.
وقبل ان تفتح اللجان الانتخابية أبوابها فى المحافظات العشر، بدا واضحاً أن هذه الجولة تحمل طابعًا مختلفًا عن كل ما سبق، ليس فقط بسبب كثرة عدد الدوائر المعادة، بل أيضا بفعل طبيعة المنافسة، والتبدلات التى شهدتها التحالفات الانتخابية، وعودة الحياة إلى دوائر شهدت تنافسًا محتدمًا قبل إلغائها وعودتها للصفر مرة أخري، ويؤكد المراقبون أن هذه الجولة ستكون فاصلة فى رسم الخريطة السياسية الجديدة داخل البرلمان المقبل، وقد تحمل مفاجآت أكبر مما ظهر فى جولة الإعادة التى أجريت بالدوائر الـ 19 التى ألغتها الهيئة الوطنية قبل أيام.
تعود هذه الجولة إلى سلسلة من الطعون الانتخابية التى وصلت إلى المحكمة الإدارية العليا، ليصدر القضاء حكماً بإلغاء نتائج 30 دائرة، مما فتح الباب أمام إعادة كاملة للاقتراع بين جميع المرشحين، هذا القرار أعاد المرشحين إلى نقطة البداية، لكنه وضع الناخبين وبينهم قبائل وعائلات وقوى حزبية أمام جولة جديدة تختلف فى ظروفها وحساباتها عن الجولة السابقة.
وقد تزامن ذلك مع انتهاء عملية تصويت المصريين بالخارج، التى جرت بهدوء نسبي، ورغم أن المشهد الانتخابى بطبيعته متغير، فإن إعادة 30 دائرة بصيغتها الكاملة خلق حالة من الارتباك بين المرشحين، خاصة الذين أعلنوا انسحابهم من السباق قبل أن ترفض الهيئة الوطنية للانتخابات قبول اعتذاراتهم أو تنازلاتهم كونها جاءت بعد الموعد القانونى المحدد، هذا الرفض دفع عدداً من المرشحين إلى إعلان عودتهم إلى السباق، وإثارة حالة من الجدل داخل الشارع الانتخابي، خصوصاً فى دوائر مثل الجيزة والدقى والعجوزة و6 أكتوبر، وسنوريس بالفيوم، والدلنجات بالبحيرة.
ورغم أن بعض هؤلاء المرشحين كانوا قد أنهوا حملاتهم، فإن عودتهم إلى السباق بموجب القانون جعلتهم يستأنفون نشاطهم الانتخابى سريعاً، لتعود الأجواء للاشتعال من جديد فى دوائر كانت المنافــسة فيـــها قـــوية منذ الجولة الأولي.
لم تكن المفاجآت قاصرة على الدوائر الـ 30 التى تجرى فيها الانتخابات اليوم وغدا بل إن الدوائر الـ 19 التى ألغتها الهيئة الوطنية للانتخابات سابقاً قبل أن تجرى فيها جولة إعادة شهدت نتائج مختلفة جذرياً عما قبل الإلغاء، فقد تغيّرت الأرقام، وتبدلت خريطة التصويت، وخرجت أسماء كانت مرشحة لحسم المقاعد، بينما صعد آخرون كانوا خارج دائرة التوقعات.
هذا التغيّر يؤكد أن قرار الإلغاء وإعادة التصويت أحدث صدمة إيجابية لدى الناخبين، الذين عادوا إلى صناديق الاقتراع بحسّ أعلى من المسؤولية، مدفوعين بوعى متزايد بضرورة المشاركة والإدلاء بصوت حقيقى يعكس رغباتهم بعيدا عن التجاوزات التى شابت بعض الدوائر قبل الإلغاء.
كما شهدت بعض المحافظات تحولات لافتة، إذ أظهرت جولة الإعادة قوة جديدة لمجموعات شبابية ووجوه مستقلة تجاوزت تعقيدات المال السياسي، لتفرض حضوراً أكبر فى المشهد الانتخابي، وهى مؤشر على تغير المزاج العام فى بعض الدوائر
وبينما يواصل المرشحون سباق الساعات الأخيرة، تبقى الكلمة النهائية فى يد الناخب الذى يملك وحده سلطة إعادة تشكيل البرلمان المقبل عبر صناديق الاقتراع.









