شهدت البورصة المصرية خلال الفترة الأخيرة أداءً قويًا يعكس تحسن الثقة فى السوق المحلى وحركة شرائية نشطة من المستثمرين. و استفاد السوق من تحسن المؤشرات الاقتصادية وزيادة تدفقات الاستثمار، إلى جانب انتعاش قطاعات حيوية مثل السياحة والصادرات، ودعم الاستثمارات العربية والأجنبية. وأكد الخبراء أن هذا الأداء جاء نتيجة عوامل أساسية تشمل جاذبية تقييمات الأسهم وتحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، فضلاً عن دور الشركات فى تعزيز سيولة السوق واستعدادها لمراحل الطروحات الحكومية وإعادة هيكلة وتسعير الشركات.
وأشار الخبراء إلى أن السوق لا يزال يمتلك مقومات قوية للاستمرار فى الصعود خلال الفترة المقبلة، مع توقعات بأن تستمر القطاعات المتوسطة والصغيرة فى جذب السيولة، بما يعزز أداء البورصة ويحفز المستثمرين على الاستفادة من فرص النمو.
خبير أسواق المال محمد عبدالهادى يؤكد أن رأس المال السوقى للبورصة المصرية ربح ما يقارب من 112 مليار جنيه خلال شهر نوفمبر، ليصل إلى مستوى 2.880 تريليون جنيه، وهو ما يعكس قوة التحركات الشرائية وتنامى ثقة المستثمرين. كما أن المؤشر الرئيسى للبورصة المصرية سجل أعلى قمة تاريخية له عند 41,443 نقطة خلال نفس الشهر، قبل أن يغلق على ارتفاع بنسبة 6.5% عند مستوى 40,753 نقطة، بينما واصل مؤشر السبعينى أداءه القوى محققًا مستوى 12,400 نقطة فى أعلى قمة له على الإطلاق.
وأضاف أن هذه الارتفاعات الكبيرة التى شهدتها البورصة جاءت نتيجة مجموعة من العوامل الأساسية، أبرزها انخفاض مضاعف الربحية للأسهم المصرية وعودة جاذبية التقييمات، إلى جانب التحسن الملحوظ فى المؤشرات الاقتصادية بشهادة المؤسسات العالمية مثل فيتش وستاندرد آند بورز وموديز. كما ساهمت زيادة تدفقات النقد الأجنبى فى دعم السوق، نتيجة ارتفاع الواردات الدولارية من قناة السويس بعد عودة الأوضاع الجيوسياسيةإلى الهدوء إلى جانب تحسن قطاع السياحة وارتفاع تحويلات المصريين بالخارج إلى 36.5 مليار دولار، وارتفاع الصادرات غير النفطية لتقترب من 40 مليار دولار.
وأشار إلى أن تدفق الاستثمارات الخليجية كان من أهم الدعائم التى عززت الثقة ،كما شهدت قطاعات الموارد الأساسية والشركات التصديرية فى مجالات الأسمدة والبتروكيماويات إقبالًا واضحًا، بالإضافة إلى إتمام صفقات إماراتية فى شركات اللوجستيات وتداول الحاويات، وهو ما يعكس توجه المستثمرين نحو الشركات ذات العائد الدولاري.
وأوضح أن السوق يشهد فى الوقت الحالى تنفيذات يومية تتراوح بين 7 و8 مليارات جنيه، وهو ما يُعد مؤشرًا مهمًا على استعداد البورصة لمرحلة الطروحات الحكومية المنتظرة، والتى يرى أنها ستكون عاملًا رئيسيًا فى إعادة هيكلة وتسعير العديد من الشركات داخل السوق المصري. كما أكد أن نتائج أعمال الشركات المصرية والتى جاءت فى معظمها إيجابية ستكون من أهم المحركات الداعمة لاستكمال الصعود خلال الفترة المقبلة، إذ من المتوقع أن تعيد هذه النتائج تسعير أسهم الشركات بشكل يعكس قيمتها الحقيقية.
وشدد على أن خروج المستثمرين الأجانب قد يمثل أحد المخاطر المحتملة، خاصة مع توجه البنك المركزى الأمريكى لخفض أسعار الفائدة، وهو ما قد يدفع بعضهم لإعادة توجيه استثماراتهم. إلا أنه يرى أن الصناديق والمؤسسات المالية المصرية قادرة على امتصاص أى موجات تخارج محتملة من جانب المستثمرين الأجانب، بما يحافظ على استقرار السوق وعدم تأثره بشكل كبير.
