تنظم وزارة البيئة، بالتعاون مع المجتمع المدني وشركاء التنمية، مبادرات وحملات للحد من التلوث، من أجل مستقبل مستدام. وقد نجحت مبادرات المجتمع المدني في إطلاق برامج تدريبية وحملات توعوية تهدف إلى فصل المخلفات من المنبع، وتقديم حوافز تشجيعية للمواطنين، مثل النقود أو السلع التموينية، مقابل ما يقومون بتجميعه من عبوات بلاستيكية وكرتونية لإعادة تدويرها، لما لهذه الممارسات من أهمية كبيرة في تعزيز الشراكات البيئية المستدامة والاقتصاد الدوّار.
وقد أطلقت وزارة البيئة، من خلال جهاز تنظيم إدارة المخلفات، وبالشراكة مع عدد من شركات القطاع الخاص الرائدة عالمياً في تعبئة الأغذية، أول حملة لإعادة تدوير العبوات الكرتونية المستخدمة (UBC) في مصر، تحت شعار “دور العلبة تدورلك”. وتهدف هذه الحملة إلى تشجيع المشاركة الفعالة في عملية إعادة التدوير وزيادة الوعي العام بأهميتها.
تولي وزارة البيئة، من خلال جهازها لتنظيم إدارة المخلفات، أهمية كبرى لدعم المبادرات التي تسهم في تعزيز الاقتصاد الدائري وإدارة المخلفات بشكل مستدام. ويُمثل إطلاق هذه الحملة خطوة نوعية في مسار التحول نحو التنمية المستدامة وتنفيذ رؤية مصر 2030. وتُقام الحملة تحت شعار “افصل، جَمِّع، دَوِّر”، وهو ما يعكس جوهر رسالتها في تمكين المواطن ليكون شريكاً أساسياً في حماية البيئة.
تسعى وزارة البيئة من خلال هذه المبادرات إلى تحفيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، ودعم الممارسات المستدامة التي تسهم في الحد من التلوث، وتحويل المخلفات إلى موارد ذات قيمة اقتصادية. كما أنها تُقدم نموذجاً عملياً للتعاون الناجح بين الدولة والقطاع الصناعي الخاص.
وفي منتصف عام 2024، تم إطلاق خط لإعادة تدوير العبوات الكرتونية بالتعاون بين شركتي تتراباك ويونيبورد، وهو الأول من نوعه في مصر وأفريقيا بطاقة تتجاوز 8 آلاف طن سنوياً. ومنذ بدء تشغيله، تم جمع 4,000 طن من العبوات الكرتونية وإعادة تدويرها وتحويلها إلى منتجات ورقية عالية الجودة، مثل علب الأدوية والمناديل ومساحيق الغسيل. ويُعد هذا الاستثمار المشترك بقيمة 2.5 مليون يورو مع يونيبورد، الذي يمثل المصنع الوحيد في مصر القادر على إعادة تدوير العبوات على نطاق واسع، إنجازاً نوعياً وعلامة فارقة في مسيرة الاستدامة.
وخلال مؤتمر COP27، تم إطلاق أول ميثاق مصري لإعادة تدوير العبوات الكرتونية المستخدمة لتوحيد جهود القطاعين العام والخاص، جنباً إلى جنب مع منظمات المجتمع المدني، بهدف بناء بنية تحتية متكاملة لإعادة التدوير وتعزيز الاقتصاد الدائري، وبما يتماشى مع الاستراتيجية العالمية “Doing Better Everyday” الهادفة إلى تعزيز أنظمة الغذاء المستدامة، وتطوير قدرات إعادة التدوير، وخلق قيمة بيئية واقتصادية طويلة الأمد لمصر.

آراء الخبراء والمسؤولين
أوضح الدكتور المحمدي عيد، رئيس أول جهاز لشؤون البيئة في مصر وعضو مجلس الشيوخ الأسبق، أن تنظيم إدارة المخلفات بوزارة البيئة وحملات ومبادرات الفصل من المنبع تُمثل تجارب رائدة في مجال البيئة. وأشار إلى أن إعادة التدوير وإعادة الاستخدام والدفن الصحي هي أحد طرق معالجة المخلفات، ما يساعد الدولة في توفير مليارات تُنفق على كيفية التعامل مع المخلفات ومعالجتها، كما أنها تُدر دخلاً على المواطن وتجعله صديقاً للبيئة ومتفاعلاً معها.
ومن جانبه، أكد الدكتور حمدي حسانين، عميد كلية التكنولوجيا الحيوية بجامعة ميريت والخبير البيئي والمناخي، أن هذه المبادرات تُمثل خطوة هامة لدعم مستقبل مستدام. ويُبرز النهج المتكامل لهذه المبادرة رؤية مشتركة نحو الاستدامة، وتعزيز السلوك الاستهلاكي المسؤول. كما أنها تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق أهداف مصر الوطنية في التنمية المستدامة والاقتصاد الدائري، الذي يحترم الموارد ويخلق فرصاً خضراء بتحويل التحديات البيئية إلى فرص اقتصادية للأجيال القادمة. كما أن التوسع في مثل هذه المبادرات يدل على مدى استجابة المواطنين لهذا الواجب تجاه الوطن من أجل تحقيق رؤية 2030، وخلق أثر بيئي واقتصادي حقيقي يعكس ريادة مصر في المنطقة، لأن ما يتم تجميعه يُعاد تدويره لإنتاج صناعات أخرى مستدامة.
وطالب حسانين بمزيد من تدريب المواطنين من قبل مؤسسات المجتمع المدني، ومزيد من التوعية بوسائل الإعلام، حتى يصبح فصل المخلفات ثقافة لكل مواطن فعال يحافظ على البيئة ويستثمر موارده أفضل استثمار يُدر عائداً مادياً عليه بدلاً من التخلص بطريقة تُلوث البيئة.













