في لحظة تتقاطع فيها المعرفة مع الإبداع، ويتواصل معها أمل الملايين حول العالم في علاجات جديدة للأمراض المستعصية والمعقدة، وتختلط أنفاس العلم بنبض الأمل، أضاءت كلية العلوم بجامعة القاهرة سماء البحث العلمي بإنجاز جديد يليق بتاريخها العريق، ويكشف بارقة أمل لمرضى الألم العضلي الليفي المزمن المعروف بـ**”الفيبروميالجيا”**. حيث أعلنت الكلية عن بحث رائد لفريق من باحثي قسم الفيزياء الحيوية وعلم الحيوان، بالتعاون مع باحثين من خارج الجامعة، تم نشره في مجلة “Life Sciences” الدولية المرموقة، التابعة لدار النشر العالمية Elsevier. وتأتي أهمية هذا الإنجاز من تصنيف المجلة ضمن (Q1) في مجالات العلوم الحيوية والصيدلانية، ذات معامل تأثير (Impact Factor) مرتفع يبلغ $5.1$ خلال عام 2025.
إشادة رئيس الجامعة
أكد د. محمد سامي عبدالصادق، رئيس جامعة القاهرة، أن نشر هذا البحث العلمي المتكامل يمثل شهادة جديدة على مكانة جامعة القاهرة وعلمائها وقدرتها على الإنتاج العلمي الذي يواكب أحدث التطورات العلمية عالمياً. وأضاف أن البحث الجديد يأتي في سياق إبداع بحثي لتقديم حلول علمية مبتكرة وجادة للتصدي لواحد من أكثر الأمراض غموضاً وتعقيداً، والذي يتسلل إلى حياة الملايين حول العالم في صمت موجع، ويظهر في متلازمة مزمنة ومعقدة تظهر بشكل أساسي في آلام واسعة الانتشار في العضلات والمفاصل والأنسجة الرخوة، مصحوبة بإرهاق شديد واضطرابات في النوم وصعوبة في التركيز، وهي حالة تُعرف باسم “ضباب الفيبرو“.
أضاف رئيس الجامعة أن هذا الفريق البحثي يمثل جيلاً من العلماء القادرين على حمل راية البحث العلمي نحو آفاق أوسع، تتجدد معها ريادة جامعة القاهرة من خلال العديد من الإنجازات العلمية التي تفتح أبواب المعرفة ونوافذ جديدة للأمل في ترويض العديد من الأمراض المستعصية، وتخفيف آلام المرضى، وتحويل الألم إلى أمل، والخيال العلمي إلى واقع ينتظر لحظات ودراسات اكتماله.
المقاربة العلاجية المبتكرة
من جانبها، أوضحت د. سهير رمضان فهمي، عميدة كلية العلوم، أن فريق البحث العلمي قاده الدكتور هيثم شرف الدين، وشاركه كل من الدكتور أيمن صابر، والدكتور عبده كمال، والدكتور أحمد العبد، إلى جانب الباحثة نورهان الخولي، طالبة الدكتوراه.
وقد توصل الفريق إلى نتائج ستُحدث ثورة في التصدي للمرض وتستحق الاحتفاء العالمي، حيث قدَّم الفريق مقاربة علاجية تجريبية مبتكرة ورائدة من قلب الخلية ذاتها، اعتمدت على مفهوم نقل الميتوكوندريا السليمة (Exogenous Mitochondria)، التي تُعد بمثابة “مصانع الطاقة” في الخلية. استهدف النقل تعويض الخلل الخلوي وتقليل الإجهاد التأكسدي المُصاحب للمرض، ما أدى إلى تحسّن ملحوظ وإيجابي في الاستجابات العصبية والسلوكية المرتبطة بأعراض “الفيبروميالجيا”. وتفتح هذه النتائج باب الأمل في المستقبل أمام آفاق واعدة لتطوير علاجات تجديدية (Regenerative Therapies) تعتمد على استهداف الخلل الميتوكوندري مباشرةً في المستقبل.
نبذة عن مرض الفيبروميالجيا
جدير بالذكر أن مرض “الفيبروميالجيا” يؤثر على جودة حياة الملايين حول العالم بسبب آلامه الواسعة وإرهاقه المزمن وصعوبة علاجه. كما لا يزال يحيط باكتشافه وتشخيصه أجواء من الصعوبة، وقد يتحول إلى ألم غامض يخفي أسرار وأعراض الإصابة به، ولا يزال يفتقد وجود اختبارات معملية قاطعة لتشخيص الإصابة به. ويحيط به غموض يجعل أي خطوة بحثية جادة بمثابة شعلة تضيء دروب المجهول، وهو ما حققه البحث العلمي الجديد للفريق البحثي بكلية العلوم بجامعة القاهرة.