وأكد أنه فى حال استقرار الأوضاع الحالية واستمرار العوامل الإيجابية، فإن المؤشر الرئيسى للبورصة المصرية قد يستهدف مستويات تتراوح بين 42 و43ألف نقطة بنهاية العام، بينما قد يحقق مؤشر السبعين أداءً أقوى ليصل إلى مستوى 13,000 نقطة، خاصة بعد الارتفاعات الكبيرة التى حققها خلال عام 2025 والتى عكست قوة أداء الأسهم المتوسطة والصغيرة واستمرار تدفق السيولة عليها.
قال خبير أسواق المال محمود ياسين إن البورصة المصرية لا تزال تتحرك فى مسار صاعد مستدام، مدفوعة بتحسن بيئة الاستثمار وتنامى الثقة فى الاقتصاد المصرى خلال الفترة الأخيرة من عام 2025. وأكد أن مؤشر EGX30 يمتلك مقومات قوية للاستمرار فى الصعود خلال الربع الأول من عام 2026، مستهدفاً مستويات تتراوح بين 42,000 و43,000 نقطة خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة، وذلك شريطة استمرار تدفقات الاستثمار الأجنبى وتقدم الإصلاحات الاقتصادية.
وأضاف أن تقييمات الأسهم المصرية لاتزال جاذبة لبناء مراكز شرائية جديدة، مشيراً إلى أن السوق يستفيد من تحسن المؤشرات الاقتصادية، وعلى رأسها ارتفاع الاحتياطى النقدى الأجنبى إلى أكثر من 50مليار دولار إلى جانب توقعات بانخفاض معدلات التضخم، الأمر الذى قد يمهّد لاتباع سياسة نقدية أكثر تيسيراً من جانب البنك المركزى فى ديسمبر 2025 أو مطلع 2026. لكنه شدد فى الوقت نفسه على إمكانية حدوث تصحيحات مؤقتة إذا اقترب المؤشر من مستوى 41,000 نقطة دون محفزات إضافية.
وتابع إن عدة قطاعات لعبت دوراً رئيسياً فى دفع السوق نحو مستوى 40,000 نقطة خلال الأشهر الأخيرة من 2025، وعلى رأسها الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات المالية، والسلع الاستهلاكية والصناعية، والأسمدة والأغذية، والتى شكلت مجتمعة نحو 60% من الارتفاعات الأخيرة، مستفيدة من معدلات نمو قوية وقدرتها على التحوط من التضخم.
كما أوضح أن العوامل الداعمة لصعود السوق تشمل عودة المستثمرين الأجانب والعرب وزيادة السيولة، إلى جانب الإصلاحات الاقتصادية والنقدية التى تعزز الثقة فى المناخ الاستثماري، بالإضافة إلى قوة القطاعات الداخلية مثل التكنولوجيا والخدمات المالية، والتى توفر حماية نسبية من تقلبات الاقتصاد العالمي.
وفى المقابل، حذر محمود ياسين من عدد من التحديات التى قد تواجه السوق، أبرزها التوترات الجيوسياسية الإقليمية والعالمية، وارتفاع التضخم رغم إشارات التحسن، فضلاً عن التقلبات فى الأسواق العالمية وأسعار الطاقة، والتى قد تضغط على الصادرات وتؤدى إلى تحركات تصحيحية.
أكدت حنان رمسيس، خبيرة أسواق المال،أن الجلسات خلال الشهر الأخير شهدت تدفقات قوية من المؤسسات المحلية، إلى جانب عمليات شراء من المستثمرين العرب والأجانب، ما ساهم فى دفع المؤشر إلى مستوى 41,000 نقطة، مدعوماً بسيولة تجاوزت فى عدة جلسات 7 مليارات جنيه.
قالت رمسيس أن قطاع العقارات شهد اهتماماً كبيراً من قبل المتعاملين، حيث استحوذ على نحو 25 % من التداولات، وفى بعض الجلسات تجاوزت حصته 36 %، بما يعادل 36 مليار جنيه. وأوضحت أن هذا يأتى فى ضوء الأخبار الإيجابية المتعلقة بالمشاركة فى مشروعات التنمية العقارية فى مصر ودول الخليج، إضافة إلى مشروعات النهضة السياحية مثل افتتاح المتحف المصرى الكبير، ما جعل القطاع يتصدر المشهد.
وقالت رمسيس إن قطاع الخدمات المالية غير المصرفية استحوذ على نحو 18 % من التداولات، لوجود شركات الدفع الإلكترونى مثل المدفوعات الفورية، ما جذب اهتمام المتعاملين وزاد من قيم التداول.
